| أفاق اسلامية
* طرابلس خاص ب «الجزيرة»:
حذر رئيس جمعية الإصلاح الإسلامية في طرابلس ومدير معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية في لبنان الشيخ محمد رشيد الميقاتي من الحرب الاقتصادية الرهيبة التي تتعرض لها الأمة الإسلامية اليوم، وقال: إن هذه الحرب لاتقل خطورة عن الحرب العسكرية والحرب السياسية.
ولفت فضيلته في حديث خاص ل «الجزيرة» إلى أن المسلمين في كثير من مرافق المجتمع اللبناني، والعربي، والإسلامي يعانون من الفقر، ومن الجهل، ومن المرض والأزمات ولابد من إيجاد الحلول لهذه الأزمات التي يواجهونها، مؤكداً انه بالتعاون والتضامن بين المسلمين ستحل هذه المشاكل بإذن الله وتتحقق العدالة الاجتماعية والرخاء لجميع المسلمين، معرباً في ذات الوقت عن تفاؤله بأن المستقبل لهذا الدين العظيم، وأن هذه الأمة لابد أن تنهض بإذن الله من كبوتها وتصحو من غفلتها، وتتوحد جهود العاملين فيها لخدمة هذا الدين.
ونبه في هذا السياق إلى ضرورة إقامة المشاريع الاقتصادية الاستثمارية التي تشغل اليد العاملة في مختلف البلاد الإسلامية من جهة ويعود ريعها لخدمة هذه المؤسسات والمشاريع الخيرية والتربوية والصحية والتعليمية من جهة أخرى.
وبين الشيخ الميقاتي أن الوقف الإسلامي من السنة النبوية، وهو عمل طيب وخير ويعود ريعه ونفعه إلى الجهات الإسلامية التي تعمل لخدمة هذا الدين العظيم على مر الأجيال، فالآباء والأجداد لم يبخلوا على دينهم ولا على أمتهم فأوقفوا أملاكاً وعقارات كثيرة ولكن مع الأسف في كثير من هذه البلدان حصل إهمال وحصل تقصير وحصل تهاون وضاعت بعض الأملاك حين تسلط عليها بعض من لايخافون الله عزوجل فلم يكونوا أمناء عليها، مؤملاً أن يتنبه المسؤولون في العالم العربي والإسلامي إلى ضرورة الاهتمام بمرفق الأوقاف الإسلامية، وضرورة تنمية هذه الأوقاف ورعايتها والعناية بها، والمحافظة على أموالها لأنها أمانة في أعناقهم وسوف يسألون أمام الله عزوجل عنها يوم القيامة.
وحول زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية ولقائه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، قال الشيخ الميقاتي: إن اللقاء كان لقاءً مباركاً حيث جرى في ظلال شهر رمضان المبارك، كما كان لقاءاً حميماً لما نرى في هذا الرجل الطيب الذي هو على مستوى المسؤولية والرجل داعية إلى الله سبحانه وتعالى وهذا ما نفتقر إليه في كثير من الاخوة المسؤولين في وزارت الأوقاف في العالم الإسلامي، ولقاؤنا كان حول أوضاع المسلمين في لبنان ونشاطات المؤسسات الخيرية والتربوية والدعوية.
وفي هذا السياق، نوه فضيلته بالتجاوب الكبير الذي وجده من معالي الوزير آل الشيخ وقال: كان معاليه متجاوباً مع ما طرحناه لضرورة العمل من أجل النهوض بأوضاع المسلمين في لبنان الذي يواجه منذ زمن بعيد ظروفاً قاسية خاصة بعد الحرب اللبنانية التي امتدت لأكثر من عشرين عاماً ومازلنا حتى الآن نعاني من إفرازاتها ومن آثارها التربوية والاقتصادية والاجتماعية وقداستمعنا إلى توجيهات معاليه القيمة بخصوص الاهتمام بأملاك الأوقاف الإسلامية في لبنان، وضروة حسن استثمارها حتى تشكل مورداً جيداً للمسلمين وللمؤسسات الخيرية في لبنان، وهذا الموضوع في الحقيقة وفي هذه الظروف الصعبة موضوع حيوي مهم وبحاجة إلى متابعة مستمرة.
وقال: إن توجيه الوزير آل الشيخ إلى هذه الناحية كان مركزاً على أنه في لبنان توجد أملاك كثيرة للأوقاف الإسلامية ولكن هذه الأملاك لم تستثمر حتى الآن الاستثمار الكافي، ونصح الجميع بضرورة الاستثمار لهذه الأملاك الوقفية استثماراً جيداً، معرباً عن اعتقاده في أنه إذا ما تحقق ذلك فسوف يعود الخير الكبير للمسلمين في لبنان وفي كل البلاد الأخرى.
وأبدى الشيخ محمد رشيد الميقاتي تقديره الجم للمساعدات الكبيرة التي قدمتها ولا تزال تقدمها المملكة العربية السعودية للبنان بخاصة وجميع المسلمين بعامة، وقال: إن المملكة لم تبخل يوماً من الأيام على المسلمين في لبنان ولا في أي بلد من بلاد العالم، فكانت سباقة إلى العطاء ونحن بهذه المناسبة نوجه تحية شكر وعرفان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
وعن تقييم فضيلته للتعاون القائم والمستقبلي بين المملكة ولبنان خاصة في المجالات الإسلامية ودعم المؤسسات والجمعيات التي تهتم بشؤون المسلمين قال: إن التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين قوي ومتماسك ومطرد في النمو والتطور في جميع المجالات لاسيما في مجال نشر الدعوة إلى الله وتوجيه العمل الإسلامي، مشيراً إلى ان جمعية الإصلاح الإسلامية تهدف في رسالتها إلى صناعة أجيال مؤمنة، وكذا الجمعيات المماثلة لنا في لبنان كلها تعمل بنشاط وتعمل في جد ودار الفتوى في بيروت ترعى هذه النشاطات الخيرية.
وحول الأعمال المختلفة والخدمات التي تقوم بها وتقدمها الجمعية لأبناء الشعب اللبناني، قال الشيخ محمد الميقاتي: إن نشاط الجمعية يتركز في مجال التربية والتعليم والعمل الخيري حيث أقامت الجمعية في مدينة طرابلس منذ ثلاثة وعشرين عاماً مدرسة من مرحلة الروضة الى الابتدائي الى الثانوي وخرّجت أجيالا من هذه المدرسة والحمدلله. وأعطت أفضل النتائج التربوية والتعليمية، كما احتضنت مجموعة كبيرة من الطلاب الأيتام والمحتاجين وقدمت لهم المنح التعليمية ورعاية شؤونهم، وكان للمملكة العربية السعودية مساهمة جيدة خاصة هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في جدة التي تكفل عدداً من الطلاب الأيتام جزاهم الله تعالى كل خير. مشيراً إلى أن ثانوية الإصلاح الإسلامية في مدينة طرابلس تابعة لهذه الجمعية.
وأضاف أن الجمعية التي تأسست في عام «1398ه» «1977م»، أنشأت منذ عشرين عاماً كلية للشريعة سميت معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، وقال: إن هذه المؤسسة الجامعية هي عضو في رابطة الجامعات الإسلامية، ونحن كذلك أعضاء في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة في القاهرة، وكلية الشريعة تضم عدداً كبيراً من الطلاب من الوافدين من خارج لبنان من جنسيات أوروبية وأفريقية وأسيوية، وبدأنا بتخريج هؤلاء الطلاب الوافدين الذين عادوا إلى بلادهم لينشروا الدعوة الإسلامية ويكونوا في خدمة بلادهم.
واستطرد الشيخ الميقاتي يقول: منذ عامين فتحنا قسماً للدراسات العليا للماجستير والدكتوراه، وقسماً للقراءات وعلوم القرآن الكريم، والآن تقدمت الجمعية بطلب ترخيص تحويل هذه الكلية إلى جامعة باسم جامعة طرابلس ونأمل أن نحصل على هذا الترخيص قريباً بإذن الله تعالى مشيراً إلى أن الجمعية تنظم في فصل الصيف دورات صيفية لتعليم القرآن الكريم، إضافة إلى أنه تم إنشاء مسجد كبير مع قاعة كبيرة للمحاضرات.
وأعلن فضيلته أنه تجرى حالياً أعمال البناء في مجمع الإصلاح الإسلامي الذي يعتبر صرحاً تربوياً كبيراً في لبنان وفي المشرق على أرض تبلغ مساحتها «واحداً وعشرين ألفا وسبعمائة واثني عشر متراً مربعاً» أنفق عليه حتى الآن ما يزيد عن ثلاثة ملايين دولار ومازلنا نواصل البناء ولكن ببطء، لأن السيولة والإمكانيات النقدية ضعيفة وقليلة بسبب ظروف لبنان والاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان خلال السنوات الماضية، إلى جانب الديون التي تعاني منها الجمعية، مشيراً إلى أن متابعة بناء مشروع مجمع الإصلاح الإسلامي تحتاج إلى حوالي مليوني دولار.
وعن كيفية التوفيق ما بين استمرارية مشروعات الجمعية وما تعانيه من الديون المتراكمة.. وهل للجمعية أوقاف يمكن أن تستفيد منها في هذه المشروعات؟ أوضح فضيلة الشيخ محمد الميقاتي أن الأوقاف الموجودة حالياً للجمعية قيمتها قليلة لا تكفي لتغطية نفقات الجمعية ومنسوبيها من مدرسين وموظفين، وإذا انتهت الجمعية من مشروع بناء المجمع يمكن أن تتوجه إلى قضية الوقف وقضية الاستثمار حتى نؤمن تغطية النفقات، فالوضع عندنا في لبنان بالنسبة للعمل الخيري بالذات عمل يعاني من أزمة شديدة.
ورفع في ختام حديثه ل «الجزيرة» تحية شكر وعرفان لحكومة خادم الحرمين الشريفين ولكافة المسؤولين في المملكة، ولجميع القائمين على المؤسسات الإسلامية والإنسانية والخيرية والإغاثية في المملكة التي مدت للبنان والعالم كله كافة أوجه الدعم المادي والمعنوي، وقال: إن المملكة العربية السعودية لم تقصر مع الجميع، فليس لبنان وحده الذي مدت له المملكة يد المساعدة ولكن جميع المسلمين في أرجاء المعمورة.
|
|
|
|
|