| الاقتصادية
الإصلاح الإداري مطلب تنموي مهم في عصرتطغى فيه متطلبات التقشف والعمل النظيف على أي شيء آخر، وهناك من يقرن النجاح التنموي الاقتصادي التام بمناخ اقتصادي واداري صالح وخال من المشاريع نصف المكتملة والصفقات الوهمية والعمل من تحت الطاولات، الاصلاح الاداري ضرورة ولكن لا يخلو الأمر من منغصات،
أزمة الاصلاح تنبع أولا من أن إرضاء الناس غاية لا تدرك ثم من ان الذي يريد ان يصلح يصطدم بالذين لا يريدون أو لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب!! وتزداد العقبات أمام المصلحين عندما يرثون المشاكل ولا يخلقونها وإنما يحاولون إصلاحها او التخفيف من آثارها بنية حسنة وقلب سليم ولكنهم يصطدمون مرة أخرى بذيول صانعي المشكلة وشللهم وقواعدهم الخلفية!! ثم تصبح جهودهم وابداعاتهم محل تشكيك!!
لفت انتباهي الجدل العقيم الذي ثار حول ما قام به معالي المهندس عبدالله المعلمي أمين مدينة جدة عندما خلع ثوب المكتب وارتدى بزة عامل في مواجهة أزمة السيول المعتادة في موسم الامطار، ما صنعه الامين كان لمحة جميلة وأمينة لمواجهة مشكلة لم يصنعها ولكن قدر له ان يتعامل معها، ، كانت درسا لمن تسنموا المناصب وأصبح جل همهم البشت المزركش والكرسي الدوار ولم ينزلوا الى عمق المشاكل التي تواجه الناس حتى لو كانت امام بوابات المؤسسات التي يديرونها ولكن ممنوع الدخول!!، ، كانت نموذجاً للاصلاح الاداري الذي يرسم قدوة للناس للمعالجة والتنازل والبحث عن حلول عملية حتى لو كانت مؤقتة أو رمزية قبل ان يحرث الاوراق والملفات بحثا عن مسؤول أو كبش فداء او مشجب يعلق عليه الماء الذي بلغ الحلقوم!!
الصحف التي تناولت القصة والكتّاب الذين سكبوا ماء السخرية على الورق ورسامو الكاريكاتير الذين ركَّزوا على الجينز وتركوا فحوى الموضوع أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك اننا نعاني من أزمتين في مسألة الاصلاح الاداري: (1)التركيز على المظاهر ورؤية القشور مع التغافل عن الجوهر والحلول العملية و(2) الابداع في عدم قول أحسنت للمحسن خوفاً أن تحسب مجاملة أو قول أخطأت للمخطئ خوفا ان تحسب صيداً في الماء العكر، وستطل هاتان الازمتان (النفسيتان) برأسيهما كلما حاول مسؤول ما أن يكون عطارا ليصلح ما افسده من قبله ، ثم تظهر الأزمة الكبرى المتمثلة في حالة من السكون وقبول الامر الواقع والحد الادنى من الانجاز وهذه مدافن الاصلاح الحقيقي المستمر،
عندما ينهزم المصلح أمام منتقديه والمتفرجين عليه والطاعنين فيه، ، تتراجع وتيرة الاصلاح ويستمرالسير الروتيني البطيء بعيداً عن جذور المشاكل وخيوط الحل، ،
هناك مثل صيني مشهور يقول لأن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام، وأعتقد ان الشمعة التي أوقدها أمين جدة وهو يترك أبهة المنصب ليخوض في عمق مشكلة مياه الامطار خير من اللت والعجن ولعن أزمة السيول!!
|
|
|
|
|