|
| العالم اليوم
في انتهازية تتوافق مع الطبع اليهودي استغل ارييل شارون أحداث الحادي عشر أيلول / سبتمبر، ليفرض على الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية جملة شروط تعجيزية لتبرير عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين الذين كتب عليهم دفع ثمن أحداث بعيدة عنهم، ولأن الأوضاع الدولية والهوس الدولي المندفع حول (اليافطة) الأمريكية لمكافحة الارهاب لم يترك مجالاً للسلطة الفلسطينية للمناورة، فقد تعاملت السلطة بحكمة مع المطالب الإسرائيلية التعجيزية والتي تبنتها أمريكا وأوروبا ونفذت كل ما طُلب منها، وهو ما اعترف به الإسرائيليون أنفسهم، فقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوم الثلاثاء نقلاً عن مصادر عسكرية إسرائيلية أن الأسبوع الماضي كان الأسبوع الأكثر هدوءاً منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في ايلول / سبتمبر من عام 2000م.
هذا الهدوء الذي تؤكده المصادر العسكرية الإسرائيلية يتوافق مع الشرط التعجيزي لشارون ووزير حربه ابن اليعازر، ومع هذا فلم تصدر أي مبادرة من الجانب الإسرائيلي لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني ووقف العدوان المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي عاثت فساداً في المدن والقرى الفلسطينية التي تعرضت لهدم العديد من منازل أهاليها وتجريف مزروعاتها وتخريب طرقها حيث لا يزال المواطنون الفلسطينيون محاصرين في أحياء مدنهم التي أصبحت أشبه بالسجون، ومع هذا لم يحرك الوسطاء الدوليون ساكناً رغم الضغوط التي مارسوها على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يعتبر في حكم المحتجز في رام الله، فالوسيط الأمريكي الجنرال انتوني زيني غادر إلى بلاده بعد أن اطمأن للخطوات الأمنية الفلسطينية ونظيره الوسيط الأوروبي خافيير سولانا ولم يفلحا في اعادة ارييل شارون إلى رشده، واجباره على العودة إلى طاولة المفاوضات فضلاً عن تنفيذ ما أبرم من اتفاقيات.
هذا التلكؤ من قبل الوسطاء الدوليين وبالذات الوسيط الأمريكي سيدفع الفلسطينيين إلى الاحباط ومن ثم الغضب والانفجار، وإذا كانت السلطة الفلسطينية قد سايرت المتغيرات الدولية وقبلت على مضض الضغوط الأمريكية والأوروبية ونفذت كل ما طُلب منها دون أن تحصل على مقابل فإن الشعب الفلسطيني وصل الأمر به إلى الإضرار جدياً في حياته المعيشية، والناس لا يجدون لقمة عيشهم إلا بصعوبة فالأعمال متوقفة، والتنقل بين المدن متعذر، والاقتصاد مدمر، والمواطنون لا يعرفون هل سيظلون على قيد الحياة، وهل ستظل منازلهم قائمة.. ومزارعهم دون تخريب؟!!
في ظل هذه الأوضاع تستعر النار تحت الرماد، وإذا صبر الفلسطينيون أو تصبروا فإن التجاهل الأمريكي والأوروبي، والتمادي الإسرائيلي يتواصل والعدوان ينذر باندلاع انتفاضة جديدة لن يستطيع الأمريكان والأوروبيون وقفها هذه المرة مهما مارسوا من ضغوط ووعود ملّ الفلسطينيون سماعها دون تنفيذ.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|
