| عزيزتـي الجزيرة
ان المتتبع لمواقف المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا مع الأحداث التي تطرأ وتعصف بالعالم حتى قبل الأحداث الأخيرة أحداث 11 سبتمبر الماضي ليخرج بحقيقة ماثلة مفادها من وجهة النظر المحايدة والمنصفة أنها مواقف تدعو إلى الفخر والانبهار والاعتزاز لما تحمله من عقلانية الفكر السعودي الواعي والمسؤول بمنطقية من يقرأ الحدث من جميع جوانبه ومعرفة أسبابه ودوافعه ويقوم بتحليله ودرسه وفك رموزه ومن ثم إعطاء موقف متعقل ومتزن وواع يكون في مجموعه ولغته ذا أثر قيمي وإيجابي يرتقي بالفكر ويخاطب العقل لا النقل فيما يعرف اليوم بمصطلح«عقلنة السياسة» وبالتالي يكون الموقف السعودي أكثر حضوراً وتأثيرا بالآخر ومواقف المملكة كانت ولازالت مواقف متعقلة ومتزنة تمتاز بمصداقية متناهية ووضوح تام وهي بعيدة كل البعد عن التزمت والمزايدة والاثارة أو ان يكون مجرد تسجيل موقف لموقف معلن بل يتعدى ذلك إلى بعد له من التأثير والتأثر ما يغير إيجابا من حدة الموقف ولغته وخاصة عندما تمس «الثوابت» و«الركائز» و«المبادىء» الأساسية التي لا يمكن لقادة هذه المملكة أن تزايد عليها أو أن تحيد عنها قيد أنملة أو أن تقبل ان تكون محل مساومة أو مزايدة من أي كان، حتى ولو ذهبت المصالح فلن تذهب الكرامة وشموخ العزة وأنفة السيادة في إقرار الحق وتجلياته، لذا أضحت المملكة العربية السعودية منارة ساطعة للحق تشع بسناها بفضيلة حضورها الملتزم من قضايا أمتيها العربية والإسلامية بتجرد وعلى مدى أكثر من قرن من الزمان منذ بدايات التأسيس لهذا الكيان السعودي على يد الملك عبدالعزيز وحتى يومنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، لذا فلا غرو ان نجد لمواقف ولي العهد الأمير العربي الأبي الذي أبت فروسيته وفراسته إلا ان يشنخ بمواقف بطولية غير مسبوقة حتى قبل أحداث 11 سبتمبر أيلول الماضي والتي تمثلت باختراق أمن وهيمنة امريكا.. أليس هو الذي رفض الدعوة الموجهة له من الرئيس الأمريكي لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك احتجاجا على عدم اعتدال سياسة الإدارة الأمريكية وتحيزها لما يحدث من مجازر على تراب أرض فلسطين؟
وتلك إيجابية موقف فاعل ومؤثر غير مسبوق أصبح محط إعجاب واعتزاز أكثر من مليار مسلم.. أليس ولي العهد هو كذلك من ألغى زيارته المبرمجة لزيارة بلجيكا لمجرد ان لاث إعلامها المندفع بأبواقه غير المسؤولة وطعن بنزاهة القضاء لدينا.. ثم أليس هو الأمير عبدالله الذي رفض ان يكون الاجتماع بالرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون عند زيارته الأخيرة للولايات المتحدة عندما خلت اجندة جدول أعمال الاجتماع من القضية الفلسطينية وأصر سموه على ان تكون قضية القدس على قائمة جدول الاعمال فكان له ما أراد وتلك هي العزة التي نحتاجها والكرامة التي أوصلها ذلك الأمير النجب وبلغته البسيطة بعيدا عن الاعلام فلشاته وتنميقاته إلى الآخر فكان محل الإعجاب والاحترام.. أليس هو أول المبادرين إلى مهاتفة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عندما وصلت إلى مسامعه تلك المضايقات التي تحدث لإخواننا المسلمين والعرب في أمريكا بعد تلك الأحداث وكانت الاستجابة السريعة من الرئيس الأمريكي عندما قام بزيارة احد المراكز الإسلامية واعتذر للمسلمين عامة.. وعبدالله بن عبدالعزيز كانت له نظرته الفاحصة والواعية لتلك الهجمة الشرسة التي تعرضت لها بلادنا من قبل الإعلام الغربي فما كان منه إلا ان التقى بالعلماء وطلبة العلم ورجال الإعلام والأساتذة الأكاديميين والمسؤولين ليطلعهم على حقيقة الأمر ويبين لهم ما الواجب عليهم في مثل هذه الظروف العصيبة والتي تحتاج إلى الوعي والتأني والتعقل المتزن والذي يمثل نهج المملكة المتزن في قراءة الأحداث واعطاء الموقف المتوازن مع حيثياته ومن جميع الجوانب فهي تنظر إلى الحدث ككل لاجزء وهذا الذي أعطاها التفوق والريادة في تشخيص الموقف وتصويره قبل إعلانه، وإذا ما أعلن تجد العقلانية والوضوح والمصداقية في صوت الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه وبحيادية تامة وجرأة طرح وقوة مبدأ وخاصة إذا ما مست الثوابت عندها تتغلب«الثوابت» على «المصالح» حتى ولو اضطرتنا الظروف إلى العودة إلى بيت «الشعر» وحليب«الإبل» بصفاء ونقاء الصحراء التي هي محل اعتزازنا.. تلك حقائق مشرفة يواكبها جوهر رسالة المملكة لم ولن تغيب عن ذهنية القيادة وهي خدمة الإسلام في نظام متوازن ومواءمة لم تنفك عن النهج القويم للدور الملتزم الذي تقوم به المملكة في كل بقعة من بقاع العالم وفي هذا تفوق وريادة وسبق ونجاح لذا كانت هذه الهجمة المسعورة من قبل الإعلام الغربي المعادي ليس على المملكة العربية السعودية بل على الإسلام الذي تدين به وتفعل دوره وتدعو له في رسالة يفهمها العالم المتحضر كله لكنها تعلم مدى الثقل الكبير الذي تلعبه المملكة والدور العظيم الذي تمارسه في خدمة الإسلام والخصوصية التي تتمتع بها من كون إنها مهبط الوحي السماوي ومنطلق الرسالة المحمدية وتوجد على أراضيها الأماكن المقدسة في مكة والمدينة فهي قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها خمس مرات في اليوم والليلة الواحدة.
وفي قراءة تحليلية سريعة لخطاب ولي العهد نجد الحقائق التالية من وراء ذلك العداء السافر للمملكة والذي ليس اليوم ولن يكون نهاية المطاف وخاصة اذا ما عرفنا لماذا يعادوننا؟؟
هم يعادون المملكة.. لأنها تقول ربي الله وديني الإسلام ولان نظامها الأساسي في الحكم مستمد أساسا من كتاب الله وسنة رسوله، وعماده الشورى والمساواة والعدل وفق الشريعة الإسلامية السمحة.
هم يعادون المملكة.. لان خدمة الإسلام جوهر رسالتها فيسوؤهم ذلك التوجه الذي لا مثيل له في العالم في العصر الحديث.
هم يعادون المملكة.. لأنها تقوم بتطبيق حدود الله الذي يحافظ على الحقوق ويحقن الدماء وينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويضبط التعامل بين أفراد المجتمع الواحد ويصون الأمن العام.
هم يعادون المملكة.. لما تنعم به من أمن وأمان وارف ورخاء واستقرار مستتب في تجربة أمنية فريدة من نوعها في العالم بأسره من خلال ما يمثله ويتمثله من التزام حقيقي بسلامة النهج وصحة المنهج الذي تسير عليه.
هم يعادون المملكة.. لانها قبلة الإسلام والمسلمين بعد ان حباها الله بوجود الأماكن المقدسة على ثراها الطيب وذلك شرف لايوازيه شرف وذلك مصدر اعتزاز وفخر وسعادة لقيادة هذه البلاد وشعبها.
هم يعادون المملكة.. لأنها في زعمهم تنتهك حقوق الإنسان؟
ونسوا أو تناسوا ان الإسلام أسمى من ميثاق حقوق الإنسان وأكثر استيعابا وأبقى على مر الزمن لان مصدره الهي بحت وهم يدركون ذلك ويعونه ولكنهم أبعد ما يكونون في منظماتهم التي يتباكون من خلالها عن احترام أبسط بدهيات حقوق الإنسان.
هم يعادون المملكة.. ويحسدونها على ما آتاها الله من الخيرات والمقدرات والثروات بعد ان كانت صحراء قاحلة لاتلوي على شيء بعد ان نجحت أيما نجاح في تطويع الصحراء في تجربة فريدة من نوعها.
هم يعادون المملكة.. لأنها تمثل«الوحدة» و«التوحيد» في إهم إنجازحضاري حققه المملك عبدالعزيز في توحيد أرجاء البلاد تحت اسم: المملكة العربية السعودية، فانصهر المجتمع السعودي كله في بوتقة واحدة وطنية لم يسبق لها مثيل في العالم بأسره بعد أن كان مبعثراً مفرقاً؟!!
هم يعادون المملكة.. في تلك الهجمة الشرسة على الإسلام كما قال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لافض فوه في لغة درست الأحداث وعرفت الاستمساك بثوابتها التي لا تقبل المزايدة أو المساومة عليها ولا حتى بمجرد التفكير حتى ولو كانت على حساب«المصالح» وردة الفعل تلك للقيادة السعودية لا تأتي كردة فعل غاضب لموقف انفعالي تحتمه الظروف والأحداث الطارئة وإنما نتيجة مبادىء وأسس ثابتة ومعروفة ومعلنة شهدها العالم بشيء من الفخر والاعتزاز والكبرياء والشموخ تطبيقاً عملياً قبل أن يكون تصريحاً، اليس ولي العهد هو من رفض زيارة الولايات المتحدة بدعوة من الرئيس الامريكي جورج بوش الابن وذلك نتيجة عدم اعتدال سياسة الإدارة الأمريكية بما يحدث على أرض فلسطين من مجازر وحشية من قبل إسرائيل وتلك إيجابية فاعلة ومؤثرة وغير مسبوقة وتلك«قوامة» لفكر القيادة السعودية التي لا تقبل إلا ان يكون لها حضور لا يقل بأي حال من الأحوال عن الحضور الذي يمثله الثقل السياسي الدولي للمملكة وليس بأدل من ذلك التأثير الذي أحدثه ذلك الموقف على الإعلام الأمريكي والغربي بالذات، ان هذه الحملات المضللة التي ازدادت حدتها إعلاميا على المملكة العربية السعودية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي والتي بدأت من بريطانيا ثم انتقلت إلى إعلام أمريكا إنما هي«عبث» غير مسؤول وهي في فكر القيادة والقاعدة السعودية الواعية«غثاء كغثاء السيل» فالزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وتلك الحملات المضللة قديمة وتتجدد وتردد بين الحين والآخر دون أن تحدث أثرا أو تأثيراً، ولقاء سمو ولي العهد بتلك النخبة من الأكاديميين والمثقفين السعوديين ومديري الجامعات والإعلاميين ورؤساء التحرير إنما هو توصيل رسالة بأن يتصدى الجميع لمثل تلك الاستهدافات المبيتة وأن يتعامل معها بعقلانية وان يعرض الفكر المضاد لفكر الآخر المضلل بمصداقية ووضوح مبدأ وحكمة طرح وتلك أمانة نتحملها جميعاً كمثقفين وإعلاميين وسعوديين وفق استراتيجية منظمة ومدروسة يتوحد من خلالها الخطاب الإعلامي المؤثر والذي يحمل القناعات إلى النظام العالمي الجديد ليدوي فيه إعلامنا ويسمع فيه صوتنا بكل قوة وتأثر ولفتح باب للحوار الموضوعي والعقلاني مع من أراد صوت الحقيقة ولغة الوضوح فنحن لسنا أتباعاً تابعين أو امعات لنا ثوابتنا ومبادئنا كدولة محبة للسلام وتسعى إلى ان يسود الأمن والأمان ربوع المعمورة، ودولة تحترم سيادة كل دولة ولا تتدخل في شؤونها ولا تسمح لأحد أن يتدخل في شؤونها، وتسعى لترسيخ مبدأ حسن الجوار والتضامن والوقوف إلى جانب الحق والعدل والشرعية الدولية وتنبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية وفق دبلوماسية هادئة ومتزنة.
فهد عبدالعزيز الكليب
|
|
|
|
|