| الريـاضيـة
لقاء خالد الدوس:
في النصف الأول من عقد الثمانينيات الهجرية شكل أول منتخب للمملكة حيث كانت مشاركته مقتصرة على اقامة لقاءات ودية وحبية مع بعض الفرق والمنتخبات الزائرة في تلك الحقبة الفارطة.
وجاءت فكرة اقامة وتنظم دورة الخليج الأولى بالبحرين عام 1390ه 1970م لتمثل باكورة المشاركات الرسمية للرياضة السعودية.. ويعتبر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل (مدير عام رعاية الشباب آنذاك) أول من أشار واقترح هذه الفكرة التي تم تفعيلها على أرض الواقع عشية الاجتماع التاريخي الذي شهدته أرض المنامة وضم رؤساء الاتحادات الرياضية لكل من المملكة العربية السعودية وقطر والكويت بجانب البحرين وتمخض عنه اعتماد وإقامة دورة الخليج كل عامين.. وتبعا لذلك استمرت بطولاتها تدور في فلك التنظيم حقبة تزيد عن (3) عقود زمنية كانت عنواناً مثاليا لروح المنافسة الشريفة وتعزيزاً للعلاقات الأخوية بين أبناء الوحدة الخليجية.
«الجزيرة» ومن منطلق تفاعلها مع خليجي (15) الذي ستحتضنه العاصمة الرياض بعد أيام قلائل وللمرة الثالثة في تاريخ بطولات الخليج تقدم لقرائها الأعزاء خمسة لقاءات تاريخية مدعمة بالصور القديمة والنادرة مع أبرز نجوم الرياضة السعودية الذين مثلوا الأخضر في دورات مختلفة.
واليوم نتاول أحد تلك الأسماء المحفورة في الأذهان بعطائها الرفيع وسمعتها الطيبة.. ضيفنا هو مدافع فريق الشباب والمنتخب والدولي السابق إبراهيم تحسين.. أبرز نجوم الدورة الخامسة في العراق، استضفناه ليقلّب معنا أوراق ماضيه ويحكي لنا أبرز ذكرياته ومشاركته في هذا المضمار.
ذكريات الأخضر
اختياري لأول مرة لمنتخب المملكة في أوائل عقد التسعينيات الهجرية.. وتحديداً قبل انطلاقة دورة كأس الخليج الثانية بالرياض عام 1392ه 1972م بشهر تقريبا حيث استدعي من فريق الشباب أنا وداوود جوهر بطلب من المدرب طه إسماعيل وذلك بعد عودة المنتخب من معسكره بالمنطقة الغربية فكنت أؤدي التمارين وما كنت أعسكر معهم (تكملة عدد) وقتها كان عمري آنذاك 17 عاماً.
وفي الدورة الثالثة بالكويت شاركت بصفة رسمية ولعبت أول مباراة وكانت ضد قطر وكسبناه 2/صفر وأتذكر انني أصبت في هذه المباراة ولم أواصل مشواري في هذه البطولة كما شاركت في الدورة الرابعة بقطر والخامسة في العراق واخترت أيضا لتمثيل منتخب المملكة العسكري في سوريا عام 1394ه وكذا تصفيات كأس آسيا في العراق 1396ه.
اتصال هاتفي نقلني لمعسكر السويد
قبل انطلاقة دورة الخليج الخامسة بالعراق عام 1398ه 1979م بشهرين تقريبا تعرضت لاصابة في الركبة أثناء مشاركتي مع فريق الشباب في الدوري وسافرت للندن للعلاج على حساب النادي وتزامن ذلك مع اقامة منتخب المملكة معسكرا في السويد تحت اشراف مدربه الانجليزي (ديفيد) وأتذكر ان الأمير الراحل فيصل بن فهد رحمه الله طلب مني وفي اتصاله الهاتفي ان أتوجه بعد انتهاء علاج اصابتي إلى معسكر المنتخب في السويد حيث مكثت في لندن اسبوعين ثم توجهت للالتحاق بالمعسكر على أساس مواصلة فترة علاجي الطبيعي ومن ثم الشروع في البرنامج اللياقي تحت اشراف الجهاز الطبي التابع لشركة جيمي هيل الرياضية المشرفة على برنامج معسكر المنتخب.
انتقلنا من السويد الى اسبانيا ومكثنا هناك قرابة شهر ونصف طبعا ما كنت ألعب انما أؤدي التدريبات لعدم جاهزيتي من الناحية الصحية واللياقية وفي آخر أسبوع من المعسكر منحني طبيب المنتخب الضوء الأخضر للمشاركة في تأدية المباريات حيث لعبت في آخر لقاء وكان ضد فريق ملقا الاسباني وأتذكر ان كابتن المنتخب آنذاك توفيق المقرن حصل بينه وبين المدرب خلاف حاد وأبعد توفيق من المشاركة فلعبت مكانه مع كلٍ من صالح النعيمة وجاسم قرطاس وعيسى عبدالله وحمل شارة القيادة صالح خليفة.. طبعاً نجحت في تقديم مستوى جيد رغم خسارتنا 2/1 وبعد نهاية المعسكر توجهنا مباشرة الى العراق قبل بداية الدورة بثلاثة ايام وأتذكر اننا انتقلنا بطائرة تابعة لشركة دلة وكان معنا الدكتور عبدالفتاح ناظر رحمه الله ومدير المنتخب آنذاك الاستاذ محمد الحسيني.
شارة القيادة
أتذكر جيداً بعد وصولنا لبغداد اجتمع بي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان نائب الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك وطلب مني ان أحمل شارة الكبتنة فقلت طال عمرك على أساس نفسيات اللاعبين فمن الافضل ان يحملها صالح خليفة (الذي كان مساعداً لتوفيق وأخبرته أنني موجود في الملعب وسأقوم بتوجيه اللاعبين بحكم خبرتي والحقيقة اقتنع سموه بوجهة نظري واعتمد صالح خليفة كابتن المنتخب.
مستوى متواضع
ففي أول لقاء نخوضه في هذه الدورة كان ضد منتخب عمان وفزنا ب4/صفر حيث لم نقدم المستوى المتوقع رغم فوزنا بهذه النتيجة وذلك لضعف الفريق المقابل وتواضع امكانيات لاعبيه.. ثم لعبنا اللقاء الثاني وكان ضد الإمارت وكسبناه بصعوبة بالغة بهدفي ماجد عبدالله وعيسى حمدان.. واستمررنا في تقديم المستوى الهزيل رغم الفوز وأتذكر بعد نهاية مباراتنا مع الامارات طلب الأمير فهد بن سلطان (رئيس البعثة) حضوري لمقابلته في الفندق وتوجهت لمقر اقامته وقابلته فوجدته مستاء من المستوى الذي قدمناه في تلك المباراة فبادرني قائلا: يا إبراهيم احنا قررنا اختيارك كابتن المنتخب ولا تناقشني في الموضوع.. فحملت شارة القيادة في اللقاء الثالث ضد قطر.
خماسية ماجد
حملت شارة القيادة في ثالث لقاء بالدورة ضد قطر الذي كسبناه ب7/صفر سجل النجم ماجد عبدالله خمسة أهداف بمفرده.. حيث ظهر زملائي اللاعبون بمستوى مغاير تماما عن أول لقاءين فكان الانسجام واضحا والاداء جماعيا فتحول الايقاع 180 درجة وبصورة أثلج صدور عشاق فن الأخضر حتى ان اللجنة الفنية رشحت منتخب المملكة للمنافسة على كأس البطولة بعد هذا المستوى الرفيع والنتيجة الكبيرة.
ثقة زائدة
عقب فوزنا على قطر 7/صفر خضنا لقاء البحرين بثقة زائدة وشعرنا بأن الفوز سيكون من نصيبنا لاسيما وان المنتخب البحريني خسر امام العراق 4/صفر فتوقع زملائي الاعبون انه سيكون صيداً سهلاً غير اننا تفاجأنا بمستوى الكرة البحرينية وامتلاكها للاعبين جيدين امثال حمود سلطان وخليل شويعر وسلمان الماحي وفؤاد أبو شقر.. تقدموا علينا بهدف في الشوط الأول وأدركنا التعادل بشق الأنفس فخسرنا نقطة ثمينة كانت درسا لنا في كيفية احترام الخصم.
لقاء الكويت الأصعب
تعتبر مباراتنا ضد الكويت الأصعب في الواقع لاننا واجهنا منتخباً قوياً ومتكاملاً خصوصا خط هجومه المكون من جاسم يعقوب وفتحي كميل ففي هذه المباراة طلبت من صالح النعيمة القيام ببعض المهام للحد من خطورة جاسم وبحكم معرفتي لتحركاته كنت أطلب من صالح ان يطلع معه في كل كرة ويضايقه حتى لو لم يأخذها لأن خط وسط الكويت دائما يقوم بتمرير الكرات الهوائية لجاسم وبدوره يقوم بتجهيزها برأسه للاعب القادم من الخلف فيصل الدخيل صاحب القدم القوية.. في حين تكمن خطورة فتحي كميل إذا لعب في الجهة اليمنى فهو مراوغ وفنان مهاري في هذه الجهة ويقوم بعكس الكرات لجاسم وأنا أقوم بدوري بمتابعته ايضا داخل المنطقة الجزائية وأتذكر انني طلبت من جاسم قرطاس الظهير الأيسر التركيز على قدمه اليمنى وحجزه حتى ينتقل (قسرا) للجهة الشمالية لأن قدمه اليسرى اي (فتحي) ضعيفة فنجح كل من صالح النعيمة وجاسم قرطاس في الحد من خطورة هذا الثنائي الخطير فكسبنا نقطة ثمينة من حامل اللقب (الكويت) بالتعادل السلبي عززت حضورنا في المنافسة.
نجومية النعيمة
نجح المدافع الصاعد صالح النعيمة في الظهور بمستوى كان قمة في الاداء والاخلاص رغم صغر سنه آنذاك وحداثة مشاركته.. حيث استطاع أن يحد من خطورة جاسم يعقوب ويقدم نفسه كمدافع واعد يملك كل مؤهلات النجاح والبروز وفي الحقيقة أعتبره أحد نجوم تلك المباراة.. وكذلك النجم ماجد عبدالله الذي أحرز (5) أهداف في قطر شكل قلقا وازعاجا لمدافعي الكويت سعد الحوطي ومحبوب جمعة اللذين راقباه بدون فعالية ونجح في الهروب من هذه الرقابة أكثر من مرة.
أول خسارة
في آخر مباراة ضد منتخب العراق والتي خسرناها بهدفين لعبنا أمام منتخب متكامل يملك خبرة كبيرة ولاعبين متميزين أمثال رعد حمودي وعدنان ورجال وفلاح حسن وحسين سعيد (هداف الدورة) وفيصل قرطوش وعلي كاظم وهؤلاء خبرتهم أفضل بكثير من خبرة صالح النعيمة وماجد عبدالله وعيسى عبدالله وسالم مروان وجاسم قرطاس الذين شاركوا لأول مرة طبعا شعرنا بصعوبة المواجهة لاسيما وان العراق وبنفس الأسماء التي أشرت إليها آنفا حقق لقب بطل العالم في البطولة العسكرية في سوريا ومن هنا حاولنا الخروج بالتعادل وسط الضغط الجماهيري الذي ملأ استاد الشعب الرياضي عن بكرة أبيه.. ففي منتصف الشوط الأول خطف حسين سعيد هدف السبق لفريقه.. فتراجع العراق للمحافظة عليه وبدأنا نجاريهم ونبادلهم الهجمات وأصبحت أتقدم كثيرا لأن اللاعب القادم من الخلف غير مراقب وكان عيسى خليفة يقوم بتغطية مركزي وأتذكر جيدا في بداية الشوط الثاني حصل فاول لصالح ماجد عبدالله في منتصف ملعب العراق من مسافة 40 ياردة مسكت الكرة وثبتها وكنت متهيئا لتسديدها وبالفعل سددتها بقوة في المقص الايسر ونجح رعد حمودي في اخراجها بصعوبة بالغة طبعا تأجج الحماس في نفوسنا بعد هذه الكرة وضغطنا على العراق في ظل تراجعه ومن هجمة مرتدة خطف فلاح حسن هدف التعزيز في الدقائق الأخيرة من المباراة وخسرنا بشرف بهدفين.
العراق بطلا لخليجي (5)
أحرز المنتخب العراقي اللقب لأول مرة وكسر بذلك الاحتكار الكويتي الذي فاز بكأسها أربع مرات متتالية وحصل الكويت على المركز الثاني ومنتخبنا المركز الثالث كما اختير فلاح حسن افضل لاعب بالدورة وحسين سعيد هدافها وحصل رعد حمودي على لقب أفضل حارس في حين رشحت اللجنة الفنية أنا وماجد عبدالله ضمن أفضل (8) لاعبين بالبطولة.
منتخب الخليج
جاء اختياري ضمن أفضل (8) لاعبين ليتم ترشيحي لتمثيل منتخب الخليج وأتذكر جيدا أنني لعبت لمنتخب الخليج أنا وماجد عبدالله من السعودية ضد فريق هامبورج الألماني في الكويت بمناسبة العيد الوطني للكويت وقد شارك في هذه المباراة من البحرين خليل شويعر وحمود سلطان ومن قطر منصور مفتاح بجانب بعض لاعبي الكويت حيث انتهى هذا اللقاء بالتعادل 5/5 وسجل ماجد عبدالله هدفا خرافيا حيث راوغ المدافعين والحارس الالماني وأسكن الكرة في شباكه طبعا استفدت من هذه المشاركة والاحتكاك بالكرة الالمانية العريقة.
نقص الخبرة
من أقوى الأسباب التي أدت لخسارتنا كأس البطولة الخليجية الخامسة.. نقص الخبرة بيد أن السواد الأعظم من الأسماء التي مثلت المنتخب في الدورة لأول مرة تشارك مع الاخضر ورغم ذلك ما كانت نتائجنا سيئة حيث لم نخسر إلا من العراق فقط وبالمقابل تجد ان منتخب الكويت والعراق يملكان الخبرة الكافية التي تساعد بلاشك على صنع النتائج الايجابية لأي فريق سيما العراق الحاصل على بطولة كأس العالم العسكري بنفس الاسماء التي مثلته في خليجي بغداد.
خطورة فلاح حسن
بلا ريب يعد مهاجم العراق الكبير فلاح حسن (نجم الدورة) اصعب مهاجم واجهته فهو هداف خطير يملك قدرات فنية عالية وفكراً كروياً رائعاً فضلا عن بنيته القوية فكنت أحسب له ألف حساب داخل أرض الملعب.
قصة الكاتشب
من المواقف التي لا يمكن ان أنساها أتذكر كنا أربعة من اللاعبين في صالة الطعام بالفندق في بغداد نتناول العشاء وكانت الكاتشب موضوعة في علبة بيضاء خاصة بعلب الكريمة المهم قام أحد هؤلاء اللاعبين (أرجو أن تعفيني عن ذكر اسمه) وبعد انتهائه من العشاء فتح العلبة وأخذ يأكل من الكاتشب ويقول يازين حلاهم.. يا زين حلاهم.. فرددت عليه قلت: (يا قروي هذي كاتشب ما هي حلى) فضحك الجميع على هذا الموقف الطريف.
خوف وهلع
ثمة موقف آخر أتذكره أثناء سفرنا من اسبانيا الى العراق واجهت الطائرة المقلة لبعثة منتخب المملكة عاصفة وتعرضت للاهتزاز في الجو فأصاب الجميع الخوف والهلع المهم قام أحد اللاعبين (...) وطلب من طبيب المنتخب حبة بنادول وحين ذهب لتناولها من حقيبته التفت على بعض اللاعبين وهو في حالة خوف شديد وقال: (إذا مت تراني شاري أرض في المكان الفلاني وأهلي ما يدرون عن مكانها بلغوهم عنها) فضحكنا رغم الموقف العصيب الذي تعرضنا له داخل الطائرة.
مدرب متواضع فنياً
الحقيقة المدرب الانجليزي ديفيد ما كان في مستوى طموح اللاعبين لانه مدرب ذو قدرات فنية متواضعة لا يملك القدرة على رسم التكتيك ووضع الخطط التي تناسب امكانات لاعبيه حيث كان يعتمد على الجانب اللياقي وأتذكر انني كنت اطلب من اللاعبين تطبيق بعض الاشياء التكتيكية بحكم خبرتي واحتكاكي بمدربين جيدين امثال بوشكاش مدرب منتخب المملكة في خليجي (4).. وينفذونها حيث كنت أقوم بدور المدرب داخل أرض الملعب لعدم قناعة زملائي اللاعبين بأسلوب ديفيد ولو توفر لنا في هذه الدورة مدرب بمستوى وقدرة بوشكاش أو زاجالو مثلا لكان للأخضر شأن آخر في خليجي (5)!!
أسماء في الذاكرة
ثمة أسماء في الذاكرة من زملائي اللاعبين في المنتخب.. منهم سالم مروان (شفاه الله) وتوفيق المقرن وعيسى حمدان وصالح خليفة وصالح النعيمة وعبدالله عبدربه وأحمد الصغير وعيسى خليفة وماجد عبدالله وجاسم قرطاس وعيسى عبدالله وهؤلاء لايمكن أن أنسى الأيام الخوالي التي عشناها طوال فترة التحضير لدورة الخليج الخامسة ببغداد.
الأمير فهد بن سلطان
في خليجي (5) تشرفت بمعرفة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان عن كثب.. كشخصية رياضية اجتماعية فذة.. من الصعب جدا ان نسهب بالحديث عنها عبر هذه الاسطر القليلة ويكفي انه جمع صفات المسؤول الناجح في ذاته إذ تعاملت معه فكان مثاليا في سلوكه ومتواضعا مع من يتحدث بل كان يحرص كل الحرص على تهيئة جو صحي مناسب للاعبين من خلال التقائه بهم بعد نهاية كل مباراة فكان قريباً جداً من نفوسهم.
|
|
|
|
|