| عزيزتـي الجزيرة
تتميز المجتمعات الحديثة بارتفاع نسبة كبار السن بين السكان وهم من أكثر فئات المجتمع حاجة للعناية الطبية والدوائية، هناك اختلاف في تحديد ما نعنيه بكبار السن، ولكن الاتجاه الغالب هو اعتبار كل من تجاوز الثمانين ضمن هذه الفئة.
إن وصف الدواء لكبار السن يحتاج لعناية خاصة، وهناك عدة عوامل يأخذها الطبيب في الاعتبار عند كتابته للدواء لهذه الفئة، وتتمثل في الآتي:
1 الجرعة المألوفة للبالغين لا تصلح لهذه الشريحة من المرضى، وذلك لأن هناك نقصاً في كفاءة الأعضاء الرئيسية بالجسم والتي تتحكم في امتصاص واستقلاب وتخزين وإخراج الدواء من الجسم، وهي: الأمعاء والكبد والكلى وزلال الدم والعضلات.
2 هناك مخاطر التداخل في تأثيرات الأدوية «Drug lnteractions» وذلك لأن المرضى من هذه الفئة تكثر بينهم الأمراض المزمنة مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والروماتيزم ووهن العظام مما يعني أنهم يستخدمون عدة أدوية في نفس الوقت.
3 حساسية الجهاز العصبي عند كبار السن وقابليته للتعرض للأذى، فمن المعروف أن الخلايا العصبية لا تتجدد مثل باقي خلايا الجسم الأخرى، وبالتالي فهي أكثر تأثيراً بسبب التقدم في السن، ولهذا يحتاط الطبيب عند وصف بعض الأدوية التي يعرف عنها بعض الآثار الجانبية على الجهاز العصبي المركزي، حيث يمكن أن تتسبب في أعراض بالغة الشدة عند الكبار، ولهذا يلزم تخفيف الجرعة عن تلك التي تعطى للبالغين.
4 عدم الالتزام ومتابعة العلاج، فكبار السن أكثر عرضة للسهو والنسيان وتكرار الجرعة اليومية عدة مرات ظناً بعدم أخذها، لهذا يستحسن أن يوكل إعطاء الدواء لرقابة أحد أفراد الأسرة أو نصح المريض باستخدام مفكرة للتسجيل عند أخذ الجرعة.
العامل الأول يعتبر الأكثر أهمية للطبيب لاعادة ضبط جرعات الدواء للمرضى من كبار السن، ومن ضمن ذلك نجد أن انخفاض اداء الكلى يعتبر العامل الأساسي في هذا الصدد لأن حوالي 90% من الأدوية المستعملة حالياً يتم إخراجها في البول عن طريق الكلى، ومعروف أن وظيفة الكلى تتدهور بانتظام مع التقدم في العمر كما يبين ذلك معدل ترشيح الكرياتنين، والذي يعتبر مقياساً دقيقاً لكفاءة الكلى، فهو يتناقص بنسة 35% في الفترة من سن 20 إلى 90 عاماً، كما أنه وابتداء من سن الأربعين يبدأ معدل تدفق الدم بالشريان الكلوي بالتناقص بنسبة 1% سنوياً، وبالتالي فإن معدل ترشيح المواد الكيماوية والأدوية وإخراجها في البول يتناقص أيضاً، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم ووصولها إلى مستويات سامة وهذا يستوجب تخفيض الجرعات للمرضى من هذه الفئة.
من ناحية أخرى فإن الدواء المحمول في الدم لا يكون كله حراً ولكن هنالك نسبة منه تكون مرتبطة أو ملتصقة بجزئيات ألبومين من زلال الدم، وبما أن فعالية الدواء الطبية تعتمد على النسبة الحرة فقط من هذا الدواء في مجرى البلازما، لهذا يجب الانتباه إلى أنه في حالة كبار السن تنخفض نسبة الألبومين بين زلال الدم، وبالتالي فإن الأدوية ذات الطبيعة الحمضية عالية الارتباط بجزئيات الألبومين ترتفع نسبتها الحرة في البلازما ويزداد تأثيرها مما يستدعي تخفيض جرعات هذه الأدوية مثل الفينايتوين والوارفرين والأسبرين ومشتقاته، ومن الناحية الأخرى، ارتفاع نسبة الفاغلايكوبروتين بين زلال الدم، وهو ذو طبيعة حمضية وفي كبار السن يؤدي إلى hرتفاع نسبة ارتباط الأدوية القلوية وتناقص النسبة الحرة في البلازما مما يعني انخفاض مفعولها وضرورة ضبط جرعاتها مثل عقار البروبرانولول والليدوكاين والبثدين.
تقل مقدرة الأمعاء على امتصاص الدواء مع تقدم العمر، ولكن هذا النقص يتم تعويضه بسبب تدهور وظيفة الكبد في نفس الفترة، فالمعروف أن كل المواد التي يتم امتصاصها من الأمعاء تتجمع في الوريد البابي، والذي يصب بدوره في الكبد حيث يتم التخلص من نسبة عالية من المواد الكيماوية والأدوية فيما يسمى باستقلاب المرور الأول«First pass metabolism»، ومع أن طاقة الأمعاء الامتصاصية تقل بنسبة 30% عند كبار السن فإن كمية الدم المارة إلى الكبد عبر الوريد البابي تنخفض بنسبة 50% وينقص وزن الكبد في نفس الوقت بنسبة 37% مما يعني انخفاض النسبة التي يتم إزالتها من الدواء في استقلاب المرور الأول وبالتالي موازنة النقص في كمية الامتصاص.
أبو الحسن مصطفى سيد أحمد صيدلاني بمستشفى الحمادي بالرياض
|
|
|
|
|