| الثقافية
أوه، هاهو نور الصباح قد بدأ يتسلل من النافذة، والصباح بالنسبة لجميع الاطفال ابتسامة صافية بلون حليهن التي يتناولنها قبل الذهاب إلى مدارسهن، أما أنا فإنني أشعر بحزن شديد يصاحبني منذ مساء الأمس حينما قررت والدتي وضع خيطين في اذني بدل قرطيّ الجميلين بعد ان اضعتهما.
لا ادري لماذا تسقط اقراطي كلما لهوت مع زميلاتي في المدرسة، او تسكعت في طريقي إلى البيت؟! الحقيقة أن والدتي كانت في كل مرة تسرع بشراء قرط جديد، وتكرروصاياها لي بالمحافظة عليه، المشكلة انني لا اكتشف ضياعه الا عندما اصل إلى البيت وأبدأ بتغيير ملابسي، وتسريح شعري أمام المرآة.. كانت زميلاتي في كل مرة أجيئهن فيها بقرط جديد يبدين اعجابهن به، ويحسدنني على كرم أمي واحضارها لي أجمل الاقراط واغلاها، أما اليوم فكم أخشى نظرات السخرية، وكلمات الشماتة التي ستحاصرني طوال اليوم الدراسي.
لقد قالت ضمن موشح العتاب الذي سمعته بالأمس إنها كانت طوال الفترة الماضية تسارع بتبديل اقراطي مراعاة لصغر سني، أما اليوم فقد أصبحت في الصف الثاني، ولابد أن اتعلم قيمة اشيائي، وكيف احافظ عليها.. أنا الآن أمام مشكلة كبيرة، ولابد أن احتال لايجاد طريقة اتملص بها من الذهاب إلى المدرسة اليوم، نعم.. نعم لقد وجدتها، سأدّعي انني اعاني من مغص شديد، فلعل أمي تعفيني من الذهاب ولعلني استطيع خلال يومي الخميس والجمعة اقناعها بشراء قرط جديد، فشكلي وأنا أرتدي هذين الخيطين سيثير ضحك الجميع، خاصة هديل وشلتها طالبات الصف السادس اللاتي عرفن بتعليقاتهن الساخنة على أي شيء يرينه، ولابد أن أذنيَّ سيكونان مثار سخريتهن أمام التلميذات.. عودتني أمي أن أكون الأكثر اناقة دائماً، وألف الجميع مظهري المتألق، بل انني اتقن تسريح شعري الطويل، ووضع الشرائط الملونة في أسفله أو أعلاه،وكان كل ذلك يميزني، ويجعل المعلمات والجارات يحتفين بي، بل انني دائماً ما أقابل بكلمات الاعجاب والتدليل حتى وانا أسير في الطريق، أو اتنقل في الملاهي.. فكيف استطيع بعد ذلك كله أن أكون وجبة دسمة لمحبي السخرية، وعشاق التعليقات الساخنة؟؟
لكن لماذا لا احاول صناعة قرط جميل بنفسي، سأصنعه من زرارين متماثلين، ولكن كيف سأثبتهما في أذنيّ؟ يبدو أنني لن اتمكن من ذلك، وأنه لا مناص من التمارض للبقاء في البيت.. ها هي أمي قادمة لايقاظي. سأمسك بطني بشدة حتى تصدقني..
اقبلت الأم تخفي ابتسامتها، وتتظاهر بالجدية:
هيا استيقظي يا ندى. لم يبق سوى نصف ساعة على مجيء الحافلة ولكني متعبة وارغب في الغياب اليوم.
غالبت الام ضحكتها، وقالت: مم تشكين يا ندى؟
مغص، مغص شديد يا ماما.
ولكنني عودتك على الصدق، فلماذا ألمح علامات الكذب بين عينيك؟
اطرقت ندى خجلاً، ولم تجب فيما توجهت الأم إلى التسريحة، وتناولت علبة، وقدمتها إلى ندى وقالت:
هذا هو سر رغبتك في الغياب عن المدرسة على غير العادة، وأرجو أن تكوني قد استوعبت الدرس جيداً.
ارتدت ندى القرط، وتوجهت إلى مدرستها.
في الظهيرة وقبل أن تخرج من مدرستها تحسست أذنيها فوجدت فردة من القرط دون الأخرى!
|
|
|
|
|