كان الآباء والأجداد وحتى وقت قريب يفرحون بالضيف القادم ويهشون ويبشون عندما يطرق بابهم حتى ولو في منتصف الليل، لأن الأيام دوارة، يوم لك ويوم عليك.. لذا فقد توطدت الثقة فيما بينهم وسادت المحبة وغمرت قلوبهم.. ومن هذا المبدأ النبيل والعُرف القويم كانوا يستغربون بل ويمقتون من يقصِّر في الواجب أو يشتهر بالبخل الى درجة التندر بتخاذله ليكون عبرة لأمثاله، لذا لا تستغرب اذا هجا احدهم في الماضي رجلا بخيلا اسمه «أبو محمد» لتقصيره وشحه رغم ان ظروفه المادية تسعفه للقيام بما هو مأمول منه.. ولنقرأ على سبيل المثال مطلع هذه الأبيات من قصيدة الهجاء للعظة والاعتبار وهي من الشعر الشعبي الخفيف المألوف:
أبو محمد عنده دلال مساطير
مسوطرات مايجيهن واهج النار
«الملقمة» قد فرخت به عصافير
و«المبهرة» سمعت بها صوت مطيار
وهجاء البخلاء وضعاف النفوس هو أقل ما يصدر بحقهم حيث المدح والثناء والإشادة دائما للكرماء وفي مثل هذه المواقف يقول احد الشعراء: