| محليــات
*** حين ينكفئ المرء على ذاته، وهو في يقظة الإحساس بكلِّ نبضة في هذه الذات، فإنَّه لا محالة، يحقق المواجهة السَّافرة معها، ولا أهمَّ من هذه المواجهة، ذلك لأنَّ فيها يقظة الضمير فيه، حين يكون من الذين يحبُّون أن يتطهَّروا من صغائر بشريتهم، تلك التي تخدش نقاءهم...، أو تؤثِّر في سلامهم مع أنفسهم، ولعلَّ مواجهة النفس، تفتح باباً أخضر نحو معرفة ما تحتاجه هذه النفس من بذور أشجارٍ عندما تنمو في داخلها، تورق ظلالها، فتحجبها عمَّا يؤلمها.. أو يخدشها، ممَّا كان في لحظة البعد عن مواجهة الضمير...
الأجمل... والأجمل... أنَّ الإنسان يفطن على عجل كي يواجه ذاته، ويأخذها إلى شواطئ السَّلام... والسَّلامة...
لحظتها لن يجد أجمل من أن يعود بها إلى مراكب النور... ليجد نفسه..
*** صغائر النفوس ليست بالضرورة أن تكون كبيرة...
ربَّما تأتي في هيئة غفلة، أو هروب، أو إهمال، أو حتى نسيان...
ربما تُعبَّر بكلمة، أو موقف، أو...
لكن الإنسان يظل إنساناً...، جُبل على النَّقص...، ولو جاء في شيء يحوك في صدره، فيكسبه ألماً، أو يتحرك في خياله فيمحوه...
الإنسان يحتاج لأن يواجه ذاته كلَّ يوم، كي يخلص كلَّ يوم من وطأة الذات حين تُرسل السُّؤال إلى النَّفس...
*** كيف تواجهون أسئلة الذات؟
إنَّكم حتماً سوف تتبسَّمون...، ذلك لأنَّ ليس من شخص لم يحمل في لحظة ما عصاه كي يجلد ذاته...
إنَّ من يجلدها... هو لعمري أسعد السعداء...، وأنقى الأنقياء...
*** أدعوكم إلى جلد ذواتكم...
كي تنعموا بالنَّقاء مع أنفسكم...
هذا لكم...
أما ما هو لي فأقول:
*** كتبت سلطانة بنت محمد ا.ل من الرياض: «أفكر... أفكر...، وأكتب كثيراً ثم أمزِّق ما أكتب، إنَّ لديّ إحساساً قوياً بأنَّني أجيد التعبير، لكنَّني يا سيدتي أجيد البكاء أكثر...، لا يهدأ لي بال عندما أستعرض صفحة اليوم الذي أمرُّ به... أرجو منك أن تكتبي لي شيئاً عن الإنسان، وطبائعه التي تجذبه دوماً نحو عمل أي شيء يخرجه من دائرة المثالية التي أنشدها، والتي تنشدينها أنتِ أولاً بلا ريب وقد أدركت ذلك من متابعتي لقراءتك... و... و... لديَّ الكثير من الأفكار لقلم جميل هو قلمك... مع مودتي لكِ ياكاتبتي العزيزة...».
*** ويا سلطانة...، أنتِ لك من اسمك نصيب، فلقد تمكنتِ من ناصية القلم، ولقد استطعت استدراج قلمي نحو مسارب فكرتك... لذلك جاءت السُّطور الأولى لهذه الزاوية اليوم تحقق لكِ ما طلبتِ...، ألا تحاولين يا عزيزتي أن توظِّفي قدرتك على الكتابة في تطويق أفكارك، ومن ثمَّ إطلاقها لعنان الصفحات؟... ابدئي.. ولسوف تجدين نفسك فوق شواطئ أنهار التطهير...، فالبشر يحتاجون إلى لحظات صادقة في مواجهة الذات...، ألا... فإنَّني أدعو معك إلى رحلة نحو منابع الإغتسال عند منطلق المواجهة... في سرب السَّلام...، إنَّ النفوس البشرية أيضاً تحتاج إلى لحظة صدق مع الذات... وشكراً لك مطاردة الضوء كي تجلِّي عن الصفاء.. وشكراً يا سلطانة.. شكراً.
*** كتبت حياة ع.ع. الموسى.. :«لا أدري لماذا كلَّما تقدمت بطلب الانضمام إلى سلك المعلِّمات، أواجه بإحباط شديد ممن حولي...، إنَّ أكثرهم تحطيماً لي زوجي، إنَّه يقول مارسي عملك في التدريس مع أبنائك، علماً بأنَّ مواعيد عملي لا تتناقض مع قيامي بدوري كأم وإشرافي على دراستهم، وتحيَّرت هل أترك عملي لإرضائه؟ أم أستمر فيه ولا يعنيني رضي أم غضب؟... كما أنَّ جهودي مع الجميع تذهب أدراج الرياح...، أود أن أعلم: ماذا أفعل؟ بعد أن حصلت على وظيفة معلِّمة؟».
*** ويا حياة...، إنَّ لكلِّ شخص وجهة نظر، وأحسب أنَّ زوجك يبدي لك هذه الملاحظة من باب إطلاق وجهة نظر شخصية هدفها عدم مضاعفة الجهد عليك، وعندما يكون الاقتراح هذا من الزوج فإنَّ ذلك يعني أنَّه سوف يقوم بسدِّ خانات ما يمكن أن تؤديه وظيفتك. أما وإنَّه قد ساعدك، بل ذهب معك للتقديم للعمل، وعندما ثبتت وظيفتك وتحقق لك ما أردت كان هو أول المهنئين، فإنَّ ما يقوله لك من باب وجهة النَّظر الخاصة، ويمكنك التفاهم معه، لأنَّ لا نجاح للحياة بأفرادها إلا بالتفاهم بينهم... أما وإنَّك تعملين فهذا يؤكِّد «حسن نيَّته» معك. وثقي أنَّ في ممارسة الأداء مع أبنائك متعة لا تعادلها متع الدنيا بكاملها. وعلى وجه الخصوص إن أديتِ أمانة التَّوجيه للعلوم الشرعية وأولها كتاب الله تعالى وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم،
و... اسلمي..
عنوانة المراسلة: الرياض 11683 ص.ب 93855
|
|
|
|
|