| الاقتصادية
* كتب عبدالله الرفيدي:
تشير الدلائل إلى هطول الامطار أقل من المعدل على معظم مناطق المملكة فيما عدا الأجزاء الشمالية الشرقية والمنحدرات الغربية للمرتفعات الجنوبية الغربية التي يتوقع أن يكون الهطول عليها حول المعدل. مما يرجح احتمالية تأثر أجواء المملكة بموجة من الجفاف خلال العام الحالي 2002.
جاء ذلك في تقرير للمركز الوطني للارصاد والبيئة الذي يضم التوقعات خلال شتاء وربيع العام الحالي.
وقد اعتمد في إعداد التوقعات الفصلية على نواتج عدد من توقعات نماذج المناخ العددية العالمية الموضحة في المرفق بالإضافة إلى النماذج الإحصائية المناخية.
ويتضح التوقع الفصلي لهذا الموسم انخفاض حاد للهطول على الأجزاء الشمالية والوسطى لساحل البحر الأحمر والشمالية الغربية والجزء الغربي للقطاع الداخلي الممتد من الشمالية الغربية إلى الأجزاء الداخلية للمرتفعات الجبلية ومنحدراتها الشرقية. في حين يكون الهطول على بقية أجزاء المملكة أقل من المعدل بوجه عام فيما عدا القطاع الممتد من الشمالية الشرقية إلى شمال المنطقة الوسطى والمنحدرات الغربية للمرتفعات الجنوبية الغربية وأجزائها الساحلية التي يكون الهطول عليها حول المعدل. ويلاحظ أن احتمال الهطول الزمني سوف ينحصر في الفترة من أواخر ديسمبر إلى شهر يناير وفي شهري مارس وأبريل.
وقد أبدت نتائج توقعات النماذج العددية، درجات حرارة فوق المعدل لهذا الموسم ويعود ذلك إلى عدم التأثير الفعال للجبهات الهوائية الباردة التي يتوقع أن يقل عددها مقارنة بالمواسم الأخرى. إلا أن امتداد مرتفع سيبيريا سيؤدي إلى دخول كتل هوائية باردة خلال شهر يناير على الأجزاء الشمالية والوسطى والشرقية في حين تسيطر الرياح الشمالية الشرقية خلال شهر فبراير الجاف على المرتفعات الجبلية والتي قد تؤدي إلى تدني في درجات الحرارة. وفي حالة استمر عدم استقرار الأجواء على وسط حوض البحر الأبيض المتوسط والمغرب العربي إلى فصل الربيع فإن هناك احتمالية تكون منخفض خماسيني قد يؤثر على أجواء المملكة خلال منتصف فصل الربيع أثناء تحركه باتجاه الشرق.
وقد أشرف على هذا التقرير الدكتور سعد بن محمد محلفي مدير إدارة الأبحاث والتحاليل والتوقعات ومركز المعلومات وقد شاركت في إعداده نخبة من المتخصصين لإعطاء نتائج دقيقة نورد فيها ما ذكر في التقرير.
الآثار المترتبة
قطاع المياه
يتوقع أن ينخفض منسوب المياه الجوفية قرب السطحية بشكل كبير على معظم مناطق المملكة ويتفاوت هذا الانخفاض من منطقة إلى الأخرى.
المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية
تكون المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية وخاصة أودية منحدراتها الشرقية ومناطقها الداخلية والسدود والآبار الواقعة عليها عرضة لانخفاض منسوب المياه فيها فقد لوحظ أن معظم الآبار في المنحدرات الشرقية للأودية الممتدة من جبال السروات بدأ منسوب مياهها ينخفض بشكل ملحوظ وبذلك يتوقع أن تجف بعض الآبار بحلول منتصف عام 2002م وكذلك العديد من السدود الواقعة عليها وخاصة في المناطق الممتدة من بلاد باللحمر وباللسمر بمنطقة عسير إلى بالحارث وبني ما لك جنوب محافظة الطائف، ومن خلال المعلومات المتوفرة في حالات الجفاف السابقة يتوقع أن ينخفض إنتاج بعض آبار تلك المناطق إلى أقل من 10م3/يوم والتي كان إنتاجها يصل إلى 60 م3/يوم.
وتعتبر أكثر المناطق تأثراً محافظة بيشة حيث إن انخفاض منسوب المياه في سد الملك فهد ببيشة سيكون له أثر كبير على مزارع النخيل في تلك المنطقة حيث أن العديد من الأجزاء في أسفل بيشة تعاني من انخفاض حاد في منسوب المياه الجوفية وقد بدأ غور المياه الجوفية يمتد إلى المناطق المجاورة والتي كانت تنعم بوفرة من المياه في السابق مثل منطقة الجنينة. ويعود ذلك بالإضافة إلى عامل الجفاف إلى سببين هما، الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية وعدم الاستفادة من مياه السيول نظراً لبعد هذه المناطق نسبياً عن السد.
ويوصى بأن تتخذ الجهات ذات العلاقة مثل فروع ومكاتب وزارة الزراعة وكذلك مراكز الإمارات في تلك المناطق بعض الإجراءات الاحتياطية ومنها:
ترشيد استنزاف المياه الجوفية «مياه الآبار» وتوعية المزارعين بعدم زراعة المحاصيل التي يتطلب ريها كمية كبيرة من المياه مثل البرسين والذرة وكذلك عدم زراعة الأراضي ذات التربة غير الجيدة والتي تستنزف الكثير من المياه.
عدم تعميق الآبار تلافيا لزيادة تركيز ملوحتها. حيث انه في مواسم الجفاف وعند انخفاض منسوب مياه الآبار يقوم العديد من المواطنين بتعميق الآباروبالتالي اختراق بعض الطبقات المحتوية على مواد ملحية وبالتالي تتأثر المياه الجوفية فيها والآبار المجاورة بملوحة المياه وقد لوحظ أن بعض الأودية أصبحت مياهها غير صالحة للشرب.
الاحتفاظ بالمياه المتوفرة حالياً بالسدود وعدم تصريفها حيث أن الإجراء المتبع يتمثل في فتح مياه السدود للجريان في مواسم الجفاف لرفع منسوب مياه الآبار لا يجدي وقد يكون الاحتفاظ بها لاستخدامها في جلب المياه خاصة لسقي المواشي والاحتياجات المقننة أكثر نفعاً.
المناطق الساحلية المحاذية
للبحر الأحمر
في الوقت الذي يتوقع أن يكون فيه منسوب المياه في الجزء الجنوبي لساحل البحر الأحمر في وضع جيد فإن الجزء الأوسط والشمالي من المناطق الساحلية للبحر الأحمر يتوقع انخفاض منسوب المياه الجوفية فيها بشكل كبير. حيث أن بعض الآبار في أودية الأجزاء الساحلية لمنطقة مكة المكرمة مثل وادي فاطمة ووادي خليص ووادي الليث يعتمد عليها كمصدر أساسي للهجر والقرى الواقعة على تلك الأودية وكذلك لدعم المدن المجاورة، ففي وادي فاطمة يتناقص الإنتاج الكلي للآبار بشكل كبير من 25000م3/يوم إلى أقل من 2000م3/يوم أي ما يعادل 92% من الانخفاض في إنتاجها للمياه. ونظرا للحاجة الملحة للمياه قامت وزارة الزراعة والمياه بحفر العديد من الآبار وكذلك العين العزيزية قامت بحفر 12 بئرا وتعميق الآبار القائمة إلى صخور القاعدة بعمق يتجاوز الستة والأربعين مترا ومع أن هناك بعض السيول المحدودة أثرت على وادي خليص خلال الموسم الماضي، إلا أن إنتاج الآبار قد انخفض بواقع 18000م3/يوم. أما الجزء الشمالي لساحل البحر الأحمر فإن الأودية الممتدة من المرتفعات إلى البحر الأحمر غرب منطقة المدينة المنورة ومنطقة تبوك ستتأثر بانخفاض كبير في منسوب المياه الجوفية نظرا لقلة احتمالية الهطول عليها.
المناطق الداخلية
ومع أنه يتوقع هطول حول المعدل على الأجزاء الداخلية في شمال المملكة وشمال المنطقة الوسطى خلال شهر يناير وفصل الربيع إلا أنه يقل تدريجيا كل ما اتجهنا جنوباً ولذلك تكون أكثر المناطق عرضة لانخفاض منسوب المياه الجوفية هي منطقة وادي الدواسر والأفلاج والدوادمي والتي قد تشمل المجمعة والزلفي وحوطة بني تميم وحريملاء. وقد لوحظ خلال السنوات الماضية جفاف العديد من العيون في المنطقة الوسطى ولعل أهمها عيون الأفلاج التي جفت كأحد الآثار السيئة لموجات الجفاف التي تتابعت على تلك المنطقة.
المناطق الشمالية والشرقية
نظرا لهطول أمطار حول المعدل على القطاع الممتد من الأطراف الشمالية الشرقية إلى شمال المنطقة الوسطى وخاصة في فصل الربيع علماً بأن الأمطار المحتمل هطولها لا تعني أن يكون الموسم مطيرا في مجمله ونظرا لهطول أمطار فوق المعدل أثناء الموسم المنصرم وخاصة على حفر الباطن وعلى امتداد وادي الباطن لذا يتوقع أن يكون منسوب مياهها الجوفية جيدا يدعمه تأثير الهطول المتوقع خلال شهري يناير ومارس.ويتوقع أن يكون تأثير الجفاف على منطقة الأحساء للعام القادم ملحوظاً حيث ان العديد من العيون في منطقة الأحساء تعاني من غور المياه فيها لذلك قد تتأثر العديد من الأشجار والنباتات بحلول منتصف عام 2002م وأثناء فصل الصيف.
أما بالنسبة للمنطقة الشمالية الغربية فتكون أكثر مناطق المملكة قلة في هطول الأمطار هذا الموسم وبالتالي انعكاس التأثير على المياه الجوفية.
قطاع الزراعة
يتوقع أن يكون قطاع الزراعة في المرتفعات الجبلية أكثر القطاعات تأثراً بنقص هطول الأمطار نظرا لاعتماد هذا القطاع في المرتفعات على الأمطار كوسيلة للري المباشر وبهذا سيتأثر موسم زراعة القمح لهذا العام في المرتفعات الجبلية. في حين تتأثر القرى والهجر في منحدراتها الشرقية بانخفاض منسوب المياه الجوفية وبالتالي صعوبة ري المحاصيل الزراعية حيث لوحظ أن بعض المزارعين في تلك المناطق اعتمد على سقي الأشجار بواسطة ناقلات المياه «الوايتات». وفي حالة عدم هطول أمطار مؤثرة في فصل الربيع فإن ذلك سيؤدي إلى عدم جدواها الاقتصادية وبالتالي نفوق العديد من البساتين. وتتأثر بعض من مزارع النخيل التي تعتمد في ريها على الآبار التقليدية السطحية وخاصة في بيشة والأجزاء الجنوبية للمنطقة الوسطى والمناطق الساحلية. وقد يعمق الجفاف إصابة النخيل بالحلم الغباري «الغبير». وفي المناطق الساحلية للبحر الأحمر يعتمد الكثير على زراعة الحبحب والتي ستتأثر بتأخر الهطول لهذا الموسم إلا أن احتمالية تساقط بعض الأمطار الخفيفة على بعض من الأجزاء الوسطى والجنوبية لساحل البحر الأحمر خلال شهر يناير قد تكون كافية لمحصول متوسط الجودة.
الآثار الاقتصادية
من الصعب تحديد الآثار الاقتصادية للجفاف بدقة ولكن من خلال المعلومات السابقة في مثل هذه الحالة يتوقع أن عوامل التأثير الاقتصادي تكون على النحو التالي:
جلب المياه للمزارعين من مناطق أخرى.
حفر آبار جديدة وتعميق الآبار الموجودة.
ارتفاع أسعار الأعلاف نظرا لزيادة الطلب عليها.
انخفاض الجدوى الاقتصادية من عملية تربية المواشي.
زيادة عدد المواشي المستوردة.
ارتفاع أسعار بيع المنتجات الزراعية وسلع الصناعات التي تعتمد على قطاع الزراعة.
الأمراض سواء البشرية أو الحيوانية الناتجة عن آثار الجفاف والموجات الساخنة.
زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية نظرا لتعمق آثار الجفاف والموجات الساخنة المصاحبة له أثناء فصل الصيف.
تأثر قطاع البنوك نتيجة للقروض ذات العلاقة بالاستثمارات الزراعية والحيوانية أو الصناعات المعتمدة عليها.
تأثر قطاع السياحة الداخلية حيث أن الجفاف والموجات الساخنة من إحدى العوامل التي تحد من النشاط السياحي.
تكاليف مجابهة الآثار البيئية المباشرة أو غير المباشرة والناتجة عن الجفاف.
استصلاح الأراضي الزراعية التي تدهورت بسبب الجفاف وصيانة الطرقات التي تتعرض لزحف الرمال.
|
|
|
|
|