| مقـالات
إن دراسة أحوال التعليم في الوطن العربي ووسائل تطويره وتحديثه لملاحقة التطورات والتغيرات المتسارعة وطنياً وعالمياً، والتي شهدت بداياتها بالفعل أواخر القرن العشرين تعد إحدى الأولويات الأساسية.
والعملية التعليمية يمكن وصفها بأنها منظومة أو نسق يتألف من حلقات مرتبطة متفاعلة يؤثر بعضها في بعض، وتشمل هذه الحلقات أهداف التعليم ومحتواه وأساليب التدريس ونظم التقويم. ومبدأ التفاعل بين هذه المكونات يؤكد أن أي تحديث لأحد هذه المكونات أو الجوانب لا بد وأن يكون له صداه وأثره في المكونات الأخرى.
ويمكن لعملية التفاعل هذه أن تتم بنجاح لو كانت جميع حلقات هذه المنظومة أقل مقاومة للتغير والتطوير، إلاَّ أن ما يحدث عادة أن بعض هذه الحلقات تقاوم التغيير، وقد يكون التقويم أقوى هذه الحلقات، مقاومة للتغيير، على الرغم من أنه يكاد يكون أكثر هذه الحلقات أثراً في المنظومة كلها.
فالتقويم يعد بمثابة جهاز التحكم في المنظومة التعليمية كلها، وبالتالي فهو مسئول عن مسار العملية التعليمية في اتجاهها السليم من خلال التغذية الراجعة التي يوفرها، وهو بهذا يسعى إلى تحقيق اكتمال هذه المنظومة ومن ثم تطويرها.
فمهما تحدثنا عن الأهداف العليا للتربية وعن تطوير المناهج وتحسين التدريس، فإن نظم التقويم هي التي تحدد مسار ما يتم، فنحن نستطيع أن نتحدث كما نشاء عن التفكير والابتكار والقيّم وغيرها من الأهداف التربوية، وقد نطور مناهجنا ووسائلنا وندرب معلمينا، ثم تأتي الامتحانات فنقيس الحفظ والاستظهار فقط فتنهار كل محاولات التطوير.
وهكذا تقوم نظم التقويم التقليدية بدور خطير في منظومة التعليم، لذلك فإن دعوتنا إلى تطوير نظم التقويم وتحديثها تتضمن في جوهرها تطويراً وتحديثاً للمنظومة التعليمية كلها حيث يؤدي إلى تطوير الأهداف التعليمية وبرامج إعداد المعلمين قبل الخدمة وتدريبهم أثناءها وتطوير المناهج وطرق وأساليب التدريس، وحل بعض المشكلات التي يواجهها التعليم في الوقت الحاضر مثل الدروس الخصوصية والغش في الامتحانات، وفي النهاية تغير البناء النفسي للمتعلم، وبذلك يكون التقويم مدخلاً لإصلاح التعليم.
وبالرغم من هذه الأهمية البالغة للتقويم في تحسين العملية التعليمية، فإن معظم ما تم من تطوير شمل جميع جوانب أو مكونات المنظومة التعليمية باستثناء التقويم الذي افرز المشكلات التي تناولناها فيما سبق.
ولما كان موضوع التقويم يشغل جانباً كبيراً من اهتمام المفكرين التربويين في مختلف دول العالم، واعدت له دراسات متعددة نتج عنها ضروب من التطوير تمثلت في إدخال العديد من الاتجاهات المعاصرة في هذا المجال، فكان ينبغي على الدول العربية أن تستجيب لهذا التطوير.
وذلك بأن تخضع مثل هذه الضروب المختلفة من التطوير للدراسة، وبغية الاستفادة منها وتطويعها لخدمة هذا المجال والذي تضطلع جميع الاقطار العربية حالياً إلى النهوض به.
وعموماً فإننا أحوج ما نكون حالياً إلى مراجعة شاملة لأنظمة التقويم لدينا ويمكن أن يتأت ذلك من خلال :
1 دراسة أوجه قصور نظم وأساليب التقويم الحالية.
2 تعرف تجارب الدول المختلفة في تطوير الامتحانات والتقويم التربوي.
3 دراسة الاتجاهات الحديثة في نظم الامتحانات والتقويم التربوي.
4 تطوير الامتحانات والتقويم التربوي في ضوء متطلبات الجودة الشاملة.
5 حديث برامج التدريب في ميدان الامتحانات والتقويم التربوي.
6 تقديم آليات جديدة لتطوير التقويم.
7 تفعيل دور الإعلام التربوي في تطوير الامتحانات والتقويم التربوي.
8 وضع تصور لتقويم الجوانب الوجدانية والمهارية للطلاب في مراحل التعليم قبل الجامعي.
9 وضع معايير لتقويم الأداء المدرسي (المعلم الإدارة البرامج والمناهج والأنشطة المباني الإشراف والتوجيه).
10 وضع تصور لنظم الامتحانات في الشهادات العامة.
11 تحديد نظم وأساليب الامتحانات والتقويم للفئات الخاصة (الفائقين الموهوبين المعاقين).
12 توظيف تكنولوجيا المعلومات والبرامج في مجال الامتحانات والتقويم التربوي.
ونسأل الله التوفيق والسداد لمجتمعاتنا العربية.
|
|
|
|
|