| مقـالات
مع قدوم الامتحانات يستعد الطلاب والطالبات لهذه المناسبة وتعلن حالة الاستنفار القصوى في عامة البيوت من الطلاب وأولياء امورهم.. قلق وخوف يعقبها فرح واستبشار أو حزن وحسرة.
ان النتيجة السلبية التي يتجرع حسرتها بعض الطلاب مع اولياء امورهم هي نتيجة ما سطره الطالب في ورقة الاجابة، جهد عام دراسي او فصل دراسي تكون نتيجته صباح الامتحان عندما يمسك الطالب بقلمه ويعصر فكره ويسطر قوله في هذه الورقة والعبارة التي تقول (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان) لاتفارق خياله.
إن المحزن في هذا، ما يحصل لبعض الطلاب المتفوقين من ظروف اثناء الامتحان تمنعه من تتويج جهده وتفوقه طوال الفصل بنتيجة تتناسب مع ما بذله خلال العام الدراسي.
فقد تحرمه الظروف من دخول الامتحان فيذهب جهده سدى ويقف استاذه عاجزا عن تقدير جهده او مكافأته على اجتهاده.
والدرجات الفصلية التي يحصل عليها الطالب أثناء الفصل الدراسي لا تؤهله لتجاوز المادة فضلا عن التفوق فيها.. ونحن نعترف انه لا بد من مقياس يستطيع من خلاله المدرس تقييم الطالب وقياس مستواه ومدى تحصيله.. والامتحان النهائي جعل لهذا الغرض، ولابد من الاعتراف ايضا انه ما من وسيلة من وسائل التقييم الا وفيها من الثغرات ما لا يخفى على متأمل.
ولست هنا ادعو الى تقييم الطلاب بجميع مراحلهم اثناء الفصل الدراسي او الغاء الامتحان النهائي فهذه مرحلة لم نصل إليها بعد لكني ادعو الى اعادة النظر في مثل هذه الحالات ووضع العلاج المناسب لها كحالات خاصة.والحديث عن ورقة الاجابة وهو مما يجعلنا نعيش هموم الطالب الجامعي مع هذه الورقة.
فالطالب في هذه المرحلة عندما يتسلم ورقة الاجابة او قل مذكرة الاجابة التي توزعها بعض الجامعات على طلابها والتي قد تزيد ورقاتها على العشر، يقف هذا الطالب في حيرة من امره فيظن ان استاذه الذي اعطاه هذه المذكرة يطالبه بأن يملأ هذه الورقات لانه يأخذ بالعبارة المشهورة او الحكمة القائلة (خير الكلام ما زاد وفاد).. وقد يتهم هذا الطالب استاذه انه ممن يضعون الدرجات بناءً على كثرة الصفحات او ممن يقيسونها بالسنتميترات.. واساتذة الجامعة في السابق عامتهم على هذا المنوال وجلهم قد اقتنع بهذه الحكمة وأخذ بها ولذا تجد بعضهم يدور على طلابه بعربة مليئة بهذه المذكرات ويكرر العبارة السابقة ليحث طلابه على التوسع في الاجابة لكنه الآن رجع عن هذا الرأي واصبح يكرر على طلابه ويذكرهم بالحكمة القائلة (خير الكلام ما قل ودل) وذلك لأن الظروف اليوم تختلف عن ظروف الامس بل قل طلاب اليوم يختلفون عن طلاب الأمس كماً وكيفاً، فالطلاب في السابق أعدادهم قليلة ربما لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة فلا يزيد عدد طلاب الاستاذ في الفصل على مائة طالب ومع ذلك اذا كتبوا وقرأ الاستاذ ما كتبوا علم ان ما زاد قد فاد كما قالت الحكمة.. اما الطلاب اليوم فأعدادهم كبيرة وحسبك ان تعلم ان الكثير من الاساتذة يزيد عدد طلابه على خمسمائة طالب خلال الفصل الدراسي الواحد.فإذا الزمهم الاستاذ بالحكمة القائلة (خير الكلام ما قل ودل) قصروا انفسهم على خمس صفحات على سبيل المثال كل صفحة تحتاج من الاستاذ على أقل تقدير الى دقيقتين لقراءتها وتفهيمها وتقييمها ... هذا انه يحتاج الى عشر دقائق لكل طالب فإذا ضربنا هذا العدد في عدد الطلاب اصبح يحتاج الى خمسة آلاف دقيقة لتصحيح اوراق طلابه خلال الفصل الواحد وهذا يعني انه سيقضي أكثر من ثمانين ساعة متواصلة لانهاء هذه المهمة اذا اضفنا الى هذه الظروف مطالبة الجامعة له بالمبادرة في تسليم النتائج وسرعة الانجاز.فيعيش الاستاذ الجامعي في حرج شديد في محاولته للاستجابة لمرجعه في المبادرة بتسليم نتائج طلابه ومحاسبته لنفسه في التأكد من نتيجة كل طالب ومراجعة اوراقه وتدقيق درجاته ومراجعة جمعه وحساباته كل هذا الحرج مع اخذه بحكمة (خير الكلام ما قل ودل) والزام نفسه بها خلال وضع الاسئلة وتأكيده على طلابه في الأخذ بها أثناء اجاباتهم.فما هي حاله اذاً لو اخذ بالحكمة الاخرى التي تقول (خير الكلام ما زاد وفاد والتي اخذ بها زميله من قبل؟).مع ان طلاب اليوم لا تنطبق عليهم أية من الحكمتين فلا فائدة في زيادتهم إنما تعب للعيون وصداع للرأس وألم في القلب.ولا دلالة مع القلة كما تقول الحكمة الثانية وانما في هذا التعميم استثناءات حتى يصدق الكلام ويرفع الملام..والله من وراء القصد،،،
جامعة ام القرى ص. ب 13663
|
|
|
|
|