| الاخيــرة
منذ طفولته احب الفن، وبرع في صباه في مجال الخط العربي والتكوين الزخرفي للحروف العربية، وكأي موهوب اخذ «فرحان» يطور من قدراته ويستغل موهبته في اظهار طموحاته الفنية، وبرع في فن النحت والمجسمات.
خلال مثابرته على ترجمة مواهبه الى اعمال فنية متميزة اوصلته الى المشاركة في عدد من المسابقات الفنية والحصول على عدد من الجوائز التي دفعته الى المشاركة في سابقة فنية على مستوى المنطقة الى جانب عدد من الفنانين المشهورين، عكف «فرحان» على صنع مجسم يمثل البيئة التي ينتمي اليها واختار «المدخنة» لتكون العمل الذي سوف يتقدم به الى المسابقة نظراً لكونها تمثل البيت العربي السعودي الاصيل، والكرم العربي المتوارث الممزوج برائحة «الدخون» العبق الذي طالما عانق نسائم الصحراء، فعطرها وتعطر بها.
كان مجسم «المدخنة» حلماً لازمه طوال اشهر عديدة من فترة تكوينه، بات معه، ونام في احلامه، واستيقظ على رائحة «دخونه»، كل ذلك جعله يصل الى قمة الابداع في تكوين مجسمه.
في اليوم المشهود يوم المسابقة حمل «فرحان» المدخنة وطار بها الى المعرض، وكان وهو في طريقه اليها يتخيل انه يسير في زفة عمره..يختال الى جانب عروس قلبه رائعة الحسن والجمال، ولو ان غصة عابرة مرت على خاطره حين أفاق من احلامه على عروسه وهي على ظهر «وانيته الابيض» بدلا من ان تكون على سرج فرس عربية اصيلة بيضاء لكنه استدرك ذلك بفرحته التي رسمها على كامل مساحة الحلم الذي ينتظره بعد ان يرى الناس عروسه تلك ويرمقونها بنظرات الغبطة والاعجاب.
لم تخل تلك اللحظات من الاحلام الكبيرة التي بدأ يفصل مستقبله عليها، حيث توقّع ان تنهال عليه العروض والمكافآت فقال في نفسه: واخيرا وداعاً للحاجة والفقر!
لم يخب ظنه فقد فازت مدخنته «بدخونها» الهندي العطر بالمركز الاول وابدى كل من رآها اعجابه بحسنها والقيت على مسامعه سيول من عبارات الاطراء والغزل فيها وفي زينتها.. وانتهى المعرض.
عاد «فرحان» الى بيته يمني نفسه بكل الامنيات القريبة منها والبعيدة، وظل ينتظر العروض التي لم تأت. فظن انه في حاجة الى محل يكون مرجعاً للزبائن يفتق فيه ابداعاته ويزين صدره بمدخنته العتيدة.
فذهب لاحضارها..وكانت المفاجأة انه لا اثر لها ولا احد يعرف اين تغفو عروسه!
جد في البحث والسؤال وطمأنه مدير المعرض الى انه سوف يتولى مهمة البحث والتقصي ويقف على امر اختفائها.
ايام قليلة مرت وزف اليه مدير المعرض نبأ عثورهم على ضالته..فهي ترقد في مكان وثير آمن وبعيد عن المنال! ونصحه بعدم السؤال..فبكى فكفكفوا دموعه بخمسة الاف ريال!
طلق «فرحان» عروسه مرة، وطلق مهنة الفن مرتين وتحول الى فن تسمين الاغنام وفتح له هذا الفن خزائن الثراء فاصبح من اصحاب القصور، لكنه حتى الساعة لايزال يحلم بعروس اخرى كعروسه المسبيه يزين بها صدر مقره الجديد.
مع ذلك لايزال «فرحان» مقهوراً وزعلاناً، لان المجتمع قد صادر عشقه للفن، واقتلعه من واحة الاحلام، الى حظيرة تسمين الاغنام..وتاليتها؟!
hindmajid@hotmail.com
|
|
|
|
|