| الفنيــة
الذين عرفوك أحبوك
الذين خبروك أحبوك
الذين شاهدوك احبوك
ثلاثون عاماً يا أبا عبدالإله وأنت تزجر الرتابة وتشاكس السأم.. ثلاثون عاماً وأنت تمزج الجد بالهزل والهزل بالجد.. تستدرج بياض السريرة الى واجهة الفن مثلما تستفز المثالب كي تخجل وترعوي.. ثلاثون عاماً يسكنك هاجس المسرح والتمثيل، تدوزن روحك واعصابك ونبضك الى اقصى قطرة في الممكن والمتاح.. إخال صوتك وحركاتك على المسرح أو أمام الكاميرا، إخال قهقهاتك او تنهداتك.. إخال كل ما نراه او نسمعه فيك ومنك شهادة ناصعة على مايحتدم في أعماقك من وهج الفن ونبل القصد والمسعى.. فقد عرفناك في ثلاثين عاماً.. منا من شبَّ معك ومنا من كان يافعاً او صبيّاً ومنا من كنت البسمة التي أنارت شيخوخته.. كنت قاسماً مشتركاً لمرح الاجيال و أتراحها.. حفرت في صخر الجهل بدافع الحب لكي يكون ثمة مسرح وفن.. عدّتك عشق الفن وضمير المواطن.. نسجت بعناد مع كل الكوابح والمثبطات والعقبات، مسيرتك الفنية خطوة خطوة، عناء بعناء، أملاً بأمل، صبراً بصبر، طموحاً بطموح.. كلما مسَّك ضجر صفعته بمحاولة.. كلما خامرك شعور باللا جدوى قطعت دابره بعمل.. كلما اغاظك شح عطاء الفن في بلادنا مقابل الصخب الكوني للفن، جرحت يديك بالطرقات على أبواب الزملاء وأهل الكار تسألهم ان يحاولوا، تمنحهم من توقك ملاذاً وتكنس عن أذهانهم ملل الانتظار.
الذين عرفوك أحبوك
الذين خبروك أحبوك
الذين شاهدوك أحبوك
أولم تكن تغرينا لكي نطل على انفسنا، أولم تكن تدعونا «خلك معي».. ومعك كنا، على مقاس الحلم والواقع معاً.. نراك ونمسك تجدف في محيط الفن.. مركب يغالب الموج.. قبطانه انت: موزع بينا الأثباج والأمواج: هناك لآلي ومرجان واسماك، وهناك مهد اخضر، رقراق يصعد بالحباب ويلثم رمال الشطآن.. «وبين جنبيك آمال مبعثرة تكاد لولا بقايا الصبر تندثر» كما قال صاحبك عمر أبو ريشة.. ولأن بقايا الصبر لم تندثر ظللت تجدف ولسان حالك: «ما لايدرك كله لايترك جله» وأشهد يا أباعبدالإله انك لم تترك.
ظللت مثل عشبة برية تنتعش بالندى والنسيم وتشمخ اذا أذاقتها قطرات المطر شيئاً من عذوبتها..
قدرك يا ابا عبدالإله ان تكون من الرواد.. والرواد دائما زادهم رغبة السير ولو حبواً.. وماكنت تحبو، كنت تخصف من شجر الامل ورقاً تجعل منها اجنحة وتحلق مبهوراً كطفل، مهووساً كما يليق بفنان.. نحن ربعك واصدقاؤك ومشاهدوك رأيناك وأحسسنا بك على هذا النحو.. اما وقد اختارك الباري سبحانه الى جواره ومضيت عنا، فسوف يظل حضورك بيننا وفي عيون وطنك وأهلك باقياً كما لو لم تمض بعد.. لسوف يبقى حضورك رغم مرارة الغياب حاضراً يشع فينا فرحاً ومحبة.. لك منا الدعاء الحار إلى الغفور الرحيم ان يسكنك جنة الخلد.. آمين يارب.
|
|
|
|
|