| مقـالات
حقيقة ثابتة وهي استحالة تغير الطباع ولنضف عبارة «بسهولة» حتى لا نقفل الباب ولهذا قيل ان الطبع يغلب التطبع أي انه يتفوق عليه عند التجربة ولهذا فشلت عشرات التجارب عند محاولة بإحداث تغيير طباع ومسارات اعتادتها فئة من الحيوانات وحتى الانسان أو على الأقل لم تأت النتائج حسب ما كان يتوقع لها وان بدت أنها محاولة تستحق مواصلتها والاستمرار فيها طالما كانت الغاية نبيلة ولعل من محاولات تغيير الطبائع الفاشلة ما فكر به زعيم الفلسفة الشيوعي ماركس عندما اعتقد أن حب التملك لدى الانسان يمكن ان يكبح فكان نظامه الاشتراكي في أساسه الفلسفي يرتكز على تحويل جهد الانسان من غاية ذاتية نحو غاية جماعية تستهدف الطموح على حساب الطمع الفردي وبما ان تركيبة الانسان ترفض مثل هذا التوجه أي انه في الأساس يبذل جهده لما يحقق غاياته الذاتية نحوها في محيط أسروي مع انه توجد فئات خرجت على هذه القاعدة وهي محدودة في الغالب مثل أولئك الأفراد الذين يضحون بأنفسهم في سبيل غايات عظمى مثل الدفاع عن المثل والشرف والوطن كعمل فدائي تطلب شحنهم بمثل تلك المبادىء اضافة الى ما يختزنونه ذاتيا من نظرة سامية تنطوي على التفوق والمثالية في حب الآخرين والمجتمع عامة.
وهنا أيضا يقف الى جانب هؤلاء بشموخ الأنبياء والرسل والعباقرة الذين نالوا متاعب جمة بسبب ما ينادون به من مثل ومبادىء تخرج الانسان من عتمة الجهل والرذيلة الى آفاق أكثر سموا انطلاقا من التعاليم الالهية الخالدة والقائمة طويلة التي خرج بها رجال عظام على القاعدة لتحقيق منجزات علمية وبطولية تحفها الخطورة على حياتهم ومستقبلهم يدخل مع هؤلاء القادة البواسل الذين يخوضون المعارك المشرفة انتصاراً للمبادىء التي يدينون بها. اعترف بأن السياق قد دفع بقلمي الى منحنى آخر لم أكن قد فكرت به وأنا أبدأ بهذه الخاطرة اذا انني أعاني من حسن الظن بكافة الناس دون تمييز وهذه الثقة المفرطة دفعت ثمنها من راحتي ومالي مما يجعلني بعد فوات الآوان أحاول ان أضع بعض الشك مستقبلا في علاقاتي الاجتماعية في البداية على الأقل وهو ما أحب ان يشاركني به قرائي إذ ان هذا العصر المتلون جعل أفراده يستعملون هم أيضا أنواعا من الأقنعة تصلح لجميع المواقف ليستطيعوا بواسطتها التلون بسهولة مفرطة لاسيما في علاقتنا بالأفراد من المجتمعات الأخرى إذ أن مجتمعنا لم يتلون كاملا بتلك النوعيات الباهتة انما هو ما زال إلا قليلا يمتلك الكثير من الصدق والصراحة خاصة ونحن جميعا نمقت الكذب وقد تربينا على نبذه كصفة دنيئة نربأ بأنفسنا من الاتهام بها لأنها ليست من سجايا العربي المسلم في مجتمع اخلاقي يعتمد على التعاليم الاسلامية الرفيعة. أما أولئك الأقوام الذين نسيح من أجل ان نستفيد من تجاربهم فلسوء الحظ نفاجأ بذلك الانحطاط الاخلاقي في سبيل استغلالنا من نقطة الضعف التي لا نتخلى عنها وهي الصراحة والصدق والشفقة بالآخرين إذ ان حسن الظن يجعلنا لقمة سائغة للتلاعب بنا والاستحواذ على ما يريدونه منا لاسيما الكسب المادي الذي يستهدفونه بالدرجة الأولى. فيا اخواني وأبنائي السائحون احذروا غاية الحذر من الأقوام التي تتراكضون نحو مجتمعاتها الموبوءة. لا تغركم الابتسامة التي تقطر رياءً ونفاقاً فاعلموا ان وراء الابتسامة الخادعة خطة محكمة لا يقاعكم في شباك الغدر والخيانة ولا بأس ان يقع احدنا في الفخ وانما الأسوأ ان يخفي ما ناله من ألم بعد ان اصبح ضحية أولئك المخادعين لذا فإن الحذر هو الدفاع الأساسي حتى نتفادى تلك النتائج.
والجعبة تحمل تجارب كثير من الأبرياء الذين اصطادهم السيئون من البشر في هذه الأرض الشاسعة التي تطالها أقدامنا الباحثة عن الخير والتزود بالمعرفة الناصعة فإذا بنا نقع في مستنقعات الغدر والخيانة.. وقاكم الله من الشرور المبثوثة في أنحاء متفرقة من هذا العالم.
للمراسلة/ ص.ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|