| مقـالات
لاشك أن الواقع العربي كان ضحية لمحاولة القفز على كثير من الحواجز دون النظر الى المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية الدولية. حيث أدت هذه النظرة الى تحميل الأمة العربية نتائج خطيرة لا تزال هذه الأمة تدفع فاتورة حسابها الى وقتنا الحاضر، وهي مرشحة الى الدفع الى فترة ليست بالقصيرة.. وقد ساهم في تأجيج هذه النزعة ما اصطلح على تسميته بالحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي في النصف الثاني من القرن العشرين.
ان تحقيق الاهداف لا يأتي فقط بوجود عواطف ومشاعر وأحاسيس جياشة حتى وان كانت هذه العواطف مدعومة بالحق والعدل وحسن النوايا ما لم يتوفر لها الظروف الملائمة. ولو نظرنا الى بعض السياسات العربية لوجدنا كثيرا منها عاد على هذه الامة بالخسران المبين نتيجة لعدم اخضاع هذه السياسات الى المعطيات المحيطة أو عدم قراءتها بشكل صحيح. فنجد سياسات طالبت بنسف اسرائيل بالبحر مع عدم وجود المقومات الاساسية لذلك وسياسات أخرى طالبت بوحدة ارتجالية دون دراسة الآليات لتطبيقها.
وسياسات ثالثة رأت ان التوسع على حساب الجيران ممكن دون النظر الى مسألة التوازنات الاقليمية. ولذلك كانت النتائج قاسية مما حدى بكثير من أصحاب هذه الدعوات ومؤيديهم ان يتراجع عن مواقفه وان يقلل من مستوى طموحاته.
وقد انتقلت هذه النزعة من مستوى القيادات الى الجماعات المنتشرة في بعض الدول العربية والاسلامية فأخذت تدعو لتوجهاتها دون اكتراث بالمعوقات الحقيقية التي تحيط بها. ولم يمض وقت طويل حتى اصطدمت بحواجز لا قبل لها بها. وبذلك خسرت الجولة وخسرت بعض المكتسبات التي حققتها وبدأت في الاضمحلال شيئاً فشيئاً حتى أصبحت جزءاً من الماضي.
ان توسيع الاهداف والطموحات العالية لا يمكن تحقيقها الا بتوفر المقومات الأساسية لنجاحها لذلك لابد من دراسة المعطيات المحيطة من جميع جوانبها وعدم السماح للعواطف الجياشة ان تتغلب على لغة العقل. فالذي يمكن تحقيقه اليوم قد لا يمكن تحقيقه غدا وبالمقابل فإن الذي لا يمكن تحقيقه اليوم قد يمكن تحقيقه غدا. واعتقد ان ما حدث في أفغانستان درس يمكن الاستفادة منه على المدى البعيد لكنه بدون شك درس قد كلف الشيء الكثير. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
*عضو هيئة التدريس بمعهد الإدارة
|
|
|
|
|