| مقـالات
تذكر الكثير من التقارير وأوراق العمل أن هناك ضعفاً في التنسيق والتكامل بين مؤسسات البحث التربوي في الوطن العربي فهناك ضعف في التواصل والتعاون بين الباحثين العرب وحتى في البلد الواحد في مجال تبادل المعلومات. فالصلات بين الباحثين العرب تكاد تكون معدومة مما يؤدي إلى عدم الاستفادة من البحوث السابقة في ميادين التخصص المختلفة، كذلك قلة وجود كشافات تصدر عن مؤسسات البحث توفر للباحث فرصة الاطلاع على ما هو موجود من بحوث للاستفادة من نتائجها ولعدم تكرارها. ذكرت ذلك دراسة حول البحث التربوي في الوطن العربي وذكرت الدراسة أن هناك عدة أسباب وعوامل ساعدت على تكريس هذا الواقع أهمها أنه لا توجد سياسة وطنية في أقطار عربية عديدة تعمل على رصد المشاكل التربوية والتعليمية ورصد مواطن الاختناق في النظم التربوية وتدعو البحث التربوي لتحليل الواقع وتقويمه وتحديد العوامل المتحكمة به واقتراح نماذج من الحلول على أصحاب القرار وهو ما يفرض بشكل من الأشكال التنسيق والتكامل بين مراكز البحث التربوي ومراكز البحث العلمي بصفة عامة وبين المؤسسات الجامعية ذات العلاقة.
إن الافتقاد إلى سياسة وطنية في هذا الصدد يوجه البحث التربوي إلى وظيفة ثانية تتمثل في الإعداد للترقية الأكاديمية عوضاً عن الوظيفة الأولى ومن إفرازات هذا الوضع تكريس البحوث الفردية على حساب البحوث الجماعية واختيار مواضيع ليست بالضرورة ذات صلة بالمشاريع التنموية في قطاع التربية والتعليم أو في القطاع الاجتماعي بصفة أعم. وإذا اعتبرنا ان للتنسيق عدة أبعاد منها التنسيق بين مراكز البحث التربوي والجامعة وكليات التربية من جهة ومن جهة أخرى بين صانعي القرار التربوي يعود عدم التنسيق أو انعدامه إلى عاملين أن الطرف الواحد يستعمل لغة تكاد تكون غير مفهومة فالباحث يستخدم مصطلحات ومفاهيم علمية وتقنية ووسائل تختلف عن تلك التي يستخدمها الممارس الميداني وفي ندرة إدراج البحث التربوي في مناهج إعداد المعلمين في مؤسسات عديدة وفي ندرة ممارسة الباحث للعملية التربوية.
وفي نفس الإطار فإن التعميمات التي يفضي إليها البحث التربوي ليست قاطعة إجمالاً ذلك أنها غالباً ما تؤدي إلى تعديلات في النماذج النظرية التي ينطلق منها الباحثون التربويون في أبحاثهم وما يترتب على ذلك من تعددية في المفاهيم التي يمكن بها إدراك الظاهرة التربوية الواحدة أو محاولة فهمها وهو وضع يشير إلى الصعوبات التي تعترض صانع القرار في توظيف نتائج البحث لمواجهة واقع ميداني محدد يتميز بالإلحاحية والآنية ولا يمكن تأخيره حتى يتم إنجاز بعض البحوث التربوية التي يرى صانع القرار ضرورة إنجازها لصنع القرار. وأضافت الدراسة أن مؤسسات بحثية عديدة في أقطار عربية تستخدم منهجية تقليدية تم التدرب عليها وبالتالي أدى هذا الأمر إلى الشعور بالاكتفاء الذاتي الذي من إفرازاته انعدام الحاجة للاطلاع على المؤسسات الأخرى والتعاون معها علمياً.
إن ما ينطبق على منهجية البحث ينطبق على طبيعة الإشكاليات المطروحة لتحليل الأوضاع وعلى المقاربات المعتمدة للغرض. إن ضرورة التعاون والتكامل والتنسيق في هذا المجال تفرضها حركة التجديد وحركة تجاوز النمطية التقليدية. ويمكن ان يرجع ضعف التعاون والتكامل الى التشتت الحاصل بين مؤسسات البحث التربوي على المستوى القطري والقومي، من ذلك يمكن على مستوى البلد الواحد أن تنتمي هذه المؤسسات إلى هياكل مختلفة لا تخضع بالضرورة إلى التكامل والتنسيق الفعليين مثل الانتماء إلى وزارات التعليم العالي ووزارات التربية أو إلى جامعات مختلفة أو مؤسسات خاصة علماً بأن غياب سياسة قومية أو قطرية في مجال البحث التربوي من شأنه أن يكرس التشتت وعدم التعاون والتنسيق.
وعلى الله الاتكال.
|
|
|
|
|