| مقـالات
اذا كان اليهود قد قتلوا الف نبي من انبياء الله، فمن هذه الامة من قتل خلفاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بكل اسف، بحجج واهية زينها الشيطان في فكر هؤلاء الحركيين القتلة المجرمين، الا ورب عمر ان يداً تمتد عليه فطعنته بخنجر مسموم ظالمة وهو القائل «حبسني عنكم قميصي هذا، كنت أنتظره حتى يجف، انه ليس لي قميص غيره». وهاهو امير المؤمنين يؤم الناس في الصلاة فيسمع نشيجه في الصف الاخير، ويعدو ويهرول وراء بعير ند من ابل الصدقة خارج المدينة، ويلقاه علي ابن أبي طالب فيسأله، الى أين يا امير المؤمنين؟ فيجيبه: بعير ند من ابل الصدقة أطلبه. فيقول علي: لقد اتعبت الذين سيجيئون بعدك يا عمر، فيجيبه: والذي بعث محمداً بالحق، لو ان عنزاً ذهبت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيام» ويصحب زوجته في منتصف الليل حاملاً على كتفيه جراب دقيق وفي يديه قربة ماء ووعاء سمن ليصنع الطعام خارج الكوخ لتلك المرأة التي ادركها المخاض..ويستقبل هدية من الحلوى ارسلها اليه عامله في اذربيجان فيسأل الرسول الذي جاء بها: أوكل الناس هناك يأكلون هذا..فيجيبه الرسول: كلا يا أمير المؤمنين انها طعام الصفوة، فيختلج عمر ويقول للرجل: اين بعيرك؟ احمل هديتك وارجع بها الى صاحبها، وقل له: عمر يأمرك الا تشبع من طعام حتى يشبع منه قبلك جميع المسلمين».
الا ورب عثمان ان يداً تمتد عليه فتنحره ظالمة وهو الذي تستحيي منه الملائكة، ذلك الخليفة المظلوم الذي عجزت الظروف ان تقف امام صموده، فأبى الا أن يغادر الدنيا على زورق مبحر في يم الخلود، وسبحت الامة بعده في ثبج دمائه الغالية الزكية الى هذا اليوم كيف والرسول صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «أرحم امتي ابو بكر، واشدها في دين الله عمر، واشدها حياء عثمان» ركب المخاطر والمحاذير، وترك حياة الاستقرار، حاصره الثوار الملعونون يريدون قتله وهو صهر الرسول صلى الله عليه وسلم، فتقدم له المغيرة بن شعبة فقال يا امير المؤمنين، لقد نزل بك ما ترى، واني اشير عليك بثلاث، اختر احداهن: اما ان تخرج فتقاتلهم، فان معك قوة وعدداً وانت على الحق وهم على الباطل، واما ان تفتح لك من خلف الدار باباً تخرج منه في غفلة منهم حيث تحملك رواحلك الى مكة فإنهم لن يستحلوا دمك وانت بها..واما ان تلحق بالشام فان بها معاوية، ويجيب الخليفة الصابر رضي الله عنه ..اما ان اخرج فأقاتلهم فوالله لن اكون اول من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في امته بسفك الدماء، واما خروجي الى مكة فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوماً: «يلحد رجل من قريش بمكة، ويكون عليه نصف عذاب العالم». ولن اكون هذا الرجل، واما خروجي الى الشام لان فيها معاوية، فلا والله، ولن افارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حييت وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم «لكل نبي في الجنة رفيق، ورفيقي في الجنة عثمان».
الا ورب علي ان يداً تمتد عليه فتقتله ظالمة وهو من هو ابو الحسن؟ الثابت في وجه الفتن والمؤامرات والحروب وقد خذلته الامة ولم تفهم مقاصده الحسنة، ان ابا السبطين وابا الحسنين سيدي شباب الجنة، زوج بنت رسول فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيه عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما:« اني ما تخلفت عن علي لطعن مني عليه، فلعمري ما انا كعلي في الايمان والهجرة، ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكايته بالمشركين، ولكن حدث امر لم يكن لي فيه من رسول الله عهد، ففزعت فيه الى الحيدة، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا علي:
كيف انت اذا زهد الناس في الآخرة، ورغبوا في الدنيا، وأكلوا التراث اكلاً لما..واحبوا المال حباً جماً، واتخذوا دين الله دغلاً ومالوا دولاً، فأجابه ابو الحسن: اذن اتركهم لدنياهم، واذرهم وما اختاروا، واختار الله ورسول الله والدار الآخرة وأصبر على ذلك حتى ألحق بكم، لقد صبر ابو الحسن ورب الكعبة فاحسن الاصطبار، ولم يكن منتقماً لنفسه من احد ويدل على ذلك وصيته قبل موته لبنيه في معاملة قاتله عبدالرحمن بن ملجم الملعون الذي خاطبه قائلاً: اهو انت لطالما احسنت اليك، يا بني احسنوا نزله وأكرموا مثواه فإن اغش فانا اولى بدمه قصاصاً او عفواً وان امت فألحقوه بي، اخاصمه عند رب العالمين، ولا تقتلوا بي سواه ان الله لا يحب المعتدين.
ولم يقتصر على الخلفاء الثلاثة، بل ازداد الامر سوءاً على مر التاريخ، واصبح اراقة دم المسلم اسهل من اراقة دم الخنزير، والامة قد تركت اعداءها وتبليغ رسالتها العالمية، وعصفت باستقرارها في سبيل الحاكمية التي ارهقت كاهل المجتمع المسلم ابتداءً من عصر الخلفاء الراشدين ومروراً بنحر الحسين في العراق وانتهاءً بأحداث الى قرننا العشرين والقضية الكبرى التي تواجهها هذه الامة اعتماد الفرق والقتلة على مصطلح الجهاد الذي اصبح مانعاً لدرجة عدم الفهم والوضوح..تعتمد عليه الاحزاب الكافرة في سبيل حفظ انظمتها كما فعل صدام حسين حينما اعلن الجهاد فأيدته جهلاً الحركات المحسوبة على الاسلام، وتعتمد عليه الخوارج في سبيل نزع السلطة، وتعتمد عليه المرتزقة واهل الثورات والمنظمات والحركات في سبيل دعم مخططاتها التوسعية وثبات اركانها..والامة في مقابل ذلك صامتة ومطبلة مع كل ناعق يلفظ بمصطلح الجهاد حتى وإن كان في وجه اخيه المسلم..والسبب في ذلك عدم الوحدة في المرجعية الشرعية، فكل فرقة لديها علماؤها ومفتوها، وكل يفسر الكتاب والسنة وفق هواه، في تحد صريح لمنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لم يترك شاردة ولا واردة الا وبينها بأبي هو وامي، علمنا كيف تقضي الامة حاجتها وكيف يأتي الرجل اهله، وكيف ينام وكيف يتكلم..حاشاه ان يكون مقصراً في بيانها والتقصير في فهمنا السقيم الذي خضع لاهوائنا وامراض قلوبنا..ومن ذلك مصطلح الجهاد..الذي يجب ان يتولى امره والفتوى فيه ولاة الامر والعلماء الربانيون القادرون على استنباط الاحكام والقواعد والادلة اولئك الذين اراد بهم خيراً ففقههم في دينهم. والجهاد، بذل الجهد في قتال العدو، وينقسم الى ثلاثة اقسام:
جهاد النفس في ارغامها على طاعة الله ومخالفتها في الدعوة الى معصيته، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما رجع من غزوة تبوك انه قال:« رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر» وجهاد المنافقين بالعلم لا بالسلاح يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين» والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم رفض قتالهم فقال:« لا حتى لا يتحدث الناس ان محمداً يقتل اصحابه». وجهاد المبارزين المعاندين من الكفار.
وحكمه فرض كفاية عند الجمهور، اذا ما قام به من يكفي سقط عن الباقين وقد خالف بعض العلماء في ذلك ورأى انه فرض عين او انه تطوع بعد الفتح او فرض عين على من يلي الكفار من المسلمين.
وقال سماحة الشيخ ابن عثيمين في تعليقه على هذا في شرحه الممتع على زاد المستنقع:« لابد فيه من شرط، وهو ان يكون عندالمسلمين قدرة وقوة يستطعيون بها القتال، فان لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام انفسهم في القتال القاء بأنفسهم الى التهلكة، ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتال وهم في مكة، لانهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا الى المدينة وكونوا الدولة الاسلامية وصار لهم شوكة امروا بالقتال، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط، والا سقط عنهم كسائر الواجبات لان جميع الواجبات يشترط فيها القدرة، لقوله تعالى:« فاتقوا الله ما استطعتم وقوله:« لا يكلف الله نفساً الاوسعها».
ويجب اذا حضره او حصر بلده عدو او استنفره الامام وعلق سماحته على «او استنفره الامام» فقال:« اذا قال الامام انفروا، والامام هو ولي الامر الاعلى في الدولة، ولا يشترط ان يكون اماماً عاماً للمسلمين، لان الامامة العامة انقرضت من ازمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:« اسمعوا واطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي» فاذا تأمر انسان على جهة ما صار بمنزلة الامام العام، وصار قوله نافذاً وامره مطاعاً، ومن عهد اميرالمؤمنين عثمان بن عفان والامة الاسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز وابن مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق، فتفرقت الامة ومازال ائمة الاسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وان لم تكن له الخلافة العامة، وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: انه لا امام للمسلمين اليوم، فلا بيعة لاحد، نسأل الله العافية، ولا ادري ايريد هؤلاء ان تكون الامور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟ ام يريدون ان يقال كل انسان امير نفسه؟ هؤلاء اذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية، لان عمل المسلمين منذ ازمنة متطاولة على ان من استولى على ناحية من النواحي وصار له الكلمة العليا فيها فهو امام فيها».
وقد سئل سماحته في لقاء الخميس الثالث والثلاثين في شهر صفر/ 1414ه فقال رداً على سؤال يتعلق بحاجة المجتمع الاسلامي للجهاد في سبيل الله فبين رحمه الله فضل الجهاد ومنزلته العظيمة في الشرع الاسلامي ليكون الدين كله لله، واضاف هل يجب القتال او يجوز مع عدم الاستعداد له، فالجواب لا يجب ولا يجوز ونحن غير مستعدين له، والله لم يفرض على نبيه وهو في مكة ان يقاتل المشركين وان الله اذن لنبيه في صلح الحديبية ان يعاهد المشركين ذلك العهد الذي اذا تلاه الانسان ظن ان فيه خذلاناً للمسلمين. كثير منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر بن الخطاب يارسول الله السنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قال: فلم نعطي الدنية في ديننا فظن ان هذا خذلاناً ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما في شك انه افقه من عمر وان الله تعالى اذن له في ذلك وقال: اني رسول الله ولست عاصيه وهو ناصري..وان كان ظاهر الصلح خذلاناً للمسلمين، وهذا يدلنا يا اخواني على مسألة مهمة وهي قوة ثقة المؤمن بربه..المهم انه يجب على المسلمين الجهاد حتى تكون كلمةالله هي العليا ويكون الدين كله لله لكن الآن ليس بايدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولو جهاد مدافعة وجهاد المهاجمة مافي شك الآن غير ممكن حتى يأتي الله بأمة واعية تستعد ايمانياً ونفسياً ثم عسكرياً، اما نحن على هذا الوضع فلا يمكن ان نجاهد.
وعوداً على صلح الحديبية فان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اعاد المسلمين الى قريش حتى صرخ احدهم يا رسول الله انهم يفتنوننا في ديننا فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم «اصبروا واحتسبوا» ونستخلص من هذا الصلح درساً للامة ولشبابها في معاهدة الكفار والصلح معهم، تلك القضية التي اعتمد عليها الحركيون في تكفير المجتمع بحكامه ومحكوميه ظناً منهم ان ذلك ينافي عقيدة الولاء والبراء، فلا حول ولا قوة الا بالله العظيم.
سئل سماحة شيخ الاسلام وحجته ابن باز رحمه الله في جريدة «المسلمون» الاسئلة الآتية:
سماحة الوالد: المنطقة تعيش اليوم مرحلة السلام واتفاقياته، الامر الذي آذى كثيراً من المسلمين مما حدا ببعضهم معارضته والسعي لمواجهة الحكومات التي تدعمه عن طريق الاغتيالات او ضرب الاهداف المدنية للاعداء، ومنطقهم يقوم على الآتي:
أ ان الاسلام يرفض مبدأ المهادنة.
ب ان الاسلام يدعو لمواجهة الاعداء بغض النظر عن حال الامة والمسلمين من ضعف او قوة، نرجو بيان الحق، وكيف نتعامل مع هذا الواقع بما يكفل سلامة الدين واهله.
الجواب:
تجوز الهدنة مع الاعداء مطلقة ومؤقتة اذا رأى ولي الامر المصلحة في ذلك، لقول الله سبحانه وتعالى:« وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم». ولان النبي صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعاً كما صالح اهل مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض وصالح كثيراً من قبائل العرب صلحاً مطلقاً. فلما فتح الله عليه مكة نبذ إليهم عهودهم واجل من لا عهد له اربعة اشهر كما في قوله تعالى:« براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة اشهر..».
وبعث صلى الله عليه وسلم بذلك عام «9» للهجرة بعد الفتح مع الصديق لما حج رضي الله عنه، ولان الحاجة والمصلحة الاسلامية قد تدعو الى الهدنة المطلقة ثم قطعها عند زوال الحاجة كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله القول في ذلك في كتابه «أحكام اهل الذمة» واختار ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية وجماعة من اهل العلم والله ولي التوفيق.
يرى البعض ان حال الفساد وصل في الامة لدرجة لا يمكن تغييره الا بالقوة تهييج الناس على الحكام وابراز معايبهم لينفروا عنهم وللاسف فإن هولاء لايتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه، ماذا يقول سماحتكم؟
الجواب:
هذا مذهب لا تقره الشريعة لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الامور في المعروف ولما فيه من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالامن، والواجب عند ظهور المنكرات انكارها بالاسلوب الشرعي وبيان الادلة الشرعية من غير عنف ولا انكار باليد الا لمن تخوله الدولة ذلك حرصاً على استتباب الامن وعدم الفوضى وقد دلت الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك..والمشروع في مثل هذه الحالة مناصحة ولاة الامور والتعاون معهم على البر والتقوى والدعاء لهم، بالتوفيق والاعانة على الخير حتى يقل الشر ويكثرالخير.
فهم بعض الناس من اجابتكم على سؤال الصلح مع اليهود ان الصلح او الهدنة مع اليهود المغتصبين للارض والمعتدين جائز على اطلاقه، وانه يجوز مودة اليهود ومحبتهم ويجب عدم إثارة ما يؤكد البغضاء والبراءة منهم في المناهج التعليمية في البلاد الاسلامية وفي اجهزة اعلامها زاعمين ان السلام معهم يقتضي هذا وانهم ليسوا بعد معاهدات السلام اعداء يجب اعتقاد عدوانهم ولان العالم الان يعيش حالة الوفاق الدولي والتعايش السلمي فلا يجوز اثارة العداوة الدينية بين الشعوب فنرجو من سماحتكم التوضيح؟
الجواب: الصلح مع اليهود او غيرهم من الكفرة لا يلزم منه مودتهم ولا موالاتهم، بل ذلك يقتضي الامن بين الطرفين وكف بعضهم عن ايذاء البعض الآخر وغير ذلك كالبيع والشراء وتبادل السفراء وغير ذلك من المعاملات التي لا تقتضي مودة الكفر ولا موالاتهم.
وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم اهل مكة، ولم يوجب ذلك محبتهم ولاموالاتهم، بل بقيت العداوة والبغضاء بينهم حتى يسر الله فتح مكة عام الفتح ودخل الناس في دين الله افواجاً ,وهكذا صالح النبي صلى الله عليه وسلم يهود المدينة لما قدم المدينة مهاجراً صلحاً مطلقاً ولم يوجب ذلك مودتهم ولا محبتهم لكنه عليه الصلاة والسلام كان يعاملهم في الشراء منهم والتحدث اليهم ودعوتهم الى الله وترغيبهم في الاسلام، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.
ومما يدل على ان الصلح مع الكفار من اليهود وغيرهم اذا دعت اليه المصلحة او الضرورة لا منه مودة، ولا محبة، ولاموالاة انه لما فتح خيبر صالح اليهود فيها على أن يقوموا على النخيل والزروع التي للمسلمين بالنصف لهم والنصف الثاني للمسلمين ولم يزالوا في خيبر على هذاالعقد ولم يحدد مدة معينة بل قال صلى الله عليه وسلم «نقركم على ذلك ما شئنا» وفي لفظ «نقركم ما أقركم الله» فلم يزالوا حتى اجلاهم عمر رضي الله عنه وهذا كله يبين ان الصلح والمهادنة لا يلزم محبة ولا موالاة ولا مودة لأعداء الله، كما يظن ذلك بعض من قل علمه باحكام الشريعة المطهرة.
وقال ايضاً في جواب على سؤال مثل هذا:« والواجب على كل من تولى امر المسلمين سواء كان ملكاً او اميراً او رئيس جمهورية ان ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم من الامورالتي لا يمنع منها شرع الله المطهرويمنع ما سوى ذلك مع اي دولة من دول الكفر عملاً بقول الله عز وجل:« إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها» وقوله سبحانه: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في مصالحته لاهل مكة ولليهود في المدينة وخيبر.
وهذا كله عند العجز عن قتال المشركين والعجز عن الزامهم الجزية اذا كانوا من اهل الكتاب او المجوس..اما القدرة على جهادهم والزامهم بالدخول في الاسلام او دفع الجزية ان كانوا من اهلها فلا تجوز المصالحة معهم وترك القتال وترك الجزية وانما تجوز المصالحة عند الحاجة او الضرورة مع العجز.
ولا يشك عاقل في ان الامة عاجزة الآن عن الجهاد، وهاهي تدفع خيرة شبابها ومقوماتها سواء في فلسطين او في افغانستان، فياليت الحركيين يعلمون ويتبعون العلماء الربانيين في الفتن وغيرها ويفكرون بواقعية، والله من وراء القصد.
|
|
|
|
|