| نادى السيارات
في البداية لا تلمني أيها القارىء الكريم فإنني أحس بالرعب من حجم مشكلة حوادث الطرق والتي تزيد من معاناتي كلما زرت مستشفى او مركزا للاسعاف، نعم إن حوادث الطرق تشن علينا حربا شعواء لا تنطلق لها صفارات الإنذار ولا يسمع فيها دوي المدافع وأزيز الطائرات ولكنها تلتهمنا بصمت، وتبذل الدول الكثير من المال والجهد وتسخر كافة إمكانياتها الأمنية والصحية والتوعوية والاقتصادية، وتستصرخ مؤيدي العدل، ودعاة السلام وكل صاحب ضمير يقظ عندما تتعرض لحرب أو كارثة ولكن حوادث الطرق مازال المجتمع يتعامل معها بتسامح شديد.
وبلاشك فإن كافة أجهزة المجتمع المعنية بالتوعية وتلك المعنية بتطبيق الأنظمة مطالبة ببذل اقصى الجهد من أجل إيقاف (حرب الشوارع) وموت المواطنين المجاني وحبس دمائهم التي تسيل على الأرصفة. والأمر لا يتعلق بفئة واحدة من فئات المجتمع التي تتطلع الى المستقبل لمنافسة الامم في مضمار التقدم والحضارة والذي لا يمكن تحقيقه إلا عبر العنصر البشري والمحافظة عليه وربما يصح القول بأن هناك (هدراً دمائياً) مثلما يقال ان هناك هدراً مائياً وهدراً في الطاقة وغير ذلك.
وهذا الإنسان هو اغلى كائن في الوجود، وقد دعت شريعتنا السمحاء إلى الحفاظ على دمه، كما دعته بصورة مباشرة الى عدم القاء نفسه في التهلكة.
ولعلّ من اكثر اسباب الحوادث والتي غالبا ما تكون مروعة هو تجاوز الاشارات المرورية وعدم الإكتراث بها، سواء الضوئية منها او المكتوبة والمرسومة، واذ ان السائر في طريقه الذي اعطته الحق فيه اشارة المرور من المفترض فيه ان يكون واثقا بعدم اعتراض احد بسيارته له، إلا ان هناك فئات من السائقين يستهويهم الإقدام على مغامرات تجاوز الإشارات او يحسبون ان التزامهم بها ضعيف أو هدر للوقت، والحقيقة ان عدم الالتزام بها هو الضعف والهدر بحد ذاته فهو ضعف في ضبط النفس والالتزام بالسلوك الحضاري وهدر للأرواح والأموال.
وما يقال على الإشارات الضوئية ينطبق ولو بصورة اخف قليلا على الإشارات المكتوبة والمرسومة، وفي العموم فإن قواعد المرور وانظمته والالتزام بها هي التي تكفل لكل مستخدم للطرق أحقيته وسلامته من الآخرين متى ما التزم الجميع بها.
|
|
|
|
|