أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 3rd January,2002 العدد:10689الطبعةالاولـي الخميس 19 ,شوال 1422

الثقافية

على ضفاف الواقع
آخر خطوة من الألف ميل..!!!!!
غادة عبد الله الخضير
(1)
أحببت الحلم عندما كان امرا من الصعب على تحقيقه .. او الأصدق من ذلك عندما كان لدي اعتقاد انه كي احقق حلمي فإنني يجب ان افكر ان ذلك يقارب المستحيلات..
كانت الفكرة جميلة.. فكرة تمنحني الشعور الاجمل لدي.. ان الحياة فعلا تؤخذ غلابا.. وانها كي تعطينا الكثير فانها بالضرورة سوف تأخذ منا الاكثر.
احببته عندما كان تعبا.. عندما كان ارهاقا.. عندما كان خيالا.. احببته عندما كان الحلم حلما!!
عشت معه العمر.. وعرفت معاني عدة للحياة وانا انتظره ان يصبح حقيقة.. ان يصبح واقعا معاشا.. في كل مرة امنحه شيئاً من خيالي.. ألونه بهدوء حتى تبقى ملامحه واضحة.. كتبت له كثيرا.. ووصفته كثيرا.. حتى تعبت من الكتابة والوصف..
هذا الحلم كان جزءاً مني.. عايشت طقوسه ألما.. ألما.. وعايشني.. حتى انه كاد من فرط انشغالي به ان يحقق نفسه بنفسه.
مأخوذة به.. هذه هي الحقيقة.. لا شيء يشغلني سواه.. اعترف بذلك.. أفنيت جزءاً من عمري «كرمال عيونه» لا ابالغ ان اعترفت بهذا القول..
كنت اتعامل مع الحلم كأنه لن يكون.. كأنه وهم اعيشه.. جنون يأسرني ولا استطيع التخلص منه لهذا كان الاجمل.. يبدو لي احيانا كثيرة اننا نبدع في التعامل مع الحلم نعطيه جزءاً كبيراً من راحتنا .. نهبه الوقت والانتظار.. نبدع في ذلك اكثر من ابداعنا في التعامل مع الحقيقة ذلك انه في اعتقادنا بعيد المنال.. جزء من الغيب.. امر خارج المعاش والمألوف لذلك نعيش في تفاصيله اكثر مما يجب.. ونمنحه من اوقاتنا اكثر مما يستحق..
اني اتساءل هل يصبح الحلم حلما عندما يفقد طقوسه.. بمعنى آخر هل يمكن ان يبقى وهج الحلم بعد ان يتحقق؟؟.. ام ان الحلم تكمن قيمته في الانتظار.. في البحث عنه.. في العيش ترقبا لحضوره من وقت لآخر؟
هل عندما يرتقي الحلم عتبات التحقيق.. ويكون قاب قوسين او ادنى من الحياة.. يموت بداخلنا ونتمنى لحظتها انه ليت للحلم ان يبقى حلما فقط.. ليته لم يفقد وهجه داخلنا؟؟
اظن ان الحقيقة تكمن في ذلك.. الانسان منا على قدر ما يراوده التحقيق.. عن نفسه على قدر ما يكون الحلم لديه اكثر فائدة.. انه يمنحه طعماً للحياة.
ترى ايكون هذا ما يفسر صدمة التحقيق.. صدمة تحقيق الحلم..
ربما يكون هذا حقيقة مؤكدة.. ذلك انه ما الذي يحدث لنا عندما نسمع ان حلمنا الخاص قد تحقق اي صدمة تلك التي نعيشها.. شعور تتشابه فيه المشاعر.. او الاصح تتبلد فيه المشاعر.. تكون موجودة لكنها تعجز عن التعبير عن نفسها.. تبهت بما حدث.. وبما يحدث.
صدمة لا نستطيع معها ان نستوعب ان ما رغبناه حدث.. صدمة لا نستطيع معها ان نصدق اننا في آخر خطوة من الالف ميل.
ايها الحلم توقف عن العبث بنا..
اخرج من فلك تلك الجمجمة التي تعتلي قمة اجسادنا..
توقف عن الدوران فيها.. والهمس بتلاوات غريبة تحرضنا على المزيد من الحلم..
لقد آن لنا ان لا نستكثر منك..
آن لنا ان نرفض حضورك..
آن لنا ان نشكرك فلقد بذلت جهدا كي تشعل لنا مصابيح الحياة..
علمتنا بصدق كيف نعيشك..
لكنك اخفقت في انك لم تعلمنا .. كيف نعيش بعد تحقيقك..
كيف ننجو بأنفسنا .. من اعتيادية الحياة..
كيف ننجو بأنفسنا من بلادة الشعور..
كيف ننجو بأنفسنا.. من صدمة التحقيق..
كيف ننجو بأنفسنا.. من حلم جديد..
(2)
بارك الله لك حلمك الذي تحقق.. ليجعله الله بداية لكل ما ترغبين تحقيقه.. سمعت هذه العبارات كثيرا حتى انني بدأت افقد القدرة على فهمها.. ماذ تعني هذه الكلمات؟ وفي اي موقف يمكن ان تقال.. ولماذا اسمعها الان بكثرة ما التغير الذي حدث؟ اسئلة عدة.. لم اجد لها اجابة حتى الآن.
رأسي كف عن الدوران.. لم يمارس هوايته المتعبة منذ ان تحقق حلمه.. لم يحلق باحثا عن التحقيق منذ أن اصبح الحلم حقيقة.. رأسي الشارد دوما آن له ان يدخل في حضرة الجمود يتوقف عن الحياة..
أعيش الآن ما يسمى بصدمة التحقيق.. يلازم هذه الصدمة ملامح ينقصها انفعالات ضرورية في مثل هذه المواقف.. «أظنها ضرورية»..
احتوتني احضان عدة تبارك لي ذلك..
اغرقتني نظرات عدة بفرحها الصادق..
جميعهم كانوا فرحين.. وانا ما الذي كنت افكر فيه لحظتها..
كنت اقول لنفسي..
رحلت ايها الحلم..
كنت تسترني.. كنت تستر تعبي.. وخوفي.. وحيرتي.. تستر ارهاقات الحياة التي اعيشها بصور متعددة.
وصلت لك..
كنت كمن وصل الى القمة.. بعد تعب شديد.. وبعد توقع انه عندما يصل سوف يصرخ بكل قوته لقد وصلت اخيرا.. لكنني لم اصرخ.. لم ابك فرحا.. او حزنا.. لم افكر في شيء.. سوى انه عندما تكثر محطات الوصول في حياتنا.. فان الرتابة سوف تعشش داخل عروقنا.. وان لا شيء كالهرولة في دروب الحلم.. يعطي الحياة معنى..
(3)
كان الحلم يمنحني القدرة على الكتابة.. ترى ماذا سيحدث لحروفي.. عندما تكثر محطات الوصول في حياتي..؟؟
ترى ماذا سأكتب عندما يكف رأسي عن الدوران؟؟
ايها الحلم رفقا بقواريري!!!
ghadakhodair@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved