| عزيزتـي الجزيرة
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الموقر
تمر حياة المراهق بمرحلة عمرية حساسة جدا تريد التوجيه والارشاد السليم وتتراوح ما بين خمس سنوات الى سبع سنوات وخلال هذه الفترة قد يتعرض المراهق للانحراف اذا لم يجد العناية من قبل الوالدين. فيجب على الوالدين والاسرة عموما ان يوجهوا ويرشدوا المراهق بأن يشبع حاجاته على ضوء الشريعة الاسلامية السمحة فالحدث اذا تجاوز الفترة العمرية المحددة بسلام فقد نجا من الانحراف واصبح قادرا على توجيه نفسه وحل مشاكله بدون تدخل الغير فالمراهق عنده دوافع تدفعه للتعرف على الجديد سواء كان ضارا او نافعا.
وتتميز فترة المراهقة بالتغيرات البيولوجية اي التغيرات الجسمية مثل تغير الصوت وظهور الشعر ونمو الجسم بشكل واضح ويصاحب التغيرات البيولوجية تغيرات سيكولوجية بان يتخذ المراهق سلوكاً يثبت رجولته والاعتماد على النفس مهما كلف الامر ويتجنب الاعتماد على الوالدين وهذه الصفة الاخيرة يجب ان تعزز بالعلاج التدعيمي اي اثابة وتشجيع السلوك الصحيح الذي يرتضيه الوالدان.
والتغير الانفعالي تجد المراهق متقلب العواطف حساساً جدا قد يتمرد على الاسرة احيانا ونلاحظ بعض الاسر تسيء التصرف حين يتمرد الابناء بالتوبيخ والطرد من البيت والتوجيه السليم بان نمتص غضب الابناء ونحقق حاجاته التي سوف نذكرها لاحقا والتغيرات الصحية اي تظهر على الوجه بعض البثور وزيادة بالهرمونات وتظهر السمنة بالجسم والمخاوف الاجتماعية «الفوبيا» ينتقل المراهق من الصورة البدائية الى حياة الشباب والاثارة وخلال هذه النقلة تحدث عنده بعض المخاوف مثل خوف مواجهة الآخرين وعدم الاختلاط بالمناسبات العامة واذا لم يتدرب المراهق بالغمر بالمواقف الاجتماعية المتنوعة قد يتحول الى خجل حاد وكل هذه التغيرات الجسمية الانفعالية والمخاوف الاجتماعية تحدث عند المراهق تصبح صراعاً بين الذات الحقيقية والذات الواقعية والذات المثالية.
والمراهق قادر على تجاوز هذه الصراعات بالتوجيه والارشاد السليم من قبل المختصين ويرى «ليفين» ان المراهق اشبه ما يكون رائد فضاء عندما يركب المركبة وينزل على سطح الكوكب ليكتشف عالماً جديداً لا يعلم هل يفيده ام يضره.
والمراهق تكون عنده فجوة بين ما يطلبه وبين الواقع من جهة والقيم الاسلامية والمعايير الاجتماعية من جهة اخرى وبهذا يتحتم معرفة نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد ومكونات النظرية هي ال«هو» وتعني الصورة البدائية للشخص قبل ان ينتقل للمجتمع وهو مستودع الغرائز والدوافع الفطرية وتفاعله مع الاسرة والمجتمع المحلي والانا هي الشعور الداخلي والخارجي والعمليات العقلية التي تمثل الحركة والسلوكيات النابعة من الادراك الحسي أما الانا العليا فهي القيم والمثاليات والاخلاقيات والمعايير الاجتماعية والنظم الاجتماعية وهي تمثل السلطة فيجب ان يتوافق الانا مع ال«هو» مع الانا العليا واذا اردنا ان يتوافق الحدث مع هذه السلوكيات يحتاج المراهق النصح والتوجيه من قبل الوالدين واصحاب الاختصاص ومعرفة حاجات المراهق وتتمثل الحاجات فيما يلي:
1 حاجة الحب: يجب تأصيل حب الله سبحانه وتعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وحب الوالدين والصالحين ويلعب الاخصائي الاجتماعي والنفسي دورا هاما في تثبيت الحب واكساب المراهق عبارات كلامية تجعله محبوبا لدى افراد المجتمع وتدريبه على عبارات الوجه مثل الابتسامة وحثنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم «وتبسمك في وجه اخيك صدقة» ولين الجانب وحسن الانصات عندما يتكلم احد والالتزام بادب الحوار وتقديم المعروف للناس وافشاء السلام بين افراد المجتمع حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم «الا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم» وأن تحب لاخيك ما تحب لنفسك في بذل المعروف وتدله على الخير لان الرسول صلى الله عليه وسلم ارشدنا لفعل الخيرات حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الدال على الخير كفاعله» «لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه» ويجب على الوالدين تحقيق حاجاته ورغباته ومنها الحب وتشجيعه لفعل استجابات ترتضيها الاسرة.
2 حاجة الامن: يحتاج المراهق الى الامن الابوي والتربوي. ان الاباء لهم دور كبير في توفير الحنان والعطف ومعرفة مشاكلهم والعمل على حلها ومواجهة الصعوبات التي يتعرض لها المراهق من قبل الثلة او مجتمع المدرسة او الاسرة ويتمثل الامن التربوي بقبول المراهق بسلبياته وايجابياته واثبات ذاته امام مجتمع المدرسة بدءاً من المدير والمعلمين والطلاب وتهيئة جو دراسي يحتوي الحدث وتعديل سلوكياته الى الطريق الصحيح.
2 حاجة المادة: بتحقيق رغبات المراهق وحاجاته من ملبس ومأكل ومشرب وفق ميزانية الاسرة ويجب قبول واقع الاسرة المادي. ومهمة الاب المتابعة الجيدة لابنه واشباع رغباته واذا لم تشبع حاجاته قد يضطر المراهق الى التفكير بالسرقة وقد يتحول الى صراع مع الانا والانا العليا ومن ثم يؤدي الى اضطراب نفسي.
3 حاجة التربية الاجتماعية: اي تهتم الاسرة بعملية التنشئة الاجتماعية واتباع الاخلاقيات والمثاليات التي يفرضها نظام المجتمع والتربية على المسئولية الاجتماعية باسناد اعمال للمراهق تثبت رجولته وتعلمه المشاركة الاجتماعية وان يواجه المراهق نفسه بنفسه بمعنى ان يعمل على حل المواقف الصعبة التي تعترض له.
4 حاجة اثبات الذات: لكي يفهم الحدث نفسه ويعرف شخصيته يتبع سلوكيات جديدة قد تكون هذه السلوكيات ضارة او نافعة مثل ممارسة التدخين او تناول بعض انواع المخدرات فيجب الحذر من هذه الممارسات توعيته من وسائل الاتصال المدرسة والصحف والمجتمع وعلى الوالدين الحذر من اصدقاء السوء لانهم السبب في اغراء المراهق بالممارسات الخاطئة، وفي رأيي الخاص فإن اثبات الذات يكون باتباع ما يلي: المحافظة على الصلوات وطاعة الوالدين وبذل المعروف للناس وإسناد اعمال ذات مسئولية ليقوم بها المراهق ومتابعة دراسته وتنمية شخصيته بأنه ذلك الرجل الذي يعتمد عليه واشراكه بالامور ذات الطابع الشوري وتهيئة جلساء صالحين له. وخلاصة القول نترك المراهق يشبع حاجاته وفق ما يراه الا اذا خرج عن الاطار العام للقيم الاسلامية والعادات والتقاليد وبهذا نحصل على مراهق خاض تجربة في حياته وتغلب على الصعوبات والصراعات الناتجة عن ال«هو» والانا والانا العليا ويجب ان نعمل بالعلاج التدعيمي اي نعزز الدوافع المكتسبة ونعمل على تعزيزها وتدعيمها بالتشجيع لفعل سلوك حسن واغفال السلوك السيئ.
صالح محمد العنزي مدرسة ابي دجانة الابتدائية ببريدة
|
|
|
|
|