| متابعة
*
* نيودلهي أميت ميتال د، ب، أ:
بعد سبعة عشر يوما من الهجوم الذي شنه إرهابيون مدججون بالسلاح على البرلمان الهندي أوضحت القيادة الهندية أنها لن تتخذ أي إجراء عسكري ضد جارتها باكستان على الأقل خلال الأسابيع القادمة،
وفور خفوت صدى الطلقات والانفجارات خارج مبنى البرلمان الهندي تعالت أصوات غاضبة وطالبت بعض الجماعات اليمينية المتطرفة الحكومة باتخاذ إجراءات لتدمير المعسكرات الارهابية التي تعمل دون مواجهة أي عقوبات داخل القطاع الخاضع لادارة باكستان من كشمير،
ومن خلال التحركات التي قامت بها القوات المسلحة الهندية بعد فترة قصيرة من الهجوم كان واضحا أن الهند تتحرك باتجاه شن حرب واسعة النطاق ضد باكستان،
فقد تم وضع الجيش الهندي في حالة تأهب قصوى كما أظهرت التشكيلات العسكرية مؤشرات على الاستعداد للحرب وقامت الهند كذلك بتحريك صواريخها الباليستية قصيرة المدى من طراز بريثفي إلى الحدود في ولاية البنجاب الشمالية وأظهر نقل الصواريخ التي تستطيع أيضا حمل رؤوس نووية من قواعدها في أقصى جنوب البلاد إلى الحدود أن الهند مستعدة للذهاب إلى أقصى حد،
ومع ذلك يقول المحللون ان تحريك الجيش إلى مناطق قريبة من خط المراقبة على طول الحدود مع باكستان لم يكن سوى مجرد إجراء استراتيجي هام على كلا الصعيدين الدولي والداخلي،
فقد أرادت الهند أن تظهر للمجتمع الدولي أنها تهدف إلى القيام بعمل جدي وأنه إذا لم توافق باكستان على مطالبها بإغلاق معسكرات الارهاب فإنها قد تلجأ إلى استخدام القوة،
وفي نفس الوقت فقد استهدف هذا الاجراء تهدئة الغضب الداخلي حيث كان من المرجح النظر إلى رئيس الوزراء آتال بيهاري فاجبايي وحكومته باعتبارهما قيادة ضعيفة للبلاد لو لم يقوموا بتلك الخطوات كما كان في ذلك أيضا إرضاء للراغبين داخل الحكومة في توجيه مذكرة تحذير إلى باكستان،
وبرغم وضع آلة الحرب في حالة تأهب قصوى إلا أن قيادة حزب بهاراتيا جاناتا كانت تدرك جيدا أنه ليس بإمكانها تحمل قيام حرب وذلك لاسباب اقتصادية، فبعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة تعرض قطاع الاعمال الهندي إلى مشاكل تتعلق بالصادرات وهو ما أدى بالتالي إلى ركود في الاقتصاد،
وفي ظل هذا المنعطف فإن الهند لا يمكن أن تتحمل مخاطر خوض غمار أي عمل عسكري لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناتها الاقتصادية،
ولذلك فإن الحشد العسكري على طول الحدود مع باكستان لا يخرج عن كونه مجرد مؤشر تحذيري للجماعات الارهابية التي هددت بتفجير المزيد من المنشآت الهندية في أعقاب الهجوم على البرلمان،
وعندما يصف وزير الشؤون البرلمانية الهندي برامود ماهاحان الحشد العسكري بأنه انتشار دفاعي بحت فإن ذلك إنما يشكل تأكيدا على أن ما يجري هو مجرد تكتيك لممارسة الضغط أكثر منه إجراء لشن حرب،
وتظهر الاجتماعات التي عقدها فاجبايي مع أعضاء حكومته على مدى اليومين الماضيين ثم الاجتماع المفاجئ غير المقرر للجنة الامن الحكومية وما أعقبه من اجتماع لكافة الاحزاب أن رئيس الوزراء الهندي إنما يرغب في الحصول على تأييد واسع لتحركات حكومته،
ويهدف فاجبايي من ذلك إلى الظهور كزعيم قوي في الداخل أما استدعاء المفوض الهندي السامي في إسلام أباد وتقليص البعثة الدبلوماسية ومسلك الحكومة الجديد فتشكل جميعها مؤشرات على أن نيودلهي تحاول أن تظهر للمجتمع الدولي أنها تستخدم جميع الوسائل السلمية لمكافحة الارهاب عبر الحدود، وقد اتضح أن الهند لن تلجأ إلى أي خيارات عسكرية في المستقبل القريب من خلال القرار الذي اتخذ في الاجتماع الحزبي الشامل الذي عقد في نيودلهي الاحدالماضي،
وبالنظر إلى المناوشات المنتظمة على الحدود الهندية الباكستانية إلى عمليات إطلاق النار على نطاق واسع فإن الوضع قد يبدو شبيها بحالة حرب خاصة مع فرار القرويين من كلا الجانبين على طول خط المراقبة إلا أن الحرب مازالت بعيدة تماما بالنسبة لكل من الهند وباكستان، كما أنهما بعيدتان عن استخدام ترسانتهما النووية،
وقام وزير الدفاع الهندي جورج فرنانديز بتفقد مواقع في كشمير والقطاع الغربي من البلاد لرفع الروح المعنية للقوات وقررت حكومة فاجبايي بدء حملة دبلوماسية ضد باكستان لزيادة الضغط عليها،
ويدرك فاجبايي وزملاؤه في حزب بهاراتيا جاناتا أنه ليس باستطاعتهم لكي يظلوا في السلطة معاداة مجتمع الاعمال الذي يشكل قاعدتهم الرئيسية بخوض حرب، وهم يشعرون بآثار التباطؤ الاقتصادي في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة،
ومع مرور الوقت فإن مشاعر الغضب ستفتر كما هو المعتاد بالنسبة لشعوب شبه القارة الهندية إذا لم يفجر أي عمل إرهابي هذه المشاعر مرة أخرى،
|
|
|
|
|