| متابعة
* جاكرتا بيتر جانسن د، ب، أ:
يحلو لمراقبي الشأن الإندونيسي القول ان البلاد تعيش أزمة متعددة الابعاد تتمثل مظاهرها في غياب الامن والنظام وتفشي النزاع العرقي والديني على نطاق واسع وانعدام الاستقرار السياسي وتحدي تنفيذ إصلاحات فضلا عن تردي الاوضاع الاقتصادية،
ويتنبأ المراقبون بأن الأزمة ستزداد تفاقما على الأرجح خلال عام 2002 قبل حدوث أي تحسن،
وتلاشي قدر كبير من الحماس الذي واكب تعيين ميجاواتي سوكارنوبوتري رئيسة جديدة للبلاد في تموز /يوليو عام 2001 متحولا إلى إحساس متزايد بالتشاؤم إزاء قدرة حكومتها على الانجاز،
ويقول باندي رادجا سيلالاهي الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في بداية حكم ميجاواتي كان هناك قدر كبير من الامل بيد إننا نرى الحكومة تتحرك الآن ببطء شديد،
وبينما بات من الواضح أن شهر العسل قد انتهى بالنسبة لميجاواتي، فإن أحدا لا يحملها المسؤولية كاملة عن تردي الاوضاع الذي ورثته إلى حد كبير من الرؤساء الثلاثة الذين سبقوها، الدكتاتور سوهارتو الذي أطيح به عام 1998 بعد أن أمضى 32 عاما في الحكم وبحر الدين يوسف حبيبي صديق سوهارتو الحميم الذي استمر حكمه حتى عام 1999 وأخيرا عبد الرحمن وحيد زلق اللسان الذي أفقدته شخصيته غريبة الاطوار المنصب في تموز /يوليو عام 2001،
وبينما اختارت ميجاواتي مجلس وزراء ذا سمعة طيبة، فإنه يمكن القول ان أعضاء المجلس لم يرتفعوا إلى مستوى التحديات الضخمة التي تواجههم ولاسيما على الجبهة الاقتصادية،
ويقول سيلالاهي ان الوضع السياسي الآن نظام متعدد الاحزاب دون أغلبية يزيد من صعوبة إيجاد حلول للازمة الاقتصادية ،
فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن سجل الحكومة في ما يتعلق بعملية الخصخصة هو سجل سيئ،
وعلى وجه خاص اعتبرت دوائر المال إدارة الحكومة لعملية خصخصة شركة سيمن جريسك الحكومية للاسمنت التي توجد لها فروع في سومطرة وبادانج، سابقة تبعث على الاحباط،
وكانت الحكومة قد وافقت في عهد حبيبي على بيع 51 في المائة من أسهم سيمن جريسك إلى شركة سيميكس إس إيه دي سي، في المكسيكية، لكنها أدخلت الشهر الماضي تعديلات على الصفقة وضمنتها بندا لاعادة شراء مصانع الأسمنت التابعة لسيمن جريسك في سومطرة وبادانج في مسعى لاسترضاء المعارضة المحلية بعد بيع تلك المصانع التي تحقق أرباحا كبيرة بثمن زهيد،
وبموجب هذا الترتيب، ستحصل الحكومة على 200 مليون دولار فقط بعد شراء حصص من الاسهم تمكنها من السيطرة على فروع الشركة في سومطرة وبادانج فيما ستخسر سيميكس وهي واحدة من الشركات الاجنبية القليلة التي أبدت اهتماما بالاستثمار في إندونيسيا التي تطوقها الازمات سيطرتها على الشركة،
ويقول لاكسونو ويدودو رئيس قسم البحوث في معهد بارينجز سكيوريتز إندونيسيا إن هذا الحل الوسط لا يسعد أي طرف،
ومما زاد من الصفقة تعقيدا برنامج الحكم الذاتي في إندونيسيا الذي بدأ سريانه في كانون الثاني/يناير عام 2001، والذي يعد بتوزيع أكثر إنصافا لعائدات المشروعات المحلية على أقاليم إندونيسيا وبلدياتها التي يربو عددها على 300،
ويقول ويدودو إن بعض الحكومات المحلية تعتقد الآن بأن أي شركة مملوكة للدولة توجد في مناطقها، هي ملكية خاصة لها وهذا ما حدث مع سيمن جريسك،
وإذا ما أدت نزاعات مماثلة إلى إحباط جهود الخصخصة الاخرى، فإن الحكومة لن تجمع المبلغ الذي يصل إلى نحو 600 مليون دولار من حصيلة بيع أملاك الدولة والذي تحتاج إليه لتمويل ميزانيتها، الامر الذي ستضطر معه لخفض مخصصات الدعم للبنزين والكهرباء العام القادم أو حتى لاعادة جدولة ديونها الخارجية وقدرها 60 مليار دولار على حد قول ويدودو،
وقد يؤدي إلغاء الدعم إلى جانب ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت إلى 12 بالمائة هذا العام وارتفاع معدلات البطالة إلى اضطرابات عمالية واسعة عام 2002 الامر الذي لا تريده البلاد بالتأكيد،
ويقول سيلالاهي ما يقلقني حقيقة هو العمالة مشيرا إلى أن عدد العاطلين بلغ سبعة ملايين شخص عام 2001 إلى جانب 35 مليونا من العاطلين جزئيا فضلا عن مليونين آخرين من المفترض أن يدخلوا سوق العمل،
ويردف ما من بلد في العالم يمكنه أن يتعامل مع مثل هذا النوع من البطالة،
فقد تضررت شركات التصدير في إندونيسيا وهي التي توفر أكبر عدد من فرص العمل في البلاد بشدة بفعل التباطؤ الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلبيات منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر فضلا عن المنافسة المتزايدة من جانب المنتجين الذين يعرضون بضاعتهم بأسعار منخفضة مثل الصين، وبلغ حجم الصادرات خلال الشهور العشرة الاولى من عام 2001 12، 48 مليار دولار بانخفاض نسبته 9، 6 في المائة عن الرقم المسجل خلال نفس الفترة من العام الماضي،
كما انخفضت الاستثمارات الاجنبية هذا العام ففي الشهور العشرة الأولى كانت قيمة الطلبات الخاصة بالاستثمارات الجديدة أقل من نصف قيمتها الاجمالية عام 2000،
بيد أن الاقتصاديين يشعرون بالتفاؤل ويقولون ان الاستثمار الاجنبي سيعود إلى البلاد الغنية بثرواتها المعدنية إذا ما قامت الحكومة بتوضيح الامور المتعلقة بسياسة الحكم الذاتي وفرضت حكم القانون والنظام وحددت أولويات سياساتها الاستثمارية،
وربما يبدو هذا تحديا كبيرا بالنسبة لحكومة تواجه أزمات متعددة ويقول ويدودو هدفنا الرئيسي الآن هو البقاء،
|
|
|
|
|