أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd January,2002 العدد:10688الطبعةالاولـي الاربعاء 18 ,شوال 1422

مقـالات

شاهد في «جداريّة» العرب...!
إبراهيم عبد الرحمن التركي
1
اسمع الشعب «ديون» كيف يوحون إليه
ملأ الجو هتافا بحياة قاتليه
أثّر البهتانُ فيه وانطلى الزور عليه
ياله من ببغاءٍ عقلُه في أذنيه..
أحمد شوقي
***
مصرعُ الظالمِ لو قمتَ له
ليس إلا نبتةً من شفتيك
أتُرى لونَ يديه قانياً
من ضحاياك فما بالُ يديك..
يوسف الخطيب
***
ضاقت الدائرةُ السوداءُ حول الرقبة
صدرُنا يلمسه السيفُ
وفي الظهر الجدارْ
أيها السادةُ لم يبق انتظارْ..
أمل دنقل
***
2
في انتظار الفجر
إذ لا فجر
يسلو «الحالمون»
ويتيه «السادرون»
ويغني «الساهرون»...
فيطيل الليل مُكْثه
ويملّ العهد نكثه..
ويزيد الظلم خبثه
وينادي الموجعون...
** أضئ الشمعة
فالمسرى طويلٌ
والفيافي مقلقةْ
افتح الكوّة
فالدلجة دربٌ لدروب مغلقة
أبعدِ النجعَ
فلا فيءَ بجنب المحرقة..!
***
3
** منذ «قرون» اعتاد «العربي» على حياة «الصمت» التي تفرض «الاصغاء» دون «القول»، وعلى موقف «الانتظار» الذي يقرر «الفرجة» دون المشاركة، وعلى أسلوب «الحشو» الذي يكرس «الهوامش» ولا يأذن «بالمتون»..!
** وخلال هذه «القرون» سقطت «شعارات»، وتبدلت «مشاعر»، ولا يزال العربي مطالبا «بالتصفيق»، ولا يزال ملزما «بالتفاؤل»، وسمع وقرأ من «التحليلات» «والتعليقات» ما لم يتح لسواه من «بني البشر»، ثم واجه واقعه فإذا هو «قفر»، «وثقافته» فإذا هي «صوت»، و«حياته» وإذا هي «موت»...!
** هكذا توالت «القرون» دون أن يتغير «موقع» أو تتبدل «اقتناعات»، ونجح «العربي» فقط في تجاوز دروس «الإملاء»، وإعراب «المفعول به»!
***
4
** في «قراءة» الأحداث الأخيرة التي أعقبت «الحادي عشر من أيلول سبتمبر» «ما يكمل»، وأحيانا «ما يكرر» قراءات سابقة، وهي حين تضيف تستجدي «الفهم» المنطلق إلى «الفعل» وهي إذا تُردد تؤكد «العجز» عن تجاوز «الإشارة» ولو كانت «خضراء»...
** ضاقت «مساحات الحركة»، وتضاءل الإحساس «بالزمن» وكثرت الدوائر «السوداء» وحين تغيم «الرؤى» يصبح الفضاء معتما، و«المضاء» خائرا، و«الإمضاء» مزورا، و«المكان» محدثا عن «شعوب» غادرها قطار «الحياة»..!
** هل هذه «مرثية» العربي أو «جداريّته» التي تعلن أن المتبقي كتابة «شاهد» على «قبر» يرقد تحته تاريخ وكرامة العرب..؟!
***
5/1
** يراهن «كثيرون» على أن هذا القرن أو ربما شطره الأعظم سيكون «أميركيا»، وهو رهان له ما يبرره في ظل المعطيات الخارجية «المعاينة»، وربما لا يكون كذلك وسط دلالات أخرى تشير إلى «انحسار» اقتصادي رغم «المد» السياسي، فالولايات المتحدة تشهد ركودا في هذا المجال منذ أواخر عهد الرئيس «بيل كلينتون»، زادهُ خسائرها المضاعفة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول التي تجاوزت ( تريليوني دولار) خلال أسبوع واحد، هذا عدا زيادة المديونية، وهجرة بعض رءوس الأموال الأجنبية، وتراجع السياحة، وأزمة صناعة الطيران، وشركات التأمين، والتوسع غير المسبوق في نفقات «الحرب»، «والأمن» مما يأخذ من أرصدة قوى الإنتاج المؤثرة في ضبط «العجز»، وتقليص «الديون»..!
5/2
** في البعد «الاقتصادي» وله أربابه مجالات حوار مستفيضة، فإذا تجاوزناه إلى أبعاد أخرى تشمل المقدرة «القيادية» المرتبطة «بالصدق» و«الموثوقية» و«الأخلاق» فإن حظ الولايات المتحدة من ذلك بائس، يشهد بذلك تاريخها في قتل «مائة ألف ياباني» في «هيروشيما» و«نغازاكي»، وأكثر منهم في «فيتنام»، و«عشرين ألفا» في «بنما» بين قتيل ومشرد، ومائة وخمسين ألفا من «الروس والأفغان» في الحرب الأفغانية الأولى، و«مائتي ألف» إيراني في الحرب العراقية الإيرانية حين نصروا «صدام حسين»، ثم أكثر من مائة وثلاثين ألف عراقي بعد أن عادَوْه، هذا عدا إسهاماتهم في إذكاء «الحروب» الأهلية وصنع الانقلابات العسكرية كما في «تشيلي» و«الأرجنتين»، و«أورغواي»، و«بوليفيا»، و«غواتيمالا»، و«السلفادور»، مما جعل بعض المعلقين «المحايدين» يتحدث عن «أميركا» كما ورد في تقارير متعددة ومنها ما نشرته مجلة «الصياد» «مترجما في عددها 2979 ديسمبر 2001م» بوصفها «دولة عصابات» تماما كربيبتها «عصابة يهود» التي احتضنتها لتقتل وتشرد وتحتل وتمثل جرحا غائرا في عمق كل عربي/ مسلم. لا يمكن معه «الإبلال» بالحديث عن «صلح» أو «سلام» سواء كان ذلك الآن، أو غداً، أو بعد عقود..!
5/3
** لعل مشكلة أميركا قبل ذلك وبعده افتقارها «لمواقف» أو «ثوابت» أو «أخلاقيات» سوى «مصالحها»، ولعل تعاملها مع «جماعة طالبان» مثل حي، فقد روى «جان شارل بريزار» و«غيوم داسكوي» في كتابهما عن «ابن لادن: الحقيقة المحظورة» الصادر في شهر نوفمبر الماضي «2001م»، أنها كانت حتى شهر قبل أحداث أيلول تفاوض زعماء حركة طالبان من أجل مد خط أنابيب نفط «بحر قزوين» عبر أفغانستان الذي يفوق في احتياطاته نفط الجزيرة والخليج العربي، وإذْ فشلت جاء رد المفاوض الأميركي «حرفيا»: «اقبلوا بساط الذهب أو انتظروا بساط القنابل...»!
** وإذن فهذه ليست حربا ضد الارهاب، أو ما تدعوه إرهابا، بل إرهاب ضد «استقلال» الدول وسيادة «القرار»، واليوم في أفغانستان، وغدا في مكان آخر...!
***
6
** لا عجب بعد ذلك إن سقطت نظرية «الزعامة» لدى جل شعوب العالم الثالث لافتقادهم المثل أو القدوة من جهة، «ولانكفاء» بعض القيادات على ذاتها، وتحول أخرى إلى «توابع»، وغرق سواها في مشكلات «اقتصادية» و«سياسية» تجعلها رهنا لأدوائها...!
** وإذن فالساحة خلو، في انتظار من تتوافر لديه المواصفات وهي بلا ريب موجودة نظريا في الأمة الإسلامية كما هي عند سواها، ولكن «الواقع» يؤكد أن المقعد «الخلفي» سيظل محجوزا لهذه الأمة بحيث تنأى عن دوائر «المنافسة»، ومدارات الفعل والتفاعل واتخاذ القرار..!!
***
7
** للولايات المتحدة كما لربيبتها عصابة «يهود»، ما استطاعت أن تصول وتجول، وتمارس سطوتها، فهذا شأن «الأقوى» غير محتكم على مدى التاريخ إلى نظم الأخلاق والقيم والشرائع...!
** لهم ذلك ما داموا قادرين، على ألا يبقى دور «الأضعف» كما في وضع الأمة الإسلامية أن يندب ويلطم، ويصيح وينوح، ويسب ويشتم، فقد شبعت شعوب الأمة من ذلك، ولم يؤثر كل ذلك حتى المرفق منه بأرقام وحقائق وقراءات موضوعية في تغيير موقف «الأقوى»، أو جلبه على الأقل لمحكمة «الضمير»..!!
** «الأقوياء» يمارسون سيادتهم، وسيظلون، ويبقى أمام «الضعفاء» أن ينشغلوا بدراسة أسباب ضعفهم، والسعي لتجاوزها بالبحث عن عوامل «الوحدة» و«النصر» ونسيان «المصالح» و«الكراسي»، ووأد عوامل «الفرقة»، و«التبعية» «والعمالة»، و«الاستسلام»..!
** يكفي أننا أمضينا قرونا ونحن نلعن الظلام، ولم تتخط علاقتنا ببعضنا ومع غيرنا «حالتي» «الشكوى»، و«الشكوك» وهو ما يفسر «ظاهرتي» «الارتماء» أو «الانكفاء» التي توقفت بسببها الأمة في نقطة «الجمود» فلا حراك ولا انفكاك...!
** لندع «الآخرين» فسوف يستمرون في البحث عن مصالحهم ولو على حساب غيرهم، ولنبحث مثلهم عن مصالحنا التي طال إهمالها..!
***
8/1
** ربما جاز بعد ما سبق الحديث موجزا.. عن البدائل المحتملة للمستقبل، وهي بدائل مرهونة بدءا بتحقيق تفوق علمي / تقني، يتوافر لخدمته مراكز بحث، ووزارات تعليم، ومصانع إنتاج، وتغير من أجله لا من أجل ضغوط خارجية سلطوية مناهج «الحشو» و«التلقين» التي تخرج مجموعات من «الأميين» بدرجات علمية متفاوتة من «الابتدائية» حتى «الماجستير» و«الدكتوراه» التي ابتلينا بسببها بمن «تصدروا» و«سيطروا» دون أن تهيئهم إمكاناتهم «الذاتية»، كما دراستهم «الأكاديمية» إلا لمزيد من الجهل والتجهيل..
** رؤية قاسية لكنها حقيقية تحتاج إلى مواجهة، فالتعليم «العام» و«الجامعي» غارق في «القشور» و«التنظير» ومتجاوزوه مجموعات من أجهزة التسجيل «الرديئة» المستنسخة..!
8/2
** مواجهة المستقبل، كما قراءة أو استقراء بدائله.. تحتاج مع «التعليم الحيوي»، و«التقنية» المنتجة إلى إعلام «عربي» حر مستقل قادر على نفض «الغبار» عن «واجهاته» الممتلئة بالمعلبات «البشرية» و«البرامجية» منتهية الصلاحية، دون أن تملى عليه «التوجهات» و«التوجيهات»، وحتى لا يسقط في وهاد «الخوف» و«الضعف» و«الحيف»..!
** ولولا بقية من «رمق» في «كتابات» أو «تعليقات» أو «رؤى» تلوح للمتابع «المحبط» المرزوءِ في «واقعه» وفي «أحلامه» ليئس المتشبثون بضوء« شمعة» في مغارة «كهف» من تحميل «الحلم» لأجيال قادمة تشهد صحوة «حقيقية» في «التعليم» و«الإعلام» و«التقنية» و«الاقتصاد» و«الصناعة»، ودون أن ينال منها «مغرم»، أو يعشيها «مغنم»، أو تستلب «هُوِيّة»، أو تغتصب «أرضا» و«عرضا»..!
8/3
** كان من رأي «مارون عبود»تصديق ما قاله «طرفة بن العبد»:
فإن كنت لا تسطيعُ دفعَ منيتي
فدعني أبادرْها بما ملكت يدي
** وفي ذلك مذهبٌ لمن رأى «الحياة» استخلافا، والعمل أملا، و«المشيبُ» لدى الأمم كما الأفراد بنصّ «أبي نواس»: «غير وقار»، فهو يشير إلى «النهاية»، و«الفرد» مقدمة، «والحضارة» تمهيد، والدنيا لا تقف عند «هزيمة» أو «سقوط» أو حتى «موت»..!
** ومع «طرفة»، وقبل أبي «نواس» تعلل «الضِّلِّيل» حين يئس، فخاطب «امرؤ القيس» صديقه:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما
نحاولُ ملكا، أو نموت فنعذرا
** وقد يجوز الختم بمقولة «شهاب بن مروان» وهو يحاول فتح «أشبيلية» لتأسيس حكم بني أمية في الأندلس متقدما عبد الرحمن بن معاوية (الداخل) فقد قَتَل ابنَه المتردد «الناكص» (أمية) ثم جمع أهله كما يروي العقاد وقال لهم:
** «... طردنا من المشرق إلى أقصى هذا الصقع، ونُحسد على لقمة تُبقي الرمق، اكسروا جفون السيوف، فالموت أولى...»
** وحقا... فالموتُ أولى لكل «منهزم» «متخاذل» «مأجور» «منتفع»... أما «الأمة» فسوف تبقى لمن «يرفضون» دخول سن «اليأس»، ولا يرضون «بالبخس»، ويستجيبون لنداء الحق سبحانه الذي لا يُغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فيلتفتوا لدواخلهم حيث مصادر غنية بمعامل و«عوامل» التغيير.
* المتسولون لا يتجاوزون الأبواب..
ibrturkia@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved