|
| العالم اليوم
منذ أن عقدت أول قمة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اعتدنا ومعنا كل المتابعين للفعل السياسي في منطقة الخليج العربية، أن المظاهر الاحتفالية والبروتوكولية التي ترافق عقد القمم الخليجية والتي عادة ما يرافقها صخب إعلامي وتداول لمصطلحات ومقالات تحفل بها جميع الصحف في الدول الست تتضمن مدلولات ومضامين كثير منها يذهب أكثر من الواقع إلى حد ملامسة الحلم، والبعض يذهب في الإطناب والإشادة بحيث يضيع الفرصة على مراجعة الذات ومحاسبة النفس وتقييم ما تم خلال عام منصرم.
هذا العام.. وفي قمة مسقط وبعد إحدى وعشرين قمة عقدت قبل ذلك كان لابد أن يكون التعامل مع القمة الخليجية تعاملاً مختلفاً، فالقمة تعقد وسط تحديات وعواصف إقليمية ودولية إن صح التعبير، وهي تحديات وعواصف ليست سياسية وعسكرية فحسب، بل اجتماعية واقتصادية.
وإذا كانت قمة البحرين القمة التي سبقت هذه القمة قد اهتمت بالشأن الاقتصادي واقتربت إلى مراجعة الذات بتأثير من الطرح الذي تضمنته كلمة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز التي كانت مراجعة ونقداً ذاتياً وبالذات في الشأن الاقتصادي والسياسي، فإن قمة مسقط ومن الأجواء التي عقدت أثناءها، فالحرب ليست بعيدة عن مكان انعقادها، والتهديد باندلاع حرب أكثر شراسة أيضاً على حدودها.
الحرب الأولى، ونعني بها حرب مكافحة الإرهاب أو هكذا أسماها من أطلقوها تركت تأثيرات مباشرة على المنطقة بعضها بدأت إفرازاتها تؤثر على الأوضاع الخليجية سياسياً واقتصادياً والقادم ما لم نستعد له ستكون أبعاده وتأثيراته أشد وربما أكثر إيلاماً.
فبالنسبة للأوضاع الاقتصادية يكفي الإشارة إلى ما أصاب إيرادات دول مجلس التعاون من تدهور بسبب انخفاض أسعار البترول التي أخذت تتراجع بعد الأيام الأولى من أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وعلى عكس المتوقع والنظريات الاقتصادية التي تقول إن أسعار السلع الاستراتيجية ترتفع أوقات الحروب والأزمات الدولية فإن سعر النفط عكس تلك النظريات وفقد ثلث سعره في البداية حتى اقترب من نصف السعر إلى أن تدارك ذلك وزراء الأوبك بالتحرك نحو الدول المنتجة الأخرى والتوصل مع تلك الدول إلى خفض الإنتاج لاعادة بعض ما فقد من سعر برميل النفط.
الهزة الاقتصادية التي تعرضت لها جميع دول مجلس التعاون نتيجة تدهور أسعار النفط لا بد وأن كشفت للقادة والمجتمعين في مسقط الوضع الخطير الذي تعيشه اقتصاديات دول المجلس لاعتمادها على النفط كمصدر أساسي ويكاد يكون وحيداً لاقتصادها وهذا ما يفرض أن توضع إستراتيجية وخطة آنية بعيدة المدى لإصلاح هذا الاقتصاد لكي يتوافق مع توجهات الإصلاح السياسي.
« غداً نواصل»
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|
