| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
بينما اتصفح جريدة الجزيرة في العدد رقم 10679 وتاريخ 9/10/1422ه في الصفحة الاخيرة قرأتُ خبراً مفزعاً تقشعر له الأبدان وهو (شرطة الطائف تلقي القبض على قاتل والدته.. على الرغم من محاولته إخفاء الجثة) يقتل امه ويمثل بجثتها بحرقها ومن ثم يدفنها!! أي قوى جسمية ونفسية وعقلانية يمكن للانسان ان يتحملها؟ هل انعدمت تلك القوى؟ حين قراءة الخبر تسمرت عيني وارتعشت يدي وخارت قواي وأصابني نوع من الدوار وبت مذهولا لوقت طويل غير مصدق على الإطلاق ان هذا يحدث في بلدنا وفي بلد مسلم تميز بتمسك أبنائه بقيمه الدينية والأخلاقية وأصوله ومبادئه النابعة أصلا من الفطرة، كيف يقوم بهذا العمل إنسان مسلم يقوم بقتل أمه.. بعد قراءة الخبر قلت لنفسي ليتني لم اطلع على الجريدة. ام حملته في بطنه تسعة أشهر ارضعته من ثدييها واسقته من ينابيع الحنان والرحمة منذ ولادته حتى قبل أن يضربها بآلة حادة ويودي بحياتها فهي سهرت الليالي على راحته واعيا جسدها الزمن لراحته، ذرفت الدموع حزنا وفرحا عليه تألمت لألمه وتجرعت مرارات الايام والسنين لراحته وسعادته.. أهذا جزاء الوالدة ورد الدين لها والبر والاحسان بها.. انه شيء فظيع ولا يصدقه عقل بشري في اعتقادي حتى ولو كان الانسان في غير وعيه أو مريضا نفسيا أو مدمن مخدرات متوقعاً منه ان يفعل أي شيء في الحياة نتيجة لحالته أو حالة اللاوعي التي يعاني منها لكن لو اراد ان يقتل أمه واقدم على ذلك فسترتعش يده ويُسقط ما بها لأنها الام الحضن الدافىء ونبع الحنان ونور المكان الذي تجلس فيه. حين نقرأ ما ينشر او نشاهده في الإعلام من اخبار مفزعة عن جرائم الغرب فاننا نبرر افعالهم بأنها نتاج فقدان الوازع الديني والاخلاقي وتجردهم من المُثُل والأخلاق وسوء التربية والانحلال، لكن ان يحدث هذا في بلد مسلم ذي قيم دينية واخلاقية واجتماعية متأصلة في الذات بالفطرة ومنذ ولادة الانسان. يذكر في الحكايات ان رجلاً احب فتاة وتعلق قلبه بها وكان يوضح ذلك لمعشوقته دوما فقالت له ذات يوم: هل تحبني على سائر البشر؟ قال: نعم فلم تصدق، أراد ان يثبت لها صدق حبه لها فقتل أمه واخرج من احشائها كبدها وأحضرها لمعشوقته وقال هذه كبد امي اهديك إياها برهاناً لأثبت حبي لك غضبت وقالت: من لا يحب أمه فهو ليس متوقعاً منه ان يحب أحدا. والإنسان لن يصل لفضل امه عليه حتى وان قدم ما قدم ما يصل زحرت من زحرات الولادة وآلامها، وعظيمة الام إذا أحسنت التربية أنشأت أمة عظيمة.
وحقيقة ما نسمعه ونقرأه في وسائل الاعلام في السنوات الاخيرة من جرائم في مجتمعنا يثير التساؤل ويطرح اكثر من علامة استفهام وتعجب.. ما الذي جرى في مجتمعنا؟ هل انعدمت القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية؟ هل للانفتاح الإعلامي دور في ذلك؟ هل هو إفراز حضاري سلبي اثر في مجتمعنا؟ هل للضائقة المالية لبعض فئات المجتمع دور في ذلك؟ وغيرها من التساؤلات لا حصر لها.. حقيقة لا اعتقد اننا مجتمع مثالي أو لسنا مثاليين او منزهين من الخطأ بألا تكون لدينا جريمة ولكن ان تصل الجريمة الى هذه البشاعة ابن يقتل أمه وأب ابنيه كما حصل العام الماضي في جدة.. من هنا يفترض ان يكون هناك دورإصلاحي في المجتمع تتبناه وتنفذه كل الجهات ذات العلاقة من رجال إعلام ودين وتربويين ونفسيين واجتماعيين واقتصاديين لعلاج ذلك الوضع: قال الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحداهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) سورة الاسراء آية 22 23.
أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أمك حيه فقال: نعم فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: الزم رجليها فثمّ الجنة أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبدالسلام سليمان العامر مشرف التربية الخاصة - تعليم حائل
|
|
|
|
|