| الاخيــرة
كان مقالي الأسبوع الماضي بعنوان «متى يُحل الزحام.. في المسجد الحرام»؟
وكان الحافز على كتابته ما شاهدته وعشته عن كثب، كما شاهده وعاشه كذلك أكثر من مليوني معتمر في شهر رمضان المنصرم.. زحام لم يحدث له مثيل من قبل.. أو هو هكذا بالنسبة لي على الأقل .
ولقد طالبت في ذلك المقال حكومتنا الرشيدة بأن تعمل على أن لا يتكرر مثل هذا الزحف البشري المهول على بيت الله الحرام.. بهذا الكم المرعب والذي له من السلبيات أكثر مما له من الايجابيات.. من حيث السلوك الفردي والمجتمعي.. وخلخلة الشرط الأساسي في العبادة، وهو «الخشوع» وتوجه قلب المسلم بقلبه ولبه الى مناجاة ربه دون أن يشغله شاغل عن خشوعه.
وهل يخشع من تَقْرَعهُ الأقدام في رأسه، أو يمينه أو شماله.. أو لا يجد في بعض الأحيان مكانا لسجوده فيسجد راكعا.. ولقد حدث لي هذامرة عند ما ازدحم المطاف ففر الطائفون يبحثون عن مكان يؤويهم والناس يصلون فريضة العشاء فَسَدَّوا علينا مكان السجود.
وكان بجانبي ساعة الاندفاع البشري، رجل سجد على قدم فتاة اعترضت قبلته. ولم تجد لها مخرجا.. ولم يجد له مندوحة من السجود على قدمها..!
أكرر هنا رجائي إلي حكومتنا الرشيدة بأن تعامل العمرة في رمضان معاملة الحج.. فيكون لكل دولة إسلامية عدد محدد للعمرة في رمضان..
***
على إثر قراءته المقال هاتفني معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد الرئيس العام لشئون المسجد الحرام وامام الحرم وخطيبه متفضلا بالثناء والتقدير الذي هو أهله.. و(ممازحاً) كذلك بقوله (هل تفرغت من النادي الأدبي لتتفرغ لنا..؟).
طبعاً هو أجل قدراً من أن يتفرغ له أحد بنقد في عمله أو في ذاته.. مع انه بشر يجوز عليه ما يجوز على عباد الله الصالحين غير المعصومين من الاخطاء.. ومع ذلك فأنا لم أوجه إليه أي نقد أو سواه ما عدا سؤالي له عن ظاهرة تغطية صفوف الحرم الشريف (بالحجوزات) التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وأفضل معاليه بأنه وجه اللجنة المعنية بضم هذه الملاحظات إلى مثيلاتها مما يدخل في اختصاصهم والعمل على تصحيح ما يمكن تصحيحه... وبخاصة موضوع حجز الصفوف بالسجاجيد وغيرها.. وأفاد معاليه بأن هذا الأمر في تحسن مستمر وسوف يتحسن أكثر في المستقبل القريب إن شاء الله.
***
وبالنسبة لكثرة الوافدين من خارج المملكة أفاد معاليه أن السعوديين عادة يظهر لهم وجود في الحرم إلا هذا العام فهم ندرة نادرة بالنسبة لغيرهم من الجنسيات الأخرى.. بل كدنا لا نرى لهم وجوداً. وهذه شهادة مختص وخبير..!
وهذا يؤيد ماذهبت إليه من أن إحدى الدول العربية يمثل معتمروها نسبة كبرى من المعتمرين. وهم السبب في الزحام الشديد والتعب الذي نال الكثير من الناس.
وهو ما نرجو معالجته وعدم تكراره في الأعوام القادمة.
***
إن تجاوب معالي الشيخ صالح بن حميد الرئيس العام لشئون المسجد الحرام وإمام الحرم وخطيبه مع ما يكتب عن موضوع الحرم، ذو دلالة واضحة على شعور معاليه بثقل المسئولية الملقاة على عاتقه ومساعديه أعانهم الله .
وكما أنه يحرك مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بخطبه الرائعة أيام الجمع فانه باهتمامه بالآراء والأفكار التي تطرح عليه، يكون قد جمع الحسنيين في عمله. جودة في الخطابة موضوعاً وأداءً.. وجودة في الاهتمام بما يكتب حول ما يدور في اختصاصه، ومعالجة كل قصور أو اخطاء بقدر المستطاع.
أما موضوع المجرمين الذين يفدون الى بيت الله الحرام للنشل والسرقة وما يتبع ذلك من جرائم فهو الموضوع الأخطر.. والذي مازال منذ سنوات يزداد تفاقما ويزداد العجز عن التخلص منه.. بفعل الزحام والتدفق البشري الذي يخلق التلاصق بين الأجسام ما يتعذر معه رؤية النشال وهو يمارس جريمته.
ولكن لا داء إلا وله دواء. نسأل الله السلامة لجميع المسلمين.
المراسلة على: ص.ب 27766 الرياض 11427
|
|
|
|
|