| قمة مجلس التعاون
*
*مسقط رئيس التحرير واس:
اختتم أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعمال قمتهم الثانية والعشرين في العاصمة العمانية مسقط مساء أمس.
ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله رأس صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني وفد المملكة العربية السعودية إلى القمة.
وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ان الإسلام هو دين التسامح والمحبة ويعتبر قتل النفس البريئة كقتل الناس جميعا.
وبين سموه في كلمة له في الجلسة الافتتاحية في الدورة الثانية والعشرين للمجلس الاعلى لمجلس التعاون أمس الأول.. ان أمتنا العربية والإسلامية تضررت أبلغ الضرر بسبب تصرفات رعناء لقتلة رفعوا شعارات الإسلام والإسلام منهم براء.
من جهته ألقى جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان رئيس الدورة الحالية للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون كلمة رحب في بدايتها بإخوانه قادة دول المجلس وأعضاء الوفود لحضورهم أعمال القمة في العاصمة العمانية.
كما وجه الشكر إلى سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير دولة البحرين رئيس القمة السابقة والتي كانت قد عقدت في المنامة العام الماضي.
كلمة سمو ولي العهد
اكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ان الإسلام هو دين التسامح والمحبة ويعتبر قتل النفس البريئة كقتل الناس جميعا.
وبين سموه في كلمة له في الجلسة الافتتاحية في الدورة الثانية والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي بدأت في مسقط أمس. . ان أمتنا العربية والإسلامية تضررت أبلغ الضرر بسبب تصرفات رعناء لقتلة رفعوا شعارات الإسلام والإسلام منهم براء.
وفيما يلي نص كلمة سموه
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله القائل في محكم كتابه «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أصحاب الجلالة والسمو قادة مجلس التعاون. .
أيها الاخوة الكرام. .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .
أحييكم جميعا باسم أخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأشكر أخي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد وأعضاء حكومته وشعب عمان الشقيق على حفاوة الاستقبال سائلا الله جلت قدرته ان يكلل لقاءنا هذا بالنجاح وان يوفقنا الى ما فيه خير امتينا العربية والإسلامية والعالم أجمع.
أيها الاخوة الكرام. .
كم كان بودنا ان نجتمع اليوم في ظروف أفضل من تلك التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية وهي ظروف اقتضت إرادة الخالق عز وجل ان يمتحن فيها معدن الصابرين المؤمنين من أشار لهم في كتابه العزيز فقال «وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الأمور».
فالمحن والكوارث في حقيقة أمرها فرص وتحديات تتطلب منا جميعا محاسبة النفس ومراجعة المواقف واصلاح الخلل لنخرج منها بإذن الله أقوى مما كنا عليه يوم دخلنا فيها فالأزمة القاتلة هي الوقوف أمام الأزمات مكتوفي الأيدي سلبى العزيمة ملقين باللوم على الآخرين دون أن نتصدى لدورنا الكامل مع المسؤولية.
ان تغيير الواقع الأليم لايتسنى إلا بتغيير أنفسنا أولا انصياعا وايمانا لقول الحق جل جلاله (ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ومن خلال هذه الرؤية الإلهية سوف يكون محور حديثي معكم اليوم.
أيها الاخوة الكرام
ان أمتنا العربية والإسلامية تضررت أبلغ الضرر بسبب تصرفات رعناء لقتلة رفعوا شعارات الإسلام والإسلام منهم براء. . وادَّعَوْا نصرة الأمة العربية والإسلامية والأمة هي الضحية الأولى لإجرامهم وعبثهم لذلك فواجب المسلمين جميعا في هذه الظروف إدانة الأعمال الإرهابية كافة دون لبس أو غموض وإدانة من يؤازرها بقول أو فعل وأن يبينوا الفرق الشاسع والواضح بينها وبين النضال الوطني المشروع في سبيل تقرير المصير.
ان الإسلام هو دين التسامح والمحبة ويعتبر قتل النفس البريئة كقتل الناس جميعا فالله سبحانه وتعالى يقول: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) والإسلام يدعو الى أن يكون التعامل مع الآخر بالمجادلة الحسنى لقوله تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) بل ان الله جلت قدرته خاطب موسى وهارون عليهما السلام حينما بعثهما الى فرعون فقال: (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى).
لذلك علينا ان نتعامل مع الآخرين باسلوب الحكمة والموعظة الحسنة لنعكس من خلال تصرفاتنا سلوك المسلم الحقيقي الذي قال عنه نبى الرحمة (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
أيها الاخوة الكرام
اذا ما حولنا أنظارنا صوب أمتنا العربية والإسلامية راعنا ما يحدث لأشقائنا في فلسطين الشقيقة من تدمير ومذابح دامية تتم تحت سمع العالم وبصره.
ان هذه المشاهد الأليمة تحتم على الأمة العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ان تواجه مسؤوليتها التاريخية التي تتطلب محاسبة النفس قبل محاسبة الغير ولا يكون ذلك إلا بمواجهة أسئلة ملحة وخطيرة طالما تهربنا من مواجهتها في الماضي.
ماذا فعلنا نحو تحقيق المبادئ السامية التي قامت عليها جامعة الدول العربية؟ ماذا فعلنا لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك؟ ماذا فعلنا لتحقيق الوحدة الاقتصادية؟ والسؤال الأهم هل ما يدور الآن في فلسطين من قمع دموي كان سيحدث لو ان إسرائيل وجدت أمامها أمة تتحرك عبر مؤسسات فاعلة وقوية مؤثرة .
أحسب أننا بطرح هذه الأسئلة نتلمس طريقنا الى الأجوبة ومع الأجوبة الصحيحة نستطيع (بحول الله وقوته) الوصول الى أهدافنا الصحيحة.
ان وقتنا أثمن من أن نضيعه في استجداء الدول والمنظمات الدولية واستعطافها وقد فعلنا هذا عبر عقود طويلة الزمن بلا جدوى وجهدنا أثمن من أن نهدره في شجب واستنكار وقد قمنا بهذا عبر عقود طويلة بلا فائدة.
ان وقتنا كله يجب أن يكرس لمحاسبة النفس العربية والإسلامية على التقصير وحثها على عدم تكرار الخطأ.
وان جهدنا كله يجب أن ينصب على اصلاح البيت العربي والإسلامي وجعله قادرا على مواجهة التحديات.
وأحسبنا لا نتجاوز الحقيقة اذا اعترفنا أننا جميعا ولا أستثني أحدا بأننا أخطأنا في حق أمتنا الكبرى حين سمحنا لعلاقتنا العربية والإسلامية أن تكون قائمة على الشك وسوء الظن بدلا من المفاتحة والمصارحة.
وحين ناشدنا العون من الغريب ونسينا القريب وحين فتحنا بيوتنا وأسواقنا لمنتجات الآخرين وسددناها أمام المنتجات العربية والإسلامية وحين أجزنا لأنفسنا أن نعزو كل نكسة من نكساتنا الى مؤامرة تجيء من وراء الحدود والى استعمار لا يزال يسكن العقول.
ايها الاخوة الاعزاء
اننا لسنا في حاجة الى قمم طارئة تصدر عنها قرارات انفعالية ارتجالية تموت قبل ان يجف الحبر الذي كتبت به فحاجتنا الحقيقية هي الى قمم للتأمل والتحليل تصدر عنها قرارات منطقية وواقعية تنفذ وفق جداول زمنية معقولة.
ان الفرصة لم تفلت من أيدينا بعد ولا يزال بوسعنا ان نشخص الداء ونتلمس الدواء والداء الذي لا أظننا نختلف على طبيعته هو الفرقة القاتلة التي أبعدت الجار عن جاره ونفرت الشقيق من شقيقه.
والدواء الذي أعتقد اننا نجمع على فعاليته هو الوحدة التي تعيد الجار الى حمى جاره والشقيق الى حضن شقيقه.
لقد كنا دوما نسعى الى الوحدة ولكننا ضللنا الطريق حين عقدنا آمالنا على ترتيبات دستورية شكلية توضع في فراغ وتنتهي في ضياع فمسيرتنا الوحدوية يجب أن تتعلم من أخطاء الماضي كما يجب أن تستفيد من كل التجارب الوحدوية الناجحة.
ان الوحدة الحقيقية لاتنصب على الشكليات ولكنها تقوم على مشاريع اقتصادية مشتركة تنتظم الأمة من اقصاها الى اقصاها وعلى مناهج دراسية واحدة تنتج جيلا شابا مؤهلا للتعامل مع المتغيرات وعلى قنوات عربية وإسلامية نستطيع عبرها معالجة مشاكلنا. .
ان المشاكل أمر طبيعي حتى داخل الأسرة الواحدة والتحدي الحقيقي لايكمن في طلب المستحيل وتوقع اختفائها ولكن يكمن في قدرتنا على إيجاد المؤسسات القادرة على التعامل مع الخلافات قبل ان تستفحل وعلى حلها قبل ان تتفجر.
ايها الاخوة الاعزاء . . . .
ان مهمة التوحيد والتقريب التي تواجهنا في خليجنا العربي لاتختلف عن المهمة التي تواجهنا على مستوى الأمة العربية والإسلامية فنحن في هذا الخليج جزء لايتجزأ من الأمة العربية والإسلامية لايصلح الا بصلاحها ولايتقدم الا بتقدمها فعوامل الجوار والتشابه الثقافي والتاريخي والسياسي تسهل مهمتنا في التوحيد والتقريب على مستوى الأمة الكبرى وكل نجاح نحققه في مجلس التعاون أو يحققه أي تنظيم عربي أو إسلامي إقليمي آخر هو في البداية والنهاية نجاح يصب في مصلحة الأمة العربية والإسلامية ويخدم أهدافها.
اننا لانخجل من القول اننا لم نستطع بعد ان نحقق الأهداف التي توخيناها حين إنشاء المجلس ولازلنا بعد أكثر من عشرين سنة من عمل المجلس نسير ببطء لايتناسب مع وتيرة العصر والانصاف يقتضي ان نقرر ان دول المجلس استطاعت تحقيق انجازات طيبة يجيء في مقدمتها حل الأغلبية الساحقة من القضايا الحدودية المعلقة الآن جزء يسير يذكرنا بالجزء الكبير الذي لم يتحقق فلم نصل بعد الى انشاء قوة عسكرية واحدة تردع العدو وتدعم الصديق ولم نصل بعد الى السوق الواحدة ولم نتمكن بعد من صياغة موقف سياسي واحد نجابه به كل الأزمات السياسية. . وهنا أرجو ان تسمحوا لي ان أذكركم ونفسي ان تمسكنا المبالغ فيه بمفهوم السيادة التقليدي هو الذي يقف حجر عثرة أمام مساعي التوحيد.
ان اعطاء مجلسنا هذا قدرا أكبر من الصلاحيات لا يعني التنازل عن استقلالنا بقدر ما يعني دعم هذا الاستقلال وترسيخه وصولا الى وحدة عربية وإسلامية في المواقف والتوجهات والأهداف ولنا في الاتحاد الأوروبي نموذج نحسن صنعا لو استأنسنا ببعض ما جاء فيه.
ايها الاخوة الاعزاء. .
ان مهمة التوحيد والتقريب هي واجبنا الأساسي على المدى القريب والبعيد الا ان الظروف الاستثنائية التي نشهدها هذه الأيام تتطلب تحركا استثنائيا للتعامل معها فمن الناحية الاقتصادية شهدت أسعار البترول في الآونة الأخيرة انخفاضا خطيرا يهدد رخاء شعوبنا ورفاه مجتمعاتنا وهذا الوضع يتطلب منا ان نوحد المواقف والجهود كما فعلنا عندما انخفضت أسعار البترول قبل بضع سنوات حينما تمكنا وقتها بفضل الله ثم بالمواقف الصلبة الواحدة من تجاوز تلك الأزمة ونحن بحول الله وقوته قادرون على مواجهة الأزمة الراهنة بالمواقف الصلبة ذاتها .
ومن الناحية السياسية يشهد العالم تطورات خطيرة رأينا كيف بدأت ولانعرف كيف ستنتهي ومن الغني عن الذكر اننا لن نستطيع التأثير في هذه التطورات ما لم نحللها بعقلية واحدة ونتخاطب معها بصوت واحد. .
ومن الناحية الثفافية تتعرض أصالتنا الإسلامية العربية لكثير من الضغوط والتأثيرات وما لم يكن لنا منها موقف واحد فان هويتنا المتميزة يمكن أن تتعرض لا سمح الله للتشويه.
لذلك يفرض علينا الواجب أن نتبنى الخطاب الحضاري المعتدل الذي يستطيع التعامل مع المتغيرات دون أن يفرط في الثوابت فمشروعنا الحضاري القائم على الامتزاج الرائع بين الإسلام والعروبة هو مشروع يمكن أن يخدم الانسانية جمعاء اذا استطعنا أن نحسن التمسك به وأحسنا عرضه على بقية الحضارات.
أيها الاخوة الكرام
بتوكلنا على الله عزوجل ثم بمؤازرة من شعوبنا العربية والإسلامية يستطيع القادة أن يمضوا قدما نحو مسيرة التوحيد والتقريب اذا ما وضعوا نصب أعينهم مخافة الله ثم مصالح أمتهم العربية والإسلامية (ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|
|
|