| محليــات
*** اليوم هو الأخير في التأريخ الميلادي من العام الأول بعد القرن العشرين، وغداً الأول في العام الثاني من القرن الواحد والعشرين الميلادي: وقد كان حلم القرون الأولى أن يحيا الإنسان في سلام، بعد أن تحقّق له امتلاك مفاتيح العلم، والعمل، بما يشيع بهما، منافذ النُّور، والحرية، والسَّعادة... تُرى... ماذا يقول إنسان هذا اليوم، لإنسان مضى بحلمه!، أيؤكد له فشله في تحقيق السَّعادة للبشرية، في زمن الإمكانات...، وتعدد المسخّرات، وتوافر المقدَّرات، لتلك الأحلام كي تكون واقعاً؟... وقد بسط الله تعالى للإنسان من النّعم ما لم يكن يحلم بها إنسان الحلم في الزمن الماضي؟
إنَّ خلاص الحياة، من شرر أمراض الإنسان، إنَّما يتحقّق بالعودة إلى مناهل الإيمان، الصادق...، وعلى الدنيا السَّلام سعد إنسانها، أو تردَّى...
فهلموا إلى ينابيع الصدق.
*** هذا لكم
أمّا ما هو لي فأقول:
*** كتبت العنود بنت فيصل الهاجري تقول: «منذ بدأت الأيام الأخيرة في رمضان، لزمت القبلة أصلي وأخذت أدعو... ما أود أن تفعليه لي يا سيدتي الكاتبة هو أن تقرئي دعائي، إن وجدت فيه ما يفيد فانشريه عسى أن ينفع الله به النَّاس، وإن وجدت فيه ضعفاً في التعبير فدعيه ويمكنك التخلّص من أوراقي كي لا تزيدك غثاء... فما أشدّ غثاء الورق»...
*** ويا العنود... دعاؤك جميل ولسوف أنشره لك بعد هذه السطور مع إجراء بعض التعديل ، أردت فقط أن أدعو لك بالتوفيق الدائم، والثَّبات يا صغيرتي، وأنت تبدأين خطواتك الأولى في «الكليّة».. كما أؤكد لك أنَّ الورق لم يكن يوماً غثاءً...، إنَّه المساحة التي نركض فوقها كلَّ يوم، نكرُّ ونفرُّ، ألا ترين هذا القلم، وتلك، لا ساحة لفروسيتها إلاَّ فوق هذه المساحات البيضاء، كي نواصلكم عنها؟ فكيف نطوي المساحات، ونقطع المسافات، إليكم؟... إنَّ الورق هو المحضن الأساس للكلمة التي هي رسول المعنى، والفكرة، ومضامين كلِّ ما يستوعب الحياة ويبثها...، وثقي أنه لا يوجد لا ما يعوِّض الورق أو يكون بديلاً مطلقاً له...، على تقدّم الإنسان في علومه وصناعته وآلاته...
تقول العنود في دعائها:
«يارب.. اللَّهم لقد اسودَّت الحياة في عيون كثير، بل ألوف من خلقك، وقد تشتّتوا في العراء، ولقد هُدَّمت بيوتهم، وانتهكت حقوقهم، اللَّهم إنَّهم عبيدك وإماؤك وهم خلقك أطفال وكبار نساء ورجال، اللَّهم فارزقهم الستر، اللَّهم وارزقهم الغذاء والمأوى، اللَّهم بدَّد الظلم الذي حاق بهم، اللَّهم سلِّط على أعدائهم أنفسهم واشغلهم بها، وباعد بينهم وبين أذاهم، اللَّهم هذا دينك فانصره بما وعدت، وامنح المسلمين الهدى ونور البصيرة كي يحققوا في الحياة ما يرضيك عنهم، اللَّهم يا ربي ورب كلِّ الناس إنني أبكي حرقة لفقد الصغار، ولعذاب الكبار، وللدماء التي تهدر وتسيل وأفزع من الرعب الذي يصيب قلوب المسلمين في فلسطين وغيرها اللَّهم فكيف وهم يعيشون في قلب الأحداث، إنَّ ليس لهم إلاّ أنت يارب فأنزل عليهم رحمتك، اللَّهم احقن دماءهم ووحِّد صفوفهم، اللَّهم وأنزل في قلوبهم الرحمة لبعضهم، اللَّهم عنْهم وساعدهم وانصرهم واحفظهم. اللَّهم واحفظ بلادي وأهلها في أمن وخير وسلام وجميع بلاد المسلمين يارب آمين»....
*** كتب الشَّاعر الصغير م.م. المفلح: «قرأت عشرات الكتب للشُّعراء العرب منذ العصر الجاهلي، وحفظت استظهاراً كثيراً مما قرأت لأنَّني أحبُّ الشِّعر وقرض الشِّعر، وحاولت تقليد القصيدة العمودية على طريقة أصحاب المعلَّقات. لكنّني لا أناقشك في هذا الأمر، أردت أن أتحقّق من ظنّي بأنَّ هذا العصر ليس عصر المفاخرات، ولا البطولات، ولا توجد أفكار مشجِّعة كي نكتب الشِّعر، وإنّي كلَّما حاولت أن أطرق فكرة أجدني أتعثّر لأنَّ الواقع لا يشجِّعني، ولقد شجَّعني ما لمسته من أفكار في زاويتك تؤكِّد صدق ظني. فهل أتوقف عن قرض الشِّعر؟».
*** ويا الشَّاعر الصغير: الزَّمن الذي نعيش فيه ليس مفرَّغاً من القيم ولا الأفكار، بل لا يخلو من الأشياء الجميلة التي تمنح الشَّاعر فرصة كي تهمي قريحته...، صحيح أنَّنا لا نجد بطولات كالتي كانت، ولكن أيَّ بطولات كانت؟ أوَ ليست كانت مناسبة لزمانها؟ وهل كلُّ الشِّعر العربي هو شعر بطولات؟... ألا تحرِّك قريحتك مآسي البشرية، وحدها كأكبر، وأوسع ملحمة إنسانية يعاني الإنسان منها قهر الفجيعة في مخرجات الحياة بفعل الإنسان ذاته؟ أوَ ليست نكبات الإنسان المتتالية كفيلة بك لأن تدرّ الشِّعر؟... إنَّ كلَّ ما في الواقع هو بوتقة للشِّعر، إنّني على خلاف مع من يدّعي عدم مناسبة الشِّعر لهذا الزمن، بل أجده أنسب وأخصب الأزمان للشِّعر الإنساني على كافة المنافذ،... فهلاّ تفكَّرت فيما يكون، كي تقول ما يكون لا ما لا يكون؟ ضع سنَّة قلمك على الورق.. وأشعل فتيل قريحتك، واضغط على زناد خيالك، وهات، لأن السَّاحة تحتاج إلى شعراء...
أمّا النَّماذج التي أرسلت، فإنَّها جميلة، فقط عليك ألاَّ تفرِّغ قصائدك من المضامين، فالشِّعر ليس فقط قالباً...، أو نصّاً حروفياً، إنَّه قول دلالي من شأنه أن يفعل كلَّ شيء بما يمثِّله دور الشِّعر في النَّسق الفكرية. وشكراً لما جاء في كلِّ رسالتك.
عنوان المراسلة: الرياض: 11683 ص.ب 93855
|
|
|
|
|