| الاقتصادية
بلغ إنفاق المجتمع في المملكة على التبغ المستورد في الساعة الواحدة 000، 100 (مائة ألف) ريال وذلك خلال العشرين عاماً الماضية بمتوسط إنفاق سنوي يبلغ 850 مليون ريال، وهذا رقم كبير بلا شك إذا ما أخذ في الاعتبار عدد السكان وكون البلد بلداً نامياً بحاجة إلى كل ريال لأن ينفق في مكانه المناسب، علاوة على أن هذا الرقم لا يغطي التكاليف غير المباشرة لاستهلاك التبغ ومشتقاته مثل تكاليف علاج الأمراض التي يكون التدخين سبباً فيها ولا تكاليف الحملات التوعوية المناهضة للتدخين ولا قيمة الآثار الخارجية السالبة للتدخين وغير هذه الأمور كثير،
ويمكن القول بأن المجتمع في هذا الجانب يمارس هدرا اقتصاديا كبيرا، فهو ينفق مبالغ طائلة على استهلاك سلعة ضارة صحيا واجتماعيا وخلقيا، ليس هذا فحسب بل انه لا يستفيد من وراء انفاقه الاستهلاكي هذا بأي شكل من الاشكال لأن هذه السلعة لا تنتج ولا تصنع محليا، فلا تستفيد من هذا الانفاق مدخلات الانتاج المحلية، على ان هذا لا يمكن تفسيره على انه دعوة لفتح المجال امام تصنيع التبغ ومشتقاته محليا بل هو لبيان ان ما يترتب على هذا الانفاق الاستهلاكي هو ضرر محض لا ينتفع به المجتمع في اي مرحلة من مراحله،
وكان من الاولى توجيه هذه المبالغ او جزء منها للانفاق على جوانب هامة في حياة المجتمع مثل التعليم والصحة والاسكان وغيرها، واذا كانت الخسارة في هذا الجانب كبيرة فالمنطق يحتم ضرورة الاخذ بمجموعة من الاجراءات والتدابير لوقف او على اقل تقدير التخفيف من حجم الاستنزاف الذي يعاني منه المجتمع وللحفاظ على موارده واستخدامها فيما يعود عليه بالنفع والفائدة،
ومن الطبيعي ان تكون لهذه الاجراءات والتدابير جوانب متعددة بعضها ديني وآخر توعوي وثالث صحي ونظامي واداري وقضائي واقتصادي، وما يهمنا من هذه الجوانب هنا هو الأخير، فقد أخذت الاجراءات الاقتصادية في مكافحة هذه المشكلة اشكالات متعددة من ابرزها فرض الضرائب الجمركية على ما يستورد من التبغ ومشتقاته اضافة الى فرض ضريبة مبيعات يقوم بدفعها المستهلك عند شرائه لهذه السلع على ان تكون هذه الضرائب بمعدلات عالية لتعمل على تقليص الطلب عليها، يتزامن هذا مع فرض ضرائب بمعدلات عالية ايضا تزاوله تسويق التبغ ومشتقاته وذلك حتى تتحمل ولو جزءاً يسيرا من الاعباء والخسائر التي تكبدها للمجتمع نتيجة لممارستها لنشاطها الضار بالمجتمع،
ويكون من المناسب صرف جزء من حصيلة الضرائب على معالجة الآثار السلبية الناجمة عن التدخين، لكل نوع من انواع الضرائب السابقة اهدافه الخاصة به والتي ترمي الى زيادة التكلفة بالنسبة للمستهلك، وشعاره بانه يتحمل اعباء مالية اضافية نتيجة لاستهلاكه لهذه السلعة لا يتحملها عندما يقرر استهلاك سعلة اخرى اضافة الى جعل الاستثمار في المشروعات التي تتعامل بالتبغ ومنتجاته اقل ربحية من الاستثارات الاخرى التي لا تفرض ضرائب على ارباحها او تفرض عليها بمعدلات أقل،
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|