| الفنيــة
نجح الحاج متولي وجابر مأمون نصار وعطا المراكيبي والجارحي أو نور الشريف ويحيى الفخراني وأحمد خليل وفاروق الفيشاوي وغيرهم من الفنانين الرجال الذين ظهروا في المسلسلات الدرامية التي عرضت في شهر رمضان في لفت الأنظار وتوجيه العديد من النقاشات الى ضرورة بحث صورة الرجل في الدراما بعد ان كان الاعتياد دائما وفي كل عرض فني على الشاشة سواء الصغيرة أو الكبيرة تتوجه الأنظار الى المرأة وتتركز المقالات والدراسات على كيفية تقديم المرأة وصورتها دراميا، ولكن في المسلسلات الدرامية التي عرضت مؤخرا في شهر رمضان قدمت نماذج وشخصيات أحدثت جدلا كبيرا في أوساط المشاهدين الأمر الذي انقلب معه الحال لتصبح الرؤى والأنظار تصب في اتجاه صورة الرجل في الدراما. قدم نور الشريف في مسلسل الحاج متولي الذي استحوذ على نسبة مشاهدة عالية شخصية رجل مزواج أو زوجا لأربع ناجحا في التقرب والتودد للنساء ويتزوج أربعة بأغراض وصولية ومنفعية في نفس الوقت لا يبخل عليهن بشيء ويعاملهن بالعدل والحسنى وهو «سي السيد» بينهن وكذلك في العمل يخشاه الجميع ويعملون له حسابا بدأ حياته كبائع فقير في أحد محلات الأقمشة وبعد وفاة صاحب المحل تودد الى زوجته وتزوجها أخيراً وهكذا تكررت زيجاته إما لامتلاك محلاتها أو لتوطيد صلاته بمن يسهلون له الأعمال وجمع كل زوجاته في عمارة واحدة ليعيش بالفعل كالسيد ورغم ان صورة «سي السيد» التي قدمها نور الشريف في عائلة الحاج متولي لاقت نجاحا وصدى واسعا، إلا أنها نالت انتقادا شديدا من قبل بعض النقاد حيث اعتبروه مسلسلا خياليا يناقش فكرة خيالية من الصعب تحقيقها في أرض الواقع نظرا للظروف الاقتصادية المتردية فكيف يتأتى لأحد الأشخاص حتى وان كان قادرا ماديا أن يجمع كل زوجاته في مبنى واحد وينجح على تألفهم معا وأن يحقق بينهن المساواة في كل شيء.
وبخلاف الانتقادات قدم المسلسل صورة الحاج متولي في اطار جاذب حيث يتمتع بخفة دم وابن نكتة سريع البديهة يعرف كيف يتعامل مع الناس وخاصة النساء وأصبحت صورة الحاج متولي الذي يعرف كيف يصل الى أهدافه ومن أين تؤكل الكتف، سي السيد، العادل بين نسائه، صورة مثلى في أذهان المشاهدين، وتأتي هذه الصورة تواصلا مع صورة عبدالغفور البرعي الذي قدمها نور الشريف في مسلسل لن أعيش في جلباب أبي الذي عرض في شهر رمضان قبل الماضي وهي شخصية وصلت لأعلى درجات السلم وان اختلفت عن الحاج متولي في الزيجات المتعددة، وتمثل كل من هاتين الشخصيتين صورة مكتملة ل«سي السيد العصري» الذي يأخذ ما يريد ويخدمه ويقدره الجميع، ورغم ان هذه الصورة تعتمد بالأساس على الجانب المادي وزيادة الثروة إلا أنها هي الصورة الجاذبة في المسلسلات الدرامية.
للعدالة وجوه كثيرة
أما في مسلسل «للعدالة وجوه كثيرة» من بطولة يحيى الفخراني ودلال عبدالعزيز واخراج محمد فاضل، فقد أعلى ايضا من وضعية جابر مأمون نصار «يحيى الفخراني» على حساب المرأة وهي زوجته في المسلسل «دلال عبدالعزيز» وقدم المسلسل البطل الرجل في صورة أقرب للمثالية والمبادىء السامية فهو رجل أعمال واسع الثراء يعيش حياة عصرية متقدمة وينفق ببذخ على الفقراء والمساكين وأهالي قريته، يحبه الجميع كبارا وصغارا، إلازوجته وزوج ابنتها ووالدها، يتضامن معه الجميع في قضيته عندما تحاك له جريمة قتل ويتم الحكم عليه بالاعدام يقف الجميع معه إلا زوجته رغم أنها عاشت معه ما يزيد على 17 عاما مما أفقد تعاطف الجميع معها، واحتلت صورة رجل الأعمال المثالي مخيلة المشاهدين وجذبت الشخصية الجميع تابع صعودها وكيفية تطورها عبر المواقف الدرامية في المسلسل.
صورة نمطية
صورة الرجل في مسلسل «حديث الصباح والمساء» بطولة ليلى علوي وأحمد خليل وعدد كبير من الوجود الفنية واخراج أحمد صقر جاءت محملة بالعديد من الأشكال والألوان نظرا لأن المسلسل يعبر عن فترات تاريخية ممتدة ويمتلىء بالعديد من النماذج غير ان الصورة التي لفتت الأنظار هي صورة ا لبطل أحمد خليل حيث جسد دور إسكافي فقير يتزوج من احدى بنات الأسر التركية العريقة فيتبدل وضعه الاجتماعي، هذه الصورة التي حملها المسلسل بها العديد من الجوانب الايجابية فهو رجل شهم، صادق، محب للخير، تلتقي به ليلى علوي وتقع في غرامه وتصمم على الزواج منه فينقل من حال الى حال، هذه الصورة المثالية أيضا قدمها المسلسل في بساطة دون التطرق الى تعقيدات يمكن ان تصادفها في الواقع غير ان النجاح في الزواج من إحدى بنات الأسر الثرية العريقة هو احد الأحلام التي تداعب العديد من المشاهدين فكانت الصورة التي قدمها المسلسل مثالية تماما لهم.
صورة عكسية
وعلى عكس الصورة السابقة تأتي صورة البطل عرفان الجارحي في مسلسل «البر الغربي» بطولة فاروق الفيشاوي ورغدة واخراج اسماعيل عبدالحافظ، تتفق مع مضمون وجوهر الأفكار في بقية المسلسلات فعرفان الجارحي لا يرتدي القميص والبنطلون مثل الحاج متولي أو جابر مأمون نصار، ولكن يرى الجلابية ويتحدث اللهجة الصعيدية، ويعمل في منطقة الاهرامات في خدمة السائحين الأجانب، عاش حياته مطاردا من قبل السلطات الأمنية والاحتلال البريطاني لمصر لمعارضته للباشا وللاحتلال ولا ينقذه من هذ المطاردة غير ابنة القنصل البريطاني التي تقع في غرامه وسرعان ما يتغير الأحوال ويزول الاحتلال ويصبح عرفان الجارحي رجلا بارزا في المجتمع المصري بعد الثورة وعضو مجلس النواب ليلتقي مرة أخرى بابنة القنصل البريطاني ويفاجأ بعد مرور السنوات ان ابنه قد وقع في غرام ابنتها لتتكرر الحكاية، غير ان المسلسل قدم الجارحي في صورة نمطية لصعود رجل من قاع المجتمع الى القمة.
صلاح الدين الأيوبي
وفيما أبرزت الدراما السورية وأعلت من الصورة الملحمية للبطل صلاح الدين الأيوبي في مسلسلاتها المعروضة حالياً وخاصة ونحن في وقت نحتاج فيه مثل هذه النماذج والدراما السورية في ذلك تنضم للدراما التي أحدثت تحولا كبيرا هذا العام في الأذهان بتوجيه ولفت الأنظار الى صورة الرجل بعد ان استأثرت صورة المرأة في الدراما بنصيب كبير وكان الرجل خارج هذه الصورة.
الخلاصة
والخلاصة التي يمكن استنتاجها ان صورة الرجل كما أبرزتها الدراما مؤخرا انه سي السيد عصري كما في عائلة الحاج متولي محبوبا من الجميع وحتى أعدائه الذين يعودون في النهاية الى صفِّه كما للعدالة في وجوه كثيرة والبر الغربي و كما أن الشخصيات الذكورية في مجملها تحمل قبول منطق التصالح الطبقي، وهذا ما اتضح في حديث الصباح والمساء والبر الغربي، ولا تزال الصورة ينقصها الكثير من الرتوش والأضواء.
|
|
|
|
|