|
| مقـالات
تعجز.. لو حاولت التبرير والتدليل.. لماذا الناس يتفاوتون في الطباع.. بل وتحتار.. لو أنك حاولت تفسير الحالات الشاذة في طباع الناس، فذاك شعور داخلي يعتلج داخل النفس البشرية لا يحس به سوى صاحبه.
زارني صديق، لا يطلع.. ضوء قمره إلا كل ستة أشهر مرة واحدة.. فسألته.. أهلاً.. لماذا هذا الغياب.. فلم يزد على قوله .. لقد وصلت الآن، وسكت، ورأيت أيضاً أنا.. أن السكوت أغلى من الذهب.. فصاحبي هذا لو جادلته لفر من حيث أتى.. وعندما دخل.. كان يحمل مغلفاً في يده.. وعندما دخل الى مكتبتي في المنزل.. قال.. لا شاهي ولا قهوة.. ثم استدار وقال ولا عصير. ثم برر الأخير هذا بقوله.. عادة نحن السعوديين عندما نقول.. لا شاهي ولا قهوة.. نذهب لإرضاء الضيف أو الصديق القادم من ظهر الغيب، ونحضر له عصيراً.. وبالمناسبة من طباعنا أننا نقدم القهوة بالهيل لرجل لا يحب المسمار لأن الهيل بسبب «مفرقات في المعدة» كما يقول أحد كارهي الهيل.
أما المسمار فهو مهدىء ولذيد ومسيل للعاب، ومدر للبول، وصالح للكيف، لكنه.. للمدمن مضر. لأنه لو قدر وتطلب عمل عملية جراحية فإن الأطباء يجدون مشقة في تخدير شارب المسمار.
صاحبي هذا أعرفه جيداً، لكنني بعد فقده لسنين طويلة لم استطع ايجاد تبرير لتغيره في النظرة لكل شيء، لقد تغير فيه كل شيء يحب سماع الحديث، والذكريات، واللطائف من القصص والحديث عن بعض الأصدقاء القدامى الذين التحفوا ببساط الحياة فاستأنسوا بالبيات الشتوي والصيفي، وفضلوا اختصار الخطوات.
هناك تغيرات تحدث للناس، لا تسأل عنها، لكنهم يزاولونها بتلذذ عجيب، ومالك،وما للناس حتى تجبرهم على ابداء الأسباب لتغيير حياتهم، كما فعل الذين ناقشوا أبا العلاء المعري أياماً طويلة، لماذا هو لا يأكل اللحم؟، ورغم انه بيَّن لهم الكثير والكثير من الأسباب لكنهم ظلوا يناقشونه، لأنهم وكلاء آدم على ذريته كما يقول الشعبيون في أمثالهم.. وعندما مرض.. وصف له طبيب فروجاً.. فلمسه بيده. وقال ساخراً: استضعفوك فوصفوك. هلا.. وصفوا شبل الأسد.
وهكذا الناس. أقوياء على الضعيف.. جبناء أمام القوي.
|
|
|
|
|
