| مقـالات
..كثيراً ماتجد نفسك محرجاً امام بعض المواقف التي يستحيل عليك فعل اي شيء.. بل قد تتضايع منك كل الاشياء وتفقد القدرة على التعبير وتشعر بالشتات والخوف والألم انك كمن يفقد تنظيماً داخلياً، وتتعذر عليك مختلف وسائط التعبير.. حتى إنك تشعر بأن الدموع عاجزة عن التخفيف عنك..!!
إنك انت الإنسان بكل ايجابياته وسلبياته بل بكل تناقضاته تكاد تتهالك وتفقد توازنك وتنهار قواك، وكأنك تنتهي الى اعماق الصراع بين مدى ثباتك وقسوة الألم على نفسك!!
إنك انت الانسان القابل للتحويل حينما تتأثر بالاحداث فتضحك حيناً وتبكي حيناً آخر، انك انت الاقدر على النسيان ولكن ليس في لحظة الألم بل بعد مسافات ومسافات تحتل فيها الليالي المعتمة كل مشاعرك واحاسيسك تجف ذكريات احب الناس اليك..!!
إنك انت الانسان الذي يعيش الصراع في فراق الاحبة.. ورغم كل شيء يبقى بداخلك نبض جريح.. يعيد اليك كل الذكريات، ثم تقف في مفترق الطرق بين ماض يحضن الاحبة المفقودين وبين حاضر تسبقك خطوات النسيان الى عالم مجهول!!
ان الصراع بين مابداخلك ومايفرضه عليك واقعك يقودني الى تحسس مدى الالم في فراق الاحباب حينما يسلبهم الموت في زهرة شبابهم.. حينما يرحلون عن الدنيا قبل ان يعيشوا زينتها.. فيما تقف أنفاسهم وتسل ارواحهم ويغادرون مطارك الى الابد ياترى كيف تحتمل هذا..؟!
قالت.. في هدوء.. وحنان امومة فائضة.. «عبدالعزيز. شمس وغابت».. لم تكن عبارة عابرة.. بل تبعتها لآلئ من الدموع الحارقة بحرقة ألم القلب.. فهو فؤاد ام ثكلى تجتر ذكريات ابنها.. بكل مافيه من صفات جميلة.. ثم تتحول الى تنهيدة طويلة وتقول.. الله يرحمه ويحسن مثواه والحمدلله والشكر على ما أصابني..
في الحياة الانسانية القدر بخيره أو شره من الايمان ولاشك ان الموت له وقع حارق جداً.. بل وبالغ الاثر ففي الايام الاولى للعزاء ينشغل الاهل عن حبيبهم المفقود، ولكن بعد وقت يبدأ صقيع الفراق.. قاسياً نعم انه النوى.. رغم انه مصير للجميع، ولكن مغادرة احبتك عن مطارك للأبد يؤلمك اشد ألم، ويجعلك مصاباً بشيء غريب لايختلف كثيراً عن اللون الاسود وظلمة الليل الحالك..!!
بل إن لحظات الانكسار هذه تجعل الدنيا امامك ضيقة كخرم إبرة ولاشيء في نظرك يستحق ان يأخذ حجمه اكبر من تأدية ماعليك لخالقك من حقوق وواجبات، فأنت تستحق الماً.. وتتحول مشاعرك واحاسيسك الى اشد حالات الشوق في ضم من تحب الى صدرك بعد ان تبلغ برحيله انك تشعر بالفراغ.. يختلف عن المساحات الشاسعة للصحراء القاحلة..
وذلك مالمسته في مشاعر ام عند فراقها لابنها وذلك مايشعر به ايضا كل اب في فراقه لابنائه.. انه شعور مضاعف.. ذلك هو فقدان الابناء او البنات ذلك هو الاصعب حينما يكون المرض قد احتل أجسادهم فسلبهم الشباب والحياة شيئاً فشيئاً.. بل إنه الأقسى على ذاكرة الوالدين كلما نظر لمن في سن احبابهم الذين رحلوا لاحت في مخيلتهم سكناتهم وضحكاتهم وكلماتهم.. وربما انات أوجاعهم.. انه الرحيل الحق المؤلم الموجع.. الأقسى الماً وأثراً على أرواحنا لا اجسادنا..!!
|
|
|
|
|