| قمة مجلس التعاون
*
* مسقط علي البلهاسي
«قمة مسقط هذا العام ستكون من القمم التي سيذكرها تاريخ مجلس التعاون الخليجي» هذا هو التصريح الذي أدلى به جميل إبراهيم الحجيلان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي لدى وصوله إلى مسقط للمشاركة في أعمال القمة الثانية والعشرين لمجلس التعاون الخليجي التي تعقد يومي الأحد والاثنين المقبلين وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد.
ويناقش قادة دول مجلس التعاون في قمتهم القادمة العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية المتعلقة بمسيرة مجلسهم، بالإضافة إلى مناقشة العديد من التداعيات والتحديات التي فرضتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة والتطورات التي نجمت عنها، وهو ما جعل جدول أعمال القمة الخليجية القادمة يمتلئ بالعديد من الموضوعات المهمة التي تتعلق بسبل واستراتيجيات تفعيل التعاون المشترك بين دول المجلس في جميع المجالات ومواجهة التحديات التي واجهتها بعد التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة.
التقرير التالي يعرض لأهم القضايا والموضوعات التي تتناولها القمة القادمة لمجلس التعاون الخليجي في مسقط.
قضايا سياسية
تتناول قمة دول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد السياسي العديد من القضايا يتعلق بعضها بالوضع بالنسبة لدول المجلس نفسها وعلاقاتها بالدول الأخرى، ويتعلق البعض الآخر بالوضع في الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي، إلى جانب بعض القضايا السياسية والتداعيات التي عرضتها أحداث 11 سبتمبر على منطقة الخليج.
فقد فرضت الأحداث الأمريكية الأخيرة وحرب أفغانستان العديد من التحديات السياسية على دول المجلس خاصة مع تلميح أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية أخرى أكدت معظم التصريحات أنها ستتجه إلى دولة عربية أغلب الظن أنها ستكون العراق، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً أمام دول المجلس التي أكدت رفضها لضرب أي دولة عربية. ولا شك أن احتمال توجيه ضربة أمريكية للعراق سيمثل موضوعاً مهماً على أجندة القمة القادمة لدول المجلس لما يمثله ذلك من تهديد ومخاطر لأمن المنطقة.
كما أن التطورات المستقبلية في الحملة الأمريكية على الارهاب من شأنها أن تؤثر في العلاقة بين معظم الدول الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد إعلان أمريكا أن المتهمين بتفجيرات 11 سبتمبر بينهم عرب وخليجيون، وما ترتب على ذلك من مضايقات وسوء معاملة تعرض لها العرب في الخارج في أماكن مختلفة من دول العالم واتهام بعض المنظمات الإسلامية والعربية بتمويل ومساندة الإرهاب.
كما أن قضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران ما زالت عالقة رغم دعوة مجلس التعاون لحل القضية بالطرق السلمية ومطالبة إيران بالكف عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
وتتناول القمة القادمة أيضاً الوضع في الشرق الأوسط وتدهور الأوضاع بسبب ممارسات شارون العدائية ضد الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية وبحث الموقف الخليجي من التطورات الأخيرة في الأراضي المحتلة وسبل دعم ومساندة الشعب الفلسطيني، ومن المقرر أيضاً أن تبحث القمة الخليجية الانعكاسات والآثار المباشرة لحرب أفغانستان على دول مجلس التعاون الخليجي والاعتراف بالحكومة الأفغانية الجديدة. وسبل تقديم المساعدات، والمساهمة في إعادة إعمار أفغانستان ضمن الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، كما تبحث القمة المبادرة السعودية الباكستانية بشأن أفغانستان ضمن الملف الخليجي الخاص بأفغانستان.
موضوعات اقتصادية
لعل أهم ما تتميز به قمة دول مجلس التعاون الخليجي القادمة هو البحث في القضايا الاقتصادية التي تهم دول المجلس، حيث ستناقش القمة عددا من الموضوعات المهمة والمؤثرة تمهيداً لإقرارها منها مشروع الاتفاق الاقتصادي الجديد الذي سيتم اقراره بدلاً من الاتفاق الاقتصادي الذي سبق العمل به في بداية قيام المجلس، وتم ادخال الكثير من التعديلات عليه ليكون اكثر انسجاما مع ما وصل اليه التعاون الاقتصادي بين دول المجلس وما تشهده الساحة الدولية من تغيرات اقتصادية.
وهناك رؤية واضحة لدى دول المجلس إلى التعجيل بتطبيق الاتحاد الجمركي ليبدأ العمل به اعتبارا من الاول من يناير 2003 بدلا من 2005.
اضافة الى الاتفاق على تعرفة جمركية واحدة بواقع 5% على كل السلع الاجنبية المستوردة من الخارج بدلا من التعرفتين 5% ،و 7% اللتين سبق الاتفاق عليها في قمة الرياض.
ويتوقع ان يتم الاتفاق على برنامج زمني للاتحاد النقدي بتطبيق الخطوات اللازمة لإقامة الاتحاد النقدي لإصدار العملة الخليجية الموحدة في موعد اقصاه الاول من يناير 2010 . كما ستتم مناقشة قضية العمالة الوافدة الى الخليج والتي تمثل بندا مهما في المساعي الخليجية للاصلاح الاقتصادي حيث بلغت تحويلاتها النقدية لبلدانها الاصلية نحو 27 مليار دولار سنويا ووصل عددها الى نحو 8 ملايين عامل يمثلون 35% من عدد السكان، وهو ما يؤدي الى زيادة عدد البطالة بين مواطني دول المجلس وتتطرق المناقشات الى قضية هروب رؤوس الاموال الخليجية للاستثمار في الخارج والتي تقدر بنحو الف مليار دولار منها 800 مليار دولار الى الولايات المتحدة الامريكية وحدها وهو ما يتطلب جهوداً خليجية مكثفة لجذب وإعادة رؤوس الاموال الوطنية اليها.
كما ان تدني اسعار النفط سوف يلقي بظلاله هو الآخر على مائدة القمة الخليجية من حيث تنفيذ قرارات أوبك بتخفيض الانتاج او مدى التعاون بين المنتجين والمستهلكين، وبين منتجي اوبك والمنتجين من خارجها، لما يمثله تذبذب اسعار النفط من مشكلة كبيرة امام التخطيط الاقتصادي طويل المدى لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد ادى انهيار الاسعار في نهاية عام 1998 الى ما دون عشرة دولارات الى انخفاض الايرادات النفطية الى 42 مليار دولار بينما وصلت هذه الايرادات في عام 2000 الى 70 مليار دولار وهو ما ساهم في خفض عجز موازنة دول المجلس مجتمعة من 7.26 مليار دولار عام 1998 الى 8.2 مليار عام 2000 حتى إن بعض الدول قد حققت فائضاً.
وتركز القمة على بحث سبل واستراتيجيات دعم التعاون الاقتصادي بين دول المجلس لمواجهة الاضرار التي لحقت بالاقتصاد الخليجي بعد احداث 11 سبتمبر التي ادى الى حدوث عجز كبير في موازنة العام الجديد لمعظم الدول الخليجية، ولا شك ان هذا لن يتحقق إلا بتفعيل القرارات الخاصة بدفع العمل الخليجي المشترك في المجال الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بالاتفاقية الاقتصادية الجديدة والاتحاد الجمركي واصدار العملة الخليجية الموحدة. ولا شك ان القمة ستأخذ في اعتبارها انه في اليوم التالي لانعقادها ستبدأ دول الاتحاد الاوروبي في استخدام عملتها الموحدة «اليورو» على الرغم من التقاطعات العديدة التي تفصل بين شعوب دول هذه القارة.
قضايا وبنود أخرى
الي جانب القضايا السياسية والاقتصادية هناك العديد من القضايا الاخرى المطروحة على مائدة القمة لعل اهمها مشروع تشكيل مجلس الدفاع الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي وتكوين جيش خليجي موحد، وسيتكون مجلس الدفاع الاعلى كما هو مقترح من وزراء دفاع دول المجلس، ويأتي تشكيله تنفيذاً لاتفاق الدفاع المشترك ومهمته الاساسية وضع الاتفاق موضع التنفيذ.
ومن البنود المهمة التي ستناقشها القمة القادمة اختيار امين عام جديد لمجلس التعاون الخليجي خلفاً للشيخ جميل الحجيلان الذي شغل هذا المنصب منذ عام 1996، ومن المنتظر ان يقرر القادة الخليجيون اختيار وكيل وزارة الخارجية القطرية عبدالرحمن بن حمد العطية المرشح لهذا المنصب وذكرت تقارير ان الدوحة تلقت موافقة خمس دول خليجية على مرشحها وهي السعودية وعمان والامارات والبحرين والكويت.
ومن المقرر ان تناقش القمة ايضا ما يسمى بالخطة الاعلامية الخليجية لمواجهة تداعيات احداث الحادي عشر من سبتمبر التي وضعتها لجنة متخصصة برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام والثقافة الاماراتي لمواجهة تشويه صورة الاسلام والعرب التي تقدمها وسائل الاعلام الغربية، وقد اكد وزير الاعلام الاماراتي ان هذه الخطة شاملة وموجهة لجميع فئات المجتمعات الغربية، ولن تكون مقتصرة على الفئات السياسية فقط موضحا انها ذات اهداف بعيدة المدى ولن تكون فقط كردة فعل على احداث 11 سبتمبر، يذكر ان وزراء اعلام مجلس التعاون الخليجي كانوا قد اتخذوا قرارا بإنشاء قناتين فضائيتين عربيتين من اجل هذا الغرض.
واشارت مصادر خليجية الى انه قد تم وضع اللمسات الاخيرة لمشروع بيان سياسي يصدر عن القمة حول المستجدات الاقليمية والعربية والدولية، وموقف دول المجلس من هذه المستجدات، وقالت المصادر ان جزءا رئيسياً من البيان سيتناول موقف دول المجلس من الحملة الدولية على الارهاب وضرورة ألا ترتبط هذه الحملة بمفاهيم مغلوطة وتصورات مسبقة، كما يتوقع ان يؤكد البيان موقف دول المجلس الرافض للارهاب بكل اشكاله وصوره مع رفض اي محاولة للربط بين الارهاب والاسلام.
|
|
|
|
|