| قمة مجلس التعاون
* الرياض عوض مانع القحطاني :
أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأستاذ جميل بن ابراهيم الحجيلان في تصريح ل «الجزيرة» بأن إصرار قادة دول مجلس التعاون الخليجي على مدى عقدين من العمل الخليجي المشترك مكن هذه التجربة الرائدة من مواجهة التحديات وتحقيق العديد من الإنجازات في مجالات متعددة.
وقال معاليه إن عقد مثل هذه القمم والمشاورات الدائمة أسست عملاً متيناً يخدم أبناء دول المجلس ويخدم القضايا العربية والاسلامية..وأوضح معاليه بأن هذه القمة التي سوف تعقد في سلطنة عمان أمامها العديد من الموضوعات والقضايا المهمة نظراً للأحداث العالمية التي طرأت مؤخراً على الساحة الدولية.
وحول إنجازات مجلس التعاون الخليجي قال معاليه :
أود أن أشكر جريدة الجزيرة على متابعتها لكل ما يتعلق بمسيرة العمل الخليجي المشترك، ويسرني بمناسبة انعقاد الدورة الثانية والعشرين للمجلس الأعلى في مسقط أن ألقي الضوء على أبرز إنجازات المجلس خلال السنوات الست الماضية، وأهم الموضوعات التي سوف يتم مناقشتها خلال القمة القادمة.
قبل الحديث عن إنجازات مجلس التعاون هناك مسألة غاية في الأهمية لا بد من إيضاحها، تتعلق بنظرة المواطنين لمجلس التعاون. من المهم أن نعلم أن مجلس التعاون منظمة إقليمية تعمل على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، إضافة إلى وضع الأنظمة المتماثلة في الشئون الاقتصادية والمالية والتجارية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والإعلامية... وصولا إلى وحدتها. فمجلس التعاون لا يمكن ان يحل محل الدول الاعضاء في تقديم الخدمات المباشرة إلى مواطني دول المجلس، مجلس التعاون لا يستطيع مثلا ان ينشىء مدارس ومستشفيات ويعبد الطرق، أو يحسن أوضاع العاملين ويرقي الموظفين، أو يدعم المشاريع الزراعية...، هذه مهمة الدول، مهمة المجلس أن يقوي العلاقات القائمة بين الدول الأعضاء، ويذوب الفوارق، وصولا إلى تحقيق المواطنة الخليجية، وهي اتاحة المجال أمام أي من مواطني دول المجلس للتنقل بين الدول الأعضاء، والعمل والتوظف، وممارسة الأنشطة الاقتصادية فيها، والاستفادة من المرافق التعليمية والصحية اسوة بمواطني الدولة التي يتواجد فيها، بحيث يتمتع بكافة الحقوق، ويلتزم بالواجبات التي يلتزم بها مواطنو الدولة ذاتها.
وقد قطع المجلس شوطاً كبيراً في الوصول لهذا الهدف، وصدر عن المجلس الأعلى العديد من القرارات التي تؤسس لهذه الحقوق، وأؤكد هنا أن ما تحقق يعد حقا من حقوق مواطني دول المجلس لا ينازعهم إياه أحد، وهذه ميزة ينفرد بها المجلس عن غيره من التجمعات العربية.
إن الإنجازات التي حققها المجلس منذ إنشائه، خلقت واقعاً لا يمكن إغفاله، ستبقى الطموحات أكبر من المنجزات، وهذا أمر صحي ومشروع، إلا أن التفاؤل بالمستقبل مطلوب، خاصة مع وجود واقع يدعم هذا التفاؤل. هناك أكثر من 1800 مصنع في دول المجلس، تتمتع بسوق حرة، بحيث لا تخضع منتجاتها للرسوم الجمركية في أي من دول المجلس، وهناك إجراءات أمنية وتجارية وتنظيمية عديدة تم الاتفاق عليها لتسهيل تنقل المواطنين، وانسياب السلع وحرية التبادل التجاري بين دول المجلس، من هنا أستطيع أن أعبر عن ارتياحي لمستوى الانجازات، فما تحقق من إنجازات يبشر بمستقبل مشرق لدول المجلس.
كما أن وتيرة التقدم مشجعة، فخلال السنوات الست الماضية، استطاع المجلس اقتصاديا أن يحقق قفزات عالية، تمثلت في الاتفاق على إقامة الاتحاد الجمركي وتوحيد التعريفة الجمركية، واتخاذ الخطوات الأولى نحو الاتحاد النقدي والعملة الموحدة باعتماد الدولار مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس والسماح للبنوك الوطنية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء، واعتماد استراتيجية التنمية بعيدة المدى لدول المجلس كما تم الاتفاق على مشروع الربط الكهربائي كمشروع رائد يتوقع أن يكون له انعكاساته الإيجابية على مسيرة المجلس بوجه عام وعلى اقتصاديات دول المجلس بوجه خاص.
وفي مجال تطوير آلية عمل المجلس، شهدت السنوات الست الماضية عقد اللقاء التشاوري، النصف سنوي لقادة دول المجلس، مما ساهم في زيادة قدرة المجلس على متابعة أعماله. وجاء إنشاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى ليؤمن لمسيرة المجلس بعداً جديداً يتيح الاستفادة من آراء أهل الاختصاص والممارسة من المواطنين، غير الرسميين، في دعم وإثراء هذه المسيرة المباركة، وهي تجربة تعد الأولى من نوعها بهذه الصورة بين المنظمات العربية.
وفي المجال العسكري والأمني تم إقرار اتفاقية الدفاع المشترك وتقوية درع الجزيرة والاتفاق على مشروع الاتصالات المؤمنة وحزام التعاون، اضافة الى الاتفاق على اصدار الجواز المقروء آلياً وإلغاء تعبئة بطاقات القدوم والمغادرة عن مواطني دول المجلس... أضف إلى ذلك كله إقرار المجلس الأعلى لأكثر من (35) وثيقة تتعلق بأنظمة وتشريعات واستراتيجيات في كافة المجالات الاقتصادية والبيئية والإعلامية والثقافية... وهذه الوثائق تعد القاعدة الأساسية التي لا بد منها حتى يقوم البناء على أسس قوية.
مما سبق يتبين أن مسيرة العمل المشترك في تصاعد، وأنها تسير وفق رؤية واضحة، لا يضرها ما قد يعترضها من عقبات أو صعاب يعرفها كل من خبر العمل الجماعي ومتطلباته. لعل من صور التفاؤل بمستقبل المجلس المباركة، ما نشهده من انتظام اللقاءات الدورية لقادة دول المجلس، والتي ستشهد العاصمة العمانية (مسقط) دورتها الثانية والعشرين، حيث ستناقش هذه القمة عدداً من المشاريع الاقتصادية والعسكرية والبيئية الهامة، ومن ذلك:
مشروع الاتفاقية الاقتصادية الجديدة بين دول المجلس والتي تمت صياغتها بديلاً عن الاتفاقية الاقتصادية التي سبق للمجلس اقرارها عند إنشائه، فالاتفاقية الاقتصادية الجديدة أعيدت صياغتها لتكون أكثر استجابة لتطورات العمل الاقتصادي بين دول المجلس ومنسجمة مع المستجدات الاقتصادية الدولية التي يشهدها العالم.
العمل بالاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتبارا من يناير 2003م بدلا من 2005م، إضافة إلى الاتفاق على تعريفة جمركية واحدة وقدرها 5% بدلا من التعريفتين اللتين سبق الاتفاق عليهما في قمة الرياض، كما سيعرض على القمة مشروع لتوحيد أنظمة الجمارك.
كما ستناقش القمة البرنامج الزمني للاتحاد النقدي والعملة الموحدة.
في المجال العسكري ستبحث القمة تشكيل مجلس أعلى للدفاع المشترك.
إضافة إلى إقرار عدد من الأنظمة والقوانين التي ستدعم مجال التعاون العدلي والبيئي بين دول مجلس التعاون.
ولعل في هذا العرض الموجز، لما ينتظر أن تسفر عنه قمة مسقط من إنجازات، مؤشرا واضحاً للمستقبل المشرق للمسيرة المباركة التي سيكون لها انعكاسها الإيجابي على مواطني دول المجلس.
|
|
|
|
|