| متابعة
* بيت لحم عماد الدريملي د.ب.أ:
وسط هواجس متزايدة بأن العام الجديد قد يشكل مخاضا صعبا لمولد الدولة الفلسطينية أو وئدها.
أحاطت أجواء قاتمة باحتفالات عيد الميلاد هذا العام في بيت لحم مهد السيدالمسيح بسبب منع إسرائيل للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من حضور القداس التقليدي ويأمل مراقبون ومحللون فلسطينيون أنه بالرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي أصر على تحدي الضغوط العالمية والمضي قدما في قراره قد حقق انتصارا إلى حد ما على عرفات إلا أنه قد يكتشف لاحقا ان قرار المنع الذي اتخذه ما هو إلا طوق نجاة للزعيم الفلسطيني من الضغوطات الممارسة ضده.
وقال هؤلاء ان الزوبعة التي خلفها القرار الإسرائيلي بحرمان عرفات من هذه المشاركة اكتسبت طابعا سياسيا يحاول الفلسطينيون استثماره لاستعادة التأييد الدولي الذي فقدوه خلال الأسابيع الماضية بعد الهجمات الانتحارية داخل إسرائيل. خاصة مع تضايق حلقات الحصار الخانق حول مدنهم وقراهم وحتى رئاستهم.
ويحاصر عرفات في مقره برام الله منذ بدأت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق على مؤسسات السلطة في الضفة والقطاع في أعقاب شن انتحاريين لعدة هجمات في القدس وحيفا وتقف دبابات وناقلات جنود على بعد مئات الأمتار من مقره.
وفي رام الله قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات للصحفيين انها ستكون فرصة الآن لبذل كل جهد مستطاع ومع المجتمع الدولي الذي ثبت للكثيرين منهم طبيعة هذا الرجل )شارون( والقسم الأكبر من حكومته المصرة على العدوان والحصار واستمرار دوامة العنف وإرهاب الدولة.
وتابع أن القضية ليس منع الرئيس عرفات المحاصر في رام الله وإنما الأساس هنا ان يدرك العالم ان مدينة بيت لحم ورام الله وكل المدن الفلسطينية بمافيها القدس محاصرة بالدبابات والجنود المدججين بالسلاح وان اسرائيل تمارس قمع ديني وتمنع حرية العبادة .
ومن المبررات التي ساقتها الحكومة الإسرائيلية لمنع عرفات من زيارة بيت لحم كونه غير مسيحي حيث قال أحد المسؤولين الاسرائيليين إننا لا نضع قيودا على حقوق عرفات الدينية ولكنه ليس مسيحيا!!!! ولا يألو المسؤولون الفلسطينيون ولا الرئيس عرفات جهدا في الحديث عبر وسائل الإعلام لاظهار المعاناة الفلسطينية وجو القتامة الذي خيم على بيت لحم وبقية المدن الفلسطينية بسبب الاجراءات الإسرائيلية.
وبعد ان كانت كل الأنظار وعدسات كاميرات وكالات الأنباءالعالمية تتجه في مثل هذا الوقت إلى مدينة بيت لحم وكنيسة المهد باعتبارها المدينة الوحيدةفي العالم التي تهفوا إليها أفئدة المسيحيين على اختلاف طوائفهم في أرجاء المعمورة فقد أمست مدينة رام الله التي يحاصر فيها عرفات تستحوذ على الحدث والتساؤلات تنهال هنا وهناك مثل هل يذهب عرفات الى المدينة رغم أنف لإسرائيليين؟أم أنه لن يذهب وإذا ذهب هل سيكون ذلك سيرا على الأقدام أم في سيارة أم انه سيذهب متخفيا ويظهر فجأة في المدينة وغير ذلك من الأقاويل والتوقعات.
وقال مسؤولون فلسطينيون ان منع عرفات من الوصول الى بيت لحم هو دليل آخر للمجتمع الدولي بأن شارون لا يريد السلام بل يسعى عمدا إلى تفجير الامور.
وقال نبيل شعث وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني لمراسل وكالة الأنباء الألمانية إن ما تقوم به اسرائيل ضد شعبنا وضد السلطة الفلسطينية واخيرا ضد الرئيس عرفات لن يوضع في خانة «الدفاع عن النفس» كما تحاول اسرائيل والولايات المتحدة تسويقه للعالم.
ومضى يقول لقد قدمت السلطة الفلسطينية منذ خطاب الرئيس عرفات في السادس عشر من الشهر الجاري خطوات وإجراءات هامة وكبيرة لتهدئة الأمور. وفي المقابل لم تقم اسرائيل باتخاذ أي خطوة تظهر فيها نيتها الجدية للتقارب وإعادة الهدوء لتمكين الجانبين من الدخول في مفاوضات جدية.
وتابع يجب ان يفهم العالم مرة اخرى ان الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي وليس عندنا .
وكانت الضغوط الأمريكية والأوروبية قد تزايدت عشية قداس عيد الميلاد على إسرائيل لتغيير قرارها بشأن تمكين عرفات من التوجه إلى بيت لحم وتقدمت الاثنين الماضي عدة أطراف أوروبية وأمريكية بمطالب رسمية إلى إسرائيل لتعيدالنظر في قرارها ودعا الاتحاد الأوروبي على لسان وزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد إسرائيل إلى إعادةالنظر في قرارها ونقل عن ميشيل قوله في بروكسل ان عرفات يظل بالنسبة لكل من إسرائيل والمجتمع الدولي الشريك الشرعي في الجهود الرامية للتوصل لحل سلمي للنزاع في الشرق الأوسط.
كما توجه الاتحاد الأوروبي إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية بواسطة سفير بلجيكا في إسرائيل مطالبا إياها بتغيير قرارها كبادرة تسامح وخير تجاه العالم المسيحي.
ونقل عن السفير البلجيكي ويلفريد جيمس قوله انه طالبنا بتمكين عرفات من الوصول إلى قداس العيد لأنه القائد المسلم الوحيد الذي يشترك في المناسبة المسيحية ومن المؤسف أن تفسد إسرائيل التأييد الدولي الذي حازت به مؤخرا.
كما ظهرت بوادر صدام وربما تصدع داخل الحكومة الائتلافية الإسرائيلية إذ طالب وزراء حزب العمل وعلى رأسهم وزير الخارجية شمعون بيريز ووزير الدفاع بنيامين بن اليعازر شارون بالعدول عن رأيه وانضم اليهم في وقت لاحق الرئيس موشية كتساف .
ويعلق المسؤولون الفلسطينيون آمالا كبيرة في تكون هذه التطورات في المواقف بداية تحول جدي من قبل المجتمع الدولي لحمل اسرائيل على الرد بالمثل على جهود التهدئة التي قامت بها السلطة الفلسطينية.
وأدى هذا التوتر بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني زيادة الالتفاف والتأييد في صفوف المواطنين الفلسطينيين بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي علقت صوره في أرجاء مدينة بيت لحم ورام الله. لدرجة أن هذا الإجراء دفع ممثلي وزعماء الطوائف المسيحية إلى تشكيل وفد برئاسة البطريرك ميشيل صباح للقيام بزيارة تضامنية للرئيس عرفات في مقره في رام الله قبل بدء مراسم وطقوس للاحتفاء بالعيد.
وقال ناصر حنا رئيس بلدية بيت لحم وهو يعتنق الديانة المسيحية انه لا يحق لإسرائيل منع عرفات من المشاركة في هذه المناسبة لأن العيد ليس عيدا دينيالنا نحن المسيحيين فقط بل هو عيد وطني وأكد ناصر أن هناك نقمة واسعة على القرار في المدينة.مشيرا إلى أن المواطنين عبروا عن احتجاجهم على القرار من خلال تنظيم اعتصام بالشموع امام كنيسة المهد.
وقال مراسلون فلسطينيون في المدينة إنه بالرغم من أن الطقوس الدينية للاحتفالات مضت قدما فإن المزاج العام في المدينة يتسم بالحزن خاصة أن المدينة قد ودعت الشهرالماضي 22 من أبنائها قتلوا برصاص الجنود الإسرائيليين ويضيف هؤلاء أن الشوارع بدت خالية.
كما أن مظاهر الزينة متواضعة جدا مقارنة بالعام الماضي.
وذكرت مصادر فلسطينية أن الجيش الإسرائيلي عزز من تواجده في المدينة وأغلق المنافذ المؤدية إليها كما منع فلسطينيين من دخولها مما ترك أثرا بالغا في الاقتصاد المحلي.
وقال تجار ومواطنون فلسطينيون ان المدينة لم تمر قبلا بمثل هذا الوضع الاقتصادي والفقر الذي بات الطابع السائد فيها بعدما انقطعت مصادر دخل السكان خلافا لما كانوا يتوقعونه من تدفق للسياح، وخاصة المسيحيين من مختلف أنحاء العالم.
|
|
|
|
|