| متابعة
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
تعلقت آمال وأحلام الدول العربية والنامية في العام الماضي لتحقيق بعض التوازنات مع الدول المتقدمة من خلال مؤتمر الدوحة الذي عقد خلال الفترة من 9 الى 13 نوفمبر 2001م وجاء انعقاده في ظل تحديات عالمية خاصة بعد 11 سبتمبر، وحالة الكساد والركود التي أصابت الاقتصاد العالمي.
وظلت الآمال معلقة لإنجاح المؤتمر بأي ثمن خوفا من تكرار الفشل الذي اصاب مؤتمر سياتل عام 1999م، فقد فشل مؤتمر سياتل في اصدار بيان ختامي يحدد أسلوب وأدوات عمل منظمة التجارة العالمية مع بداية الالفية الثالثة، كما فشل في اطلاق جولة جديدة من مفاوضات تحرير التجارة.، وهذا الفشل كان طبيعياً لعدم احترام مبدأ التوازن في المصالح بين الدول النامية والدول المتقدمة، ففي كل جولة تفاوضية يتم تحميل وارهاق الدول النامية التي تمثل 80% من عضوية المنظمة بمزيد من الالتزامات فمرورا بمؤتمرات «ديفوس» و«اورجواي». والتي ساعدت بصورة رئيسية على فتح اسواق الدول النامية على مصراعيها لصالح الشركات العالمية العملاقة من خلال تحرير معظم المبادلات التجارية في مجال السلع والخدمات، وذلك عبر ما يزيد على عشرين اتفاقية تم توقيعها دفعة واحدة، ووصولا الى «سياتل» ومؤتمر الدوحة حيث لم تشهد البلدان النامية بما فيهم الدول العربية أي تنفيذ جاد للالتزامات التي قطعتها الدول الصناعية الكبرى على نفسها للمساهمة لتعويض جانب من خسائر الدول النامية امام تطبيق هذه الاتفاقيات.
أهم حدث
ولعل أهم حدث في عام 2001م من داخل مداولات مؤتمر الدوحة هو انضمام الصين الشعبية الى عضوية المنظمة وبذلك يرتفع عدد اعضاء منظمة التجارة العالمية الى 144 عضواً وذلك بعد مفاوضات شاقة استمرت خمسة عشر عاماً وإصرارها على قبول عضوية تايوان كمنطقة جمركية فقط، وليس دولة مستقلة فمازالت الصين تعتبرها جزءا من اراضيها رغم مرور 52 عاماً على انفصالها.
براءات الاختراع
تشير تقارير البنك الدولي الى ان ما تم التوصل اليه في الدوحة قد يضيف ما يقدربنحو 8،2 تريليون دولار للنشاط الاقتصادي العالمي بحلول عام 2015 في حين يعتبر الخبراء ان اكبر الانتصارات التي تم تحقيقها لصالح الدول النامية هو أن اتفاقيات حماية براءات الاختراع والاستغلال الصناعية لا تحول دون السماح للدول النامية بصناعة او استيراد أدوية مقلدة ذات سعر منخفض لمحاربة الاخطار المحدقة بالصحة العامة مثل الايدز .. فقد ثار خلاف كبير حول موضوع «براءات الاختراع» واصرار الدول النامية وعلى رأسها البرازيل والهند وجنوب افريقيا على تخفيف القواعد التي تتيح حماية براءات الاختراع التي تملكها الشركات الدولية للأدوية لمدة 20 عاماً وذلك من اجل السماح بإنتاج ادوية أرخص ثمنا لمواجهة أزمات صحية عامة وفي المقابل ظلت واشنطن ترى ان في ذلك أضعافا لحقوق شركات الادوية الدولية ولاتفاقية حقوق الملكية الفكرية.
الملف الشائك
ظل «ملف الزراعة» هو الملف الشائك طوال مداولات المؤتمر واتهم ممثل كندا في مؤتمر الدوحة الاتحاد الاوروبي باللعب في الصياغات فقد اصر الاوروبيون على مسألة الإلغاء التدريجي وليس ازالة الدعم المقدم للصادرات الزراعية فهناك حوالي 34% من دخل المزارعين في البلدان الاوروبية يأخذ شكل الاعانات الحكومية للصادرات الزراعية. وفي الوقت الذي يدافع الاتحاد الاوروبي واليابان عن السيادة الحمائية للدخول الزراعية نجد الولايات المتحدة وكندا والدول النامية ترفض هذه السياسة ويرى الخبراء أن ما تم التوصل اليه في الدوحة بفتح الباب امام إلغاء اعانات التصدير وهو أمر حسن للاضرار التي تقع على تجارة الدول الفقيرة والتي لا تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية للاسعار المدعومة باعانات حكومية.
المجازفة في الرأي العام
وتمت مناقشة سياسات مكافحة الاغراق وذلك بعد ضغوط من اليابان والبرازيل والهند والدول النامية واصرار هذه الدول على ضرورة موافقة واشنطن على تخفيف استغلالها لقواعد منظمة التجارة العالمية لمكافحة الاغراق وذلك في محاولة واضحة لتجنب الواردات الاجنبية الرخيصة مثل الصلب ولكن اصرت الولايات المتحدة على موقفها من عدم المجازفة بفقدان تأييد الرأي العام لديها لعمليات تحرير التجارة اذا ما وضعت منظمة التجارة العالمية قيودا على اللجوء الى تدابير مكافحة الاغراق.
وقد تم داخل اجتماعات مؤتمر الدوحة اقرار تنازل منظمة التجارة العالمية عن تطبيق مواردها فيما يتعلق باتفاق كوتونو للتجارة التفضيلية والموقعة بين الاتحاد الاوروبي و78 دولة افريقية ومن دول الكاريبي والباسيفيكي.
دوامة المشاكل
ودار الجدل والخلافات الشديدة في المؤتمر حول إجراءات الاستثمار المرتبطة بالتجارة TRMS وكذلك معايير العمالة والبيئة واجراءات الحماية المقنعة وللخروج من دوامة هذه المشاكل وغيرها تم تكليف «لجنة مسهلين» تتكون من ست دول لعقد جلسات تشاور بين بعض الوفود لمناقشة فقرات خاصة مدرجة في مشروع البيان الختامي بشأن العلاقة بين التجارة والبيئة والمنافسة والاستثمار والشفافية في المشتريات الحكومية وجاءت هذه اللجنة لإنقاذ المؤتمر من أزمة حقيقية تهدد بالفشل اذا لم يتم التوصل الى تنازلات متبادلة.
الحماقة
وأشار جيمس ولفنسون رئيس البنك الدولي خلال المؤتمر انه من الحماقة ان تقدم الدول الغنية مساعدات الى الدول الفقيرة تقدر ب50 مليار دولارسنويا بينما تقدم لمزارعيها دعما سنويا قدر ب«350» مليار دولار وأوضح محمد فريد خميس رئيس اتحاد الفرق التجارية والصناعية والزراعية والخدمات بمجموعة ال«15» التي تضم 19 دولة يمثلون ثلث سكان العالم الى أن نتائج جولة اورجواي وحتى الآن هي في غير صالح الدول العربية والنامية عموما وقال احد زعماء المنظمات المناهضة للعولمة تعليقا على نتائج مؤتمر الدوحة انها هزيمة كبيرة للشعوب الفقيرة حول العالم فالجولة الجديدة تكاد تخلو تماما من كل ما يتعلق بالتنمية والدول النامية لا تملك القدرة أو الرغبة على التفاوض حول اتفاقيات تتعلق بهذا الشأن.
مطالب عربية
في الاجتماع الخامس
وبدون أدنى شك فإن اعلان الدوحة بداية حقيقية لصراع جديد على مدى ثلاث سنوات قادمة بين الدول المتقدمة والنامية ووصول لبدء جولة «خامسة» جديدة من المفاوضات في اجتماع وزاري قادم. وبات واضحاً أمام الدول العربية ضرورة الدخول في مفاوضات الاجتماع الوزاري الخامس القادم بعد اجتماع الدوحة الرابع لعرض مطالبها بقوة والتي تتمثل في السعي لاستكمال انضمام الدول العربية الى منظمة التجارة العالمية وتحقيق التوافق بين السياسات التجارية الوطنية والاتفاقيات التجارية متعددة الاطراف، وضرورة مطالبة الدول المتقدمة بفتح اسواقها امام صادرات الدول النامية بالاضافة الى سعي الدول العربية لتفعيل نصوص اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية «التربس».
|
|
|
|
|