| متابعة
* أنقرة أ ش أ:
لم يشأ العام الأول من الألفية الثالثة والذي شهد بعضا من أسوأ أزمات تركيا ان يرحل قبل ان يفتح بعض نوافذ الأمل الذي كاد ان يتبدد قبل شهور قليلة في ظل حكومة تدنت شعبيتها لأدنى مستوى وعضوية أوروبية تأخرت كثيرا.. وأزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخ تركيا الحديث.
والواقع ان نوافذ الأمل لم تظهر إلا في الشهور الأخيرة وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة والتي شكلت نقطة البداية لسلسلة انفراجات سياسية واقتصادية وعسكرية وبعد أن أبدت تركيا تأييدا لا لبس فيه لحملة «الحرية الدائمة» وقدمت كافة أشكال الدعم المطلوبة للولايات المتحدة سواء على المستوى الثنائي أو بحكم عضويتها في حلف الناتو مثل فتح أجوائها وقواعدها العسكرية وتقديم الدعم اللوجستي للعملية العسكرية الأمريكية في أفغانستان وتقديم المعلومات الاستخباراتية ومشاركة ضباط أتراك في مركز القيادة الموجود بقاعدة تيمبا الأمريكية الذي يدير عملية أفغانستان.. فضلا عن التأييد الواضح وإبداء الاستعداد منذ وقت مبكر لإرسال قوات تركية للمشاركة في عملية أفغانستان حتى قبل ان تطلب واشنطن.
ويقول المراقبون السياسيون إنه كان من الطبيعي ان تبدي الإدارة الأمريكية امتنانها لهذا الموقف التركي وان تتحرك بسرعة ليس من باب رد الجميل حيث سبق ان خذلت تركيا في أعقاب حرب الخليج الثانية على الأقل للحيلولة دون تعريض هذا الصديق والحليف لمشاكل إضافية خاصة وان عملية الحرية الدائمة لم تنته بعد وموقع تركيا الجغرافي والاستراتيجي يجعل الحاجة إليها قائمة.. إضافة إلى ان اللوبي اليهودي تحرك بفعالية للضغط على واشنطن للسير في هذا الاتجاه ومن هنا فقد استخدمت واشنطن نفوذها لدى صندوق النقد الدولي ليقدم قرضا سخيا لتركيا يبلغ 12 مليار دولار ستحصل على 10 مليارات منها خلال عام 2002 تضاف إلى 19 مليارا حصلت عليها خلال عامي 2000 و 2001 كما وجه الرئيس جورج دبليو بوش الدعوة لرئيس الوزراء التركي بولنت ايجيفت لزيارة واشنطن في منتصف يناير الحالي في بادرة تهدف بشكل أساسي لتعميق وتوسيع نطاق الشراكة الاستراتيجية مع تركيا.
كذلك فقد شحنت الولايات المتحدة آلاتها الدبلوماسية إلى ان توصلت لحل طال انتظاره بين تركيا والاتحاد الأوروبي يتعلق بخلافهما على قوة التدخل الأوروبي السريع وهو ما ساهم في كسر حاجز الجمود الذي كان يخيم على علاقات أنقرة وبروكسل وسهل بالتالي وبتأييد أمريكي صدور قرار من القمة الأوروبية التي عقدت في ليكن ببلجيكا في منتصف ديسمبر الحالي يفتح باب الأمل أمام إمكانية قرب بدء مفاوضات العضوية الكاملة لتركيا في الاتحاد.
كما وافق الاتحاد على دعوة تركيا كباقي الدول المرشحة للمشاركة في المؤتمر الذي سيعقد قريبا لبحث مستقبل الاتحاد الأوروبي.
وإذا كان الدور الأمريكي قد جاء مباشرا في الجانب الاقتصادي بحيث ان كلا من رئيس الوزراء ايجيفت ووزير اقتصاده كمال درويش لم يترددا في التصريح علنا بانه لولا هذا الدور ولولا موقف أنقرة أصلا من عملية الحرية الدائمة لما حصلت تركيا على هذا القرض السخي من صندوق النقد.
وربما لم تتحقق هذه الانفراجة النسبية بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
كذلك فإنه وسط هذه الأجواء التي فتحت بعض نوافذ الأمل فقد جاءت مبادرة زعيم القبارصة الأتراك رووف دنكتاش لتفتح بدورها نافذة أخرى للأمل في الوصول لحل وسط للقضية القبرصية التي طال عليها الأمد وهي المبادرة التي جاءت في الشهر الماضي بعد ان احتدم الجدل التركي الأوروبي حول هذه القضية وبعد أن بدأ العديد من كبار المسؤولين والبرلمانيين الأوروبيين يشيرون تصريحا وتلميحا إلى انه إذا ضمت تركيا قبرص التركية إليها كرد على حصول قبرص اليونانية على العضوية الأوروبية فعلى أنقرة ان تنسى وقتها حلمها في الانضمام للنادي الأوروبي الذي تقف على بابه منذ عقود طويلة.
|
|
|
|
|