| أفاق اسلامية
إن أعمال قلوب البشر هي موضع نظر الرب جل وعلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ان الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» متفق عليه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ان أصل الدين في الحقيقة هو الأمور الباطنة من العلوم والأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها، والايمان محله القلب كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث «التقوى ها هنا» ويشير إلى قلبه وهذا هو الذي يميز المؤمن عن المنافق فالناس في الشكل والمظهر سواسية.
لكن ألا يجب علينا تصفية قلوبنا ومحاولة اصلاحها والصدق في ذلك ونصدق الله في ذلك حتى يصدقنا الله سبحانه وتعالى وينور قلوبنا لهذا الأمر، ألا نحاول أن نتبع بعض الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المحبة في التواد في التراحم في التعاطف ونقتدي بها، ألا نكون كالجسد الواحد.
إن في قصة صاحب النعلين ما يشفي ويروي قلب كل مسلم ومسلمة حيث ان تنظيف القلوب من الغل والحسد والبغض سبب لدخول الجنة، وألا نأخذ حق مسلم ولا نحسده على خير أتاه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تقطر لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال فلما كان من الغد قال صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع نفس الرجل مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال صلى الله عليه وسلم مثل ما قال فطلع نفس الرجل مثل حالته الأولى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبع الصحابيُ الجليلُ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه الرجلَ فقال له انني لاحيت والدي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فبات معه فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه اذا استيقظ من نومه وتقلب في فراشه ذكر الله عز وجل وكبر ولا يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال يقول عبد الله وكدت أحتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ثلاث مرات وطلعت أنت ورغبت أن أعرف ما هو عملك فأقتدي به فلم أرك عملت عملاً كبيراً فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال له الرجل: ما هو إلامثل ما رأيت. فلما وليت دعاني قال ما هو إلا مثل ما رأيت. غير أنني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله اياه فقال عبد الله: هذه بلغت بك وهي التي لا نطيق.
فهل لنا يا أخي الكريم أن نشتري الجنة بالحب وطهارة القلب وتقوى الله سبحانه وتعالى ومحبة المسلمين وتجنب الحسد والحقد والغش وافشاء السلام ونوصي بعضنا البعض بذلك.
حيث بلغ هذا الصحابي المنزله الرفيعة بصلاح قلبه ولماذا لا نستفيد من حرص الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في حبه للخير وتتبع الدوافع والأسباب المؤدية إلى نيل الجنة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا في توادنا وتراحمنا وتعاطفنا كالجسد الواحد وأن يؤلف على الخير قلوبنا وأن يصلحها وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح انه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد الله بن مبارك الشراري
مدير الشؤون الإدارية والمالية المكلف بفرع الجوف
|
|
|
|
|