أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th December,2001 العدد:10682الطبعةالاولـي الخميس 12 ,شوال 1422

الثقافية

ليس إلا
قراءة في وجه الشمس (4)
خالد العوض
«أوه، الجو بارد»، أقول ذلك لأبدأ محادثة
«نعم هو كذلك»، يرد هو، «بارد جداً»
ثم اشعر بعد ذلك بدفء شخص ما قريب. (الشاعرة تاوارا Tawara، 1962).
***
تظهر السحب
تعطي الناس فرصة في أخذ راحة
من النظر إلى القمر.
(باشو، 1644 1694).
***
كانت القراءة في الحلقات الماضية في الموقف الاجتماعي في اليابان من حيث الفلسفة التي تتبناها، واللغة التي تتحدثها، وقد اتضح ان هذه الدولة الصناعية الكبرى التي بهرت العالم بمنتجاتها الراقية تعاني من مشكلات في النسيج الاجتماعي والاقتصادي نتجت من وقوعها بين فكي الصين والولايات المتحدة. لكن الحديث اليوم عن الادب الياباني وموقعه بين الاداب العالمية ، فالأدب هو المرأة التي من خلالها يمكن ان يعكس طبيعة الحياة التي يعيشها أي مجتمع.
عرف العالم الادب الياباني متأخراً بعد عام 1968م بعد ان نال الكاتب الياباني كاواباتا ياسوناري Kawabata Yasunari جائزة نوبل للآداب، ثم تعززت هذه المعرفة بفوز اليابان مرة اخرى بنفس الجائزة في عام 1994م على يد أوي كنز ابورو Ooe Kcnzaburo فانتشرت الترجمات الاجنبية للأعمال اليابانية وعرف العالم المنتج الانساني لليابانيين بعد أن عرفوا منتجاته المادية المنتشرة بالطول والعرض في أنحاء المعمورة. لكن يظل العالم العربي بعيداً عن التفاعل الادبي مع اليابانيين لأسباب ذكربعضها في هذا المكان وأسباب اخرى تتحملها الثقافتان العربية واليابانية.
لعل الشعر في الأدب الياباني هو ما يمكن ان نعتبره نتاجا يابانيا خالصا اذ ان نشأته تمتد إلى قرون سابقة تصل إلى القرن الثامن الميلادي حيث ظهر احد اهم شكلين لكتابة المذكور أعلاه حيث تتألف القصيدة في هذا النوع من الشعر من واحد وثلاثين مقطعا في خمسة أبيات بحيث يكون عدد المقاطع في كل بيت (5 7 5 7 7) على الترتيب، ولم نتمكن من تطبيق هذا الترتيب في الاقتباس اعلاه بسبب عيوب الترجمة وإنما كانت محاولة فقط في نقل المعنى. القصيدة من هذا النوع قد تحمل أي محتوى، سواء كان ذلك وصفا للطبيعة، أو أغنية حب، أو حتى تعليق سياسي.
أما اللون الآخر من كتابة الشعر في اليابان الأكثر شهرة والذي انتشر في القرن العشرين في جميع انحاء العالم، هو ما يعرف بقصيدة الهايكو Haiko اذ انك قد تجد شعراء اجانب يكتبون هذا اللون من الشعر ويلتزمون بمعظم شروطه، لكن لم يسبق لشاعر عربي معروف ان جرب كتابة هذا النوع من الشعر أو لعلنا لم نقرأ له. تتألف قصيدة الهايكو (انظر الاقتباس الثاني أعلاه) والتي ظهرت في القرن السادس عشر من سبعة عشر مقطعاً في ثلاثة أبيات بحيث يكون عدد المقاطع في كل بيت (5 7 5) على الترتيب. أهم شاعر ياباني أسس وكتب هذا النوع من الشعر هو باشو Basho وأشهر قصيدة هايكو له على الاطلاق هي (بركة قديمة، يقفز فيها ضفدع، تسمع صوت الماء) وتعتبر نموذجاً لكتابة هذا اللون من الشعر اذ ان الكلمات واضحة ومباشرة لكن يظل المعنى غامضاً فهي تسجل لحظة خاطفة لكن معانيها واسعة ولانهائية. هذا النوع هو محاولة لتجاوز أو لنقل إلغاء اللغة العلمية التي تخاطب الانسان على انه مجرد آلة أو محرك جامد، وهو ايضا شعر تأملي يصور لحظة سريعة أو احساس فوري أو انطباع للحظة دراماتيكية، أو لنقل أنه اقرب ما يكون إلى صورة أو لوحة طبيعية تسجل موقفا أومشهداً معينا بموضوعية شديدة بينما تكون الاستجابة من القارىء أو المشاهد ذاتية تعتمد على مزاجه النفسي وحالته الانفعالية.
الطبيعة الخلابة لليابان هي التي ادت إلى ظهور مثل هذا اللون من الشعر الذي يتميز بكثرة استخدام مفردات الطبيعة كفصول السنة أو الطيور اوالنبات او الازهار الربيعية.
من الشعراء العالميين الذين تأثروا بهذا الشكل الادبي أوكتافيو باث (الحائز على جائزة نوبل 1991م) والكاتب جورج سيجيرس (الحائز على جائزةنوبل عام 1963م).
اذن، يتضح ان الشعر عند اليابان في هذين اللونين هو نتاج ياباني صاف لا يكتب محليا فقط بل تم تصديره إلى جميع دول العالم، بما فيها امريكا، لكن ماذا عن الأنواع الأدبية الأخرى كالرواية مثلاً؟ هل تميزت بالروح اليابانية الخالصة أم أنها تأثرت بالآداب العالمية الاخرى واستوردت بعض الأفكار من هنا أو هناك؟ هذا ما سنحاول اجابته في الأسبوع القادم.
kalawadh@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved