أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th December,2001 العدد:10682الطبعةالاولـي الخميس 12 ,شوال 1422

مقـالات

«خرص الزكاة بين ولي الأمر.. ومن تجب عليهم» «1 - 2»
صالح بن سعد اللحيدان
«زاد المعاد في هدي خير العباد» كتاب من أربعة أجزاء كبيرة متضمن هذا الكتاب: فقه السيرة، وفقه الحكم السياسي وفقه الحكم الشرعي العبادات والمعاملات، وفقه التأسيس الأدبي والأخلاقي، كتاب زاد المعاد من أجلِّ الكتب التي صنفت في مجال كهذا. ولا يكاد القارئ الداهية الحصيف طويل النفس لا يكاد يطالعه حتى يأتي على آخره لما فيه من: المفاجآت الحية العلمية والسياسية والادارية والاقتصادية والطبية والادبية والأخلاقية، وهو يبرهن نقلاً وعقلاً على طرح له فيه ببيان حي مستديم.
والمصنف ذو باع جيد في: فقه الأحكام وذو يد بالغة مدركة في: فقه الحياة، فقه المستجدات وأحوال النوازل.
ولست وأيم الله أخال أحداً من الناس إلا وهو بحاجة إليه، ناهيك بما يتطلبه واقع الانسان من علم ضروري يلزمه معه أن يفقه دينه ودنياه.
ولعل الكتب التي ظهرت حتى هذا الحين بمثل مساره إنما هي عيال عليه ما لم يكن كتاب ما من الكتب قد جلب ما لم يتوفر لصاحب «الزاد» أن يتطرق إليه بحكم فارق العصر والنوازل المستجدة خلال العصور.
وإذا كان مؤلف «زاد المعاد» قد عانى من الناس ما عانى من حسد ووشاية وتلفيق وتصنع، فقد ولد لديه هذا كله معاناة طويلة المدى جعله: مجتهداً قوي العبارة مُتماسك اللفظ ذريع الخطوة فقيهاً ذا عمق ودراية ورواية، وقد أثمر وجوده بجانب الإمام ابن تيمية خاصة في سجن دمشق وسجن الحياة.
أثمر هذا التجديد في مجالات شتى وجعلهما إمامين حيث زلت أقدام الشانئين بدعوة مظلوم عاجلة أو بندم ظالم حر كريم تنبه فرجع وأعاد ما عليه لهما من حق مادي ومعنوي.
كتاب يا له من سفر يعجز أو قد يعجز عن: مثله البطال.
في ج 2/ط 23 من مؤسسة الرسالة يكتب الإمام ابن قيم الجوزية باباً مهماً يتطلبه واقع كل مسلم يتطلبه على حال دائمة ليكون: عالماً بحال حياته وحال مآله يكتب في ص 5/6/7 حتى/26 ليقول: (ثم إنه جعلها (النبي صلى الله عليه وسلم) «الزكاة» في أربعة أصناف وهي أكثر الأموال دوراناً بين الخلق وحاجتهم إليها الضرورية.
أحدها: الزرع والثمار.
الثاني: بهيمة الأنعام. الإبل والبقر والغنم.
الثالث: الجوهران اللذان بهما قوام العالم، وهما الذهب والفضة.
الرابع: أموال التجارة على اختلاف أنواعها.
ثم هو يذهب كما في ص 6 وما يليها يُبين ما لابد منه فهو يقول: (ثم إنه أوجبها كل عام، وجعل الزرع والثمار عند كمالها استوائها وهذا أعدل ما يكون، إذ وجوبها كل شهر أو كل جمعة يضر بأرباب الأموال ووجوبها في العمر مرة مما يضر بالمساكين. فلم يكن أعدل من وجوبها كل عام مرة،
ثم إنه فاوت بين مقادير الواجب بحسب سعي أرباب الأموال في تحصيلها وسهولة ذلك، فأوجب الخمس فيما صادفه الإنسان مجموعاً مُحصلا من الأموال وهو الركاز(1) .
وأوجب نصفه وهو العشر فيما كانت مشقة تحصيله وتعبه وكلفته فوق ذلك، وذلك في الثمار والزروع التي يُباشر حرث أرضها وسقيها وبذرها. ويتولى الله تعالى سقيها من عنده بلا كلفة من العبد. ولا شراء ماء ولا إثارة بئر ودولاب.
وأوجب نصف العشر فيما تولى العبد سقيه بالكلفة والدوالي والنواضح.
وأوجب نصف ذلك: وهو ربع العشر فيما كان النماء فيه موقوفاً فيه على عمل مُتصلٍ من رب المال بالضرب في الأرض تارة وبالإدارة تارة، وبالتربص تارة، ولا ريب أن كلفة هذا أعظم من كلفة الزرع والثمار، وأيضاً فإن نمو الزرع والثمار أظهر من نمو التجارة، فكان واجبها أكثر من واجب التجارة وظهور النمو فيما يُسقى بالسماء والأنهار أكثر مما يسقى بالدوالي والنواضح، وظهوره فيما وجد مجموعاً في الكنز(2) أكثر وأظهر من الجميع).
ثم أردف بيان حال مُهمة تساهل فيها المزكي وتساهل فيها من يأخذ: الزكاة قال: (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة: أعطاه وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله أعطاه بعد أن يُخبره أنه (لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها).
(وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تفريق الزكاة على المستحقين من بلد المال وما فضل عنهم منها حُملت إليه ففرقها هو: صلى الله عليه وسلم. ولذلك كان يبعث سعاته إلى: البوادي ولم يكن يبعثهم إلى: القرى، بل أمر معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن يأخذ الصدقة من أغنياء اليمن ويعطيها فقراءهم. ولم يأمره بحملها إليه).
ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم: أن يبعث سعاته إلا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار. وكان يبعث الخارص فيخرص على أرباب النخيل ثمر نخيلهم وينظر كم يجي منه وسقاً فيحسب عليهم من الزكاة بقدره).
(وكان يأمر الخارص أن يدع لهم الثلث أو الربع فلا يخرص عليهم لما يعرو النخيل من النوائب، وكان هذا الخرص لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتصرم، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ويضمنوا قدر الزكاة، ولذلك كان يبعث الخارص إلى من ساقاه من أهل خيبر وزراعه: فيخرص عليهم الثمار والزرع ويضمنهم شطرها، وكان يبعث إليهم: عبدالله بن رواحة فأرادوا أن يرشوه فقال عبدالله: تطعموني السحت؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير)(3). (ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة من الخيل، والرقيق، ولا البغال، ولا الحمير، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدخر إلا العنب والرطب فإنه يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس).
تقرير علمي شرعي يبينه ابن قيم الجوزية(4) في طرح متتال متماسك أخذاً من النص وفقه قواعد الأحكام، خاصة: /والزكاة/ يتطلب أمرها بيان حالها في كافة أنواعها لما يترتب على ذلك من حاجة المسلم الضرورية حتى يؤدي ما عليه من زكاة لإخوانه الفقراء والمساكين ومن هم من أهلها (الثمانية)، ولعل للجهل بمقدار الزكاة في: الحبوب والثمار وبهيمة الأنعام دوره الرئيسي في تساهل إخراج الزكاة من أهلها، من أجل ذلك كان السعاة الذين يخرصون الأموال هم اليد الشرعية لبيان الزكاة ومقدارها وأهل الخرص يلزم من حالهم أن يتصفوا بما يلي:
الإسلام /البلوغ/ العقل/ الأمانة/ الدراية/ التأني/ السبر/ الورع/.
وأن يكون لهم ما يلي:
مقابل جزاء عملهم.
وسيلة تنقل بين من تجب عليهم الزكاة.
دليل لهم إذا لم يكونوا مدركين للمواطن وعدم من هو أعلم منهم.
ويجب عليهم ما يلي:
التنبه للرشوة فهي سحت.
تحريم المجاملة.
الحرص على أمانة: الوقت.
الحرص على استغلال الوسيلة الناقلة لذات العمل فقط العلم المتمكن في الفرق بين الثمار والحبوب وبهيمة الأنعام بين ما يُسقى بماء السماء من المطر والأنهار والأودية/ وبين ما يُسقى بالشراء أو المؤنة والمشقة، وبهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم (يجب هنا) التفريق في أخذ الزكاة بين:
1 ما يُجعل للبيع والشراء والتوليد والتسمين.
2 وما يجعل للعمل كالحرث والزرع والاستعمال ومن يخرص الزكاة وهو ذو زرع أو بهيمة أنعام فإنه يخرصها على نفسه ويخرج زكاتها. ولا تسقط عنه بحكم مثلا. ويبين حقيقة ذلك لأهل الخرص.
ومن كان عنده إبل أو خيل جعلها لرياضة السباق «الفروسية» ويستفيد من ذلك، ففي ذلك زكاة إذا بلغت النصاب عدداً وما يناله من جوائز مالية ففيها الزكاة ربع العشر إذا حال على المبلغ الحول.
والذين يأخذون الزكاة أهم أمر يُنجيهم من مغبة الحرام هو علمهم بحق تام أنهم من أهلها فلا يجوز على هذا ما يلي:
أخذها حال عدم الحاجة إليها.
2 أخذها تكثراً.
3 أخذها لأمور حاجية.
4 أخذها على (عادة جارية).
5 أخذها (تضعفا)
6 أخذها (تأويلاً).
7 أخذها لإنفاقها على غيره ما لم يأذن له صاحب المال، والذين يدفعون: (الزكاة) لا يجوز لهم دفعها لمن يعلمون أنهم:
1 ليسوا من أهلها.
2 لمن يشتري بها محرماً.
3 لمن يستعملها بسوء.
4 غير مسلمين.
وأرباب صياغة الذهب والفضة وبيعهما رأيت أنهم يقع من بعضهم بعض من مسائل الربا ولعلهم يجهلون ذلك فمن هذا:
1 استبدال القديم بالجديد مع دفع الفرق.
2 دفع الجديد وتأجيل دفع القديم.
3 نقص بعض قيمة الذهب ودفعها: لاحقاً.
4 ترصيص (الذهب) بخرز أو أحجارٍ ما وبيعه على أنه ذهب كامل.
5 بيع الذهب قبل تملكه.
6 تلحيم الذهب. بخلافه.
7 دفع الذهب لسداد دين ما مع نقص ضروري.
8 بيع الذهب بالذهب متفاضلاً.
ولاشك أن طهارة المال وما يملكه المرء من متاع هو ما يسعى إليه المسلم ويحث السعي إليه وان ردع الهوى وردع النفس والوقوف امام الطمع بصلابة المؤمن لهو خير وأبقى لمن لا يريد خلفاً إشقاء نفسه وذريته بأكل الحرام أو ما فيه شبهة.
ولعل من أضر ما يضر المرء حتى يتغافل عنه هو استمراء كسب الحرام فإن كل تهاون وتساهل أو تأويل كل هذا يجر شيئاً فشيئاً إلى عدم إلقاء البال إلى كسب المنهي عنه مع مرور الأيام.
وهذا معلوم بالحس وبالمصاحبة، ومن له أدنى معرفة بحيل النفس وحب الترؤس وحب الجاه يدرك كم ضاع من ضاع وكم هلك من هلك.
وكم زل من زل.
وكم تهاوى من تهاوى.
ويحاول صنف كثير من الناس أن يتعامى عن تأنيب الضمير ووخزات العقل وتألم الداخل وكلما كبر الذنب وتشتت الظلم ينصرف المرء عن خطئه لعظم ثقله عليه فيجره هذا إلى الكبير والصغير من كل ذنب وسوء إلا من شاء الله تعالى.
هامش:
(1) الركاز هو: ما وجد مدفوناً ليس له مالك من ذهب وفضة ونحوهما فهو لمن وجده ويخرج عليه (زكاة).
والزكاز ما دفن من قديم بخلاف ما يوجد في المساكن القديمة أو المزارع ولها ملاك معروفون فليس كذلك.
(2) الكنز ما يكنز لحفظه.
(3) لعله: ضعيف والرشوة محرمة إجماعاً ويكفي أنها كبيرة من الكبائر على تفصيل ليس هذا: محل بيانه.
(4) لا يحسن قول (ابن القيم) بل: (ابن قيم الجوزية).
وأصل هذا أن كلمة القيم بمعنى
«ناظر» أو. مدير. ووالد.
ابن قيم الجوزية كان: ناظراً.
المدرسة الجوزية بدمشق وكان يؤمها طلاب كثيرون من كافة بلاد الإسلام. واشتهر عن والده أنه كان: قوياً عادلاً ورعاً أميناً بعيد الغور فاشتهر الإمام بهذا وسرى عليه، ودمشق كان فيها مدارس علمية كثيرة، لكن كان من أجلها: الجوزية حسب علمي فلو قيل مثلاً: (ابن القيم) لبطل هذا من حيث دلالة اللغة السماعية والقياس يردها كذلك.
ولقد تساهل كثير من الناس حتى جلة من العلماء والمثقفين وأهل الأدب تساهلوا باللغة واتخاذها سبيلاً خاصاً وسبيلاً عاماً مما ولد هذا ركاكة الكلام ونشأة جيل: هش، مش، رش .
فإلى الله المشتكى، وكنت قد حررت ورقة من مئتي صفحة تزيد ثلاثين (لمجمع اللغة العربية.. بالقاهرة) سوف إن شاء الله تعالى أبعث بها إليه لعلهم يستأنسون بها خاصة، وقد تفردت الورقة بجديد مفيد في: بابه، ولستُ أدعي السبق فيه. لكنه جديد.
محمد بن فهد/ وحمود بن فهد/ وزياد بن فهد الحمود (حوطة بني تميم).
سعد بن ناصر بن داود الهدلق
(شقراء.
علي. م. م المدينة.. الجامعة الاسلامية ورد إجابة لسؤالكم الكريم ما خرَّجه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري في م 8 ص 320 /21 من (دار القلم) ببيروت.. ط 1، قال (90 (1176) حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة وأبو كريب واسحاق. وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط).
قال النووي في شرحه له (4 باب صوم عشر ذي الحجة: فيه قول عائشة (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط)، وفي رواية لم يصم العشر قال العلماء هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة قالوا، وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي: مستحبة استحباباً ولاسيما التاسع منها وهو: يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها: لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بنت خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر والخميس ورواه أبو داود وهذا لفظ وأحمد والنسائي، وفي روايتهما وخميسين والله اعلم).
قال ابن لحيدان وهذا عرض النووي لنص مسلم.
قال ابن لحيدان وسنده قوي فرجال ثقات اثبات وأبو كريب ثقة كبير واسحاق هو ابن إبراهيم الحنظلي (ابن راهويه).
وهناك نزاع هل تصام العشر كلها أو التاسع ليس إلا
والذي يظهر لي حسب فهمي أنه: التاسع فقط ولا يطرح هذا فضل بقية أيام العشر ففضلهن وخيرهن جاء به النص، وليس ثمة نكير هنا، لكن دلالة اللغة على المراد هو ما ذهبت إليه هنا.
وكم آمل منكم مزيد النظر في جلد هذا الأمر بسؤال العلماء لكن هذا ما أراه دلكم الله وهداكم صراطه المستقيم.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved