| متابعة
*
* صنعاء الجزيرة عبدالمنعم الجابري:
الإجراءات الأخيرة التي قررت الحكومة اليمنية القيام بها لتعقّب بعض العناصر الإرهابية، بما في ذلك الحملة العسكرية التي تنفذها وحدات من قوات الجيش والشرطة في مناطق بمحافظات «مأرب وشبوة والجوف» وما أسفرت عنه من سقوط عدد كبير من الضحايا في الاشتباكات المسلحة التي وقعت الأسبوع الماضي مع رجال القبائل.. أثارت ردود أفعال وتساؤلات واسعة، وكانت وما تزال تشكل مثار اهتمام ومتابعة لدى مختلف الأوساط السياسية والإعلامية على مستوى الساحة اليمنية وخارجها.
فهذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها اليمن على اتخاذ مثل هذا النوع من الإجراءات المتمثلة باستخدام القوة العسكرية في عملية تعقّب عناصر مطلوبة أمنياً.. وهو الأمر الذي شكَّل حدثاً بارزاً بالنسبة لليمن، وشد إليه أنظار واهتمامات الكثير من المهتمين والمتابعين للمستجدات الإقليمية والدولية وتداعيات الحملة والحرب التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية ضد ما تسميه «الإرهاب» وخصوصاً ان الإجراءات اليمنية تصب في ذات الاتجاه .. أضف إلى ذلك الخسائر البشرية والمادية الجسيمة وغير المتوقعة التي نتجت خلال الاشتباكات بين القوات الحكومية أثناء تعقّبها اثنين من أعضاء تنظيم القاعدة وبين رجال القبائل في منطقة «حصن الجلال عبيدة» بمحافظة مأرب، حيث سقط هناك 43 شخصاً تقريباً بين قتيل وجريح كان من بينهم 18 قتيلاً وعشرة جرحى في صفوف وحدات الجيش والشرطة.
وقد أثار ذلك تساؤلات لدى بعض المتابعين حول ما إذا كان هناك ما يستدعي حدوث مثل هذه العملية بما أسفرت عنه من أضرار وخسائر طالما أن الهدف محصور بضبط شخصين أو ثلاثة أشخاص فقط.
لكن هؤلاء المتابعين يرون في الوقت نفسه أن ثمة عوامل أخرى قد تكون جعلت الحكومة اليمنية تتخذ هذا الإجراء في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة.
وكما تشير المصادر فإن اللجوء إلى استخدام القوة في تعقب تلك العناصر من تنظيم القاعدة بناءً على طلب الجانب الأمريكي الذي قدَّم لليمن خلال زيارة الرئيس علي عبدالله صالح مؤخراً إلى واشنطن قائمة بأسمائهم، جاء بعد فشل محاولات القبض عليهم سلمياً كونهم يتمتعون بحماية قوية من جانب القبائل.
ولعل الحكومة اليمنية قد وجدت أنه ليس هناك خيار آخر أمامها غير اتخاذ إجراءات قوية وسريعة تجاه العناصر الإرهابية ومن لهم صلة بتنظيم القاعدة، وذلك بهدف تفادي أية ضربة عسكرية أمريكية أو لتجنب أي تدخل خارجي من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة وانعكاسات سلبية على اليمن التي ما تزال تعمل على تجاوز الآثار التي خلفتها حرب عام 1994م.
على صعيد الأوضاع الاقتصادية والتنموية وكذلك الاوضاع المعيشية للسكان، حيث تبرز هناك صعوبات وتحديات كبيرة في هذه الجوانب.
وبالإضافة إلى ذلك فقد أرادت اليمن من خلال الإجراءات المشار إليها كما يعتقد المراقبون أن تثبت مصداقيتها وجديتها في التعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.. علاوة على أن من شأن هذه الإجراءات أن تعود على اليمن ببعض المكاسب التي تعتبر مهمة بالنسبة لها، وذلك من خلال الحصول علي دعم ومساعدات أمريكية في الجانب الاقتصادي والتنموي.
وعلى الرغم من أن هذا التعاون اليمني الأمريكي قد بدأ أساساً منذ حادثة تفجير المدمرة «كول» في ميناء عدن في اكتوبر 2000م.. إلا أنه تطوّر وأخذ بعداً أوسع في أعقاب هجمات ال11 من سبتمبر الماضي على واشنطن ونيويورك، حيث استجابت السلطات اليمنية لطلبات أمريكية بالتعاون في تحقيقاتها المتصلة بأحداث هذه الهجمات وفي حربها ضد الإرهاب، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الأطراف الدولية الأخرى التي أبدت تعاوناً كبيراً مع واشنطن في هذا السياق.
وبالتالي فقد اتخذت السلطات اليمنية العديد من الإجراءات ضمن تعاونها مع الجانب الامريكي، ومنها القيام بحملات اعتقالات في أوساط العشرات من الاشخاص الذين سبق لهم أن جاهدوا في افغانستان ضد القوات السوفيتية وتم إخضاعهم لعمليات تحرٍ وتحقيقات واسعة وقدمت معلومات للولايات المتحدة الامريكية في إطار هذا التعاون، إضافة إلى إجراءات وتدابير أخرى تتعلق بنظام منح تأشيرات الدخول والخروج وكذلك الإقامة للاجانب في اليمن.. ثم الاجراءات الأخيرة المتمثلة بتعقّب بعض المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة.
وعلى الرغم مما عبَّر عنه أكثر من مسئول امريكي حول شكر وتقدير الولايات المتحدة وارتياحها لما أبدته اليمن من تعاون في مجال مكافحة الإرهاب وما قامت به من إجراءات في هذا الإطار، إلا أنه وكما يبدو فإن الجانب الامريكي ما زال يطمع بتعاون يمني أبعد وأكبر من مستوى التعاون الراهن.. ولعل ذلك ما كان وراء تأجيل توقيع اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتعاون الأمني والاستخباراتي لمكافحة الإرهاب بين البلدين والذي كان مقرراً أن يتم خلال زيارة الرئيس علي عبدالله صالح الأخيرة الى واشنطن.
حيث كشفت المصادر ان الجانب الأمريكي اراد إدخال تعديلات على بعض بنود هذه الاتفاقية رغم ان الجانبين كانا قد اتفقا مسبقاً حول بنود معينة تضمنها مشروع الاتفاقية.. قبل ان يعود الجانب الأمريكي ويطلب التعديل.. وهو ما أدى إلى تأجيل التوقيع عليها وإحالتها لمزيد من البحث من قبل المختصين في البلدين.
واجمالاً فقد اعتبرت مصادر رسمية يمنية أن ما قامت به قوات الجيش والشرطة خلال الأسبوع الماضي من إجراء لتعقّب بعض العناصر الإرهابية المشتبه بانتمائها إلى تنظيم القاعدة يمثل فعلاً من أفعال السيادة والدفاع عن المصالح الوطنية.. كما أنه يجنب اليمن التدخلات ويبعد عنها الاستهداف الذي قد يتجاوز النطاق السياسي الى ما هو أخطر وأكثر تدميراً... وأضافت المصادر ان ذلك يأتي في الاطار الصحيح لما ينبغي أن يكون عليه التصرف الإسلامي بالكيفية التي تحقق الشراكة العالمية في مكافحة الإرهاب.
إلى ذلك قالت مصادر سياحية في صنعاء ل«الجزيرة» إن الأحداث التي شهدتها محافظة «مأرب» في الأسبوع الماضي قد أدت الى مزيد من الأضرار في قطاع السياحة.. وأكدت انه كان قد تم مؤخراً الحصول على بعض الحجوزات لسياح أجانب لزيارة اليمن، لكن هذه الحجوزات ألغيت عقب تلك الأحداث.
|
|
|
|
|