| الاقتصادية
* الرياض خالد الفريان:
يمثل الاجتماع المقرر عقده الأيام القادمة لمنظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) نقطة مفصلية هامة في تحديد أسعار النفط السنة القادمة إذ إن فشل الاجتماع في الوصول إلى صيغة ملائمة لحفظ الانتاج قد يخسف بالأسعار إلى ما دون العشرة دولارات إلا أنه من المتوقع تعاون جميع الدول النفطية والتزامها لحفظ معقول للإنتاج في حدود المليوني برميل يوميا مما سيؤدي إلى عودة الأسعار إلى النطاق السعري الذي حددته أوبك 22 28 دولاراً وقد صدر عن مصرف الإمارات الصناعي تقرير تناول تذبذبات أسعار النفط الفترة الماضية وفيما يلي نصه:
تذبذبت أسواق النفط بصورة مستمرة خلال عام 2001م وبالأخص بعد الهجمات التي تعرضت لها مدينتا واشنطن ونيويورك في الحادي عشر من شهر سبتمبر الماضي، حيث ارتفعت التأثيرات الاقتصادية السلبية التي يمكن ان تتمخض عن هذه الهجمات، وبالأخص في مجال السياحة والطيران، وما قد ينجم عن ذلك من تباطؤ اقتصادي في كافة أرجاء العالم.
وأدت التخوفات الخاصة بإمكانية انخفاض الطلب على النفط الى تراجع الأسعار بصورة سريعة وبمقدار 56 دولارات للبرميل خلال شهر واحد، علماً بأن انخفاض الطلب على النفط بدأت بوادره قبل هذه الهجمات، أي في نهاية شهر أغسطس الماضي.
باستثناء العراق
ونظراً لانخفاض متوسط سعر برميل النفط بنسبة 24% في هذا العام ليصل إلى 22 دولاراً للبرميل، مقابل 29 دولاراً في عام 2000، فإنه يتوقع انخفاض عائدات النفط لمجموعة البلدان العشرة الأعضاء في منظمة الأوبك، باستثناء العراق من 275 مليار دولار في العام الماضي إلى 197 مليار دولار في هذا العام، أي بنسبة 28% إلا أن هذه العائدات ظلت أعلى من عائدات عام 1999 بنسبة 23% عندما تدهورت أسعار النفط بنسب كبيرة في عام 1998 وبداية عام 1999م.
ولقد بدأت أسعار النفط بالتراجع منذ شهر أغسطس الماضي، وذلك بعد تجاوزات حصص الانتاج من قبل بعض الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة الأوبك وخارجها، مما أوجد فائضا واختلالا بين العرض والطلب في الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من أن الانتاج الاجمالي للبلدان الأعضاء في منظمة الأوبك انخفض بمقدار 450 ألف برميل يوميا في شهر سبتمبر، مقارنة بشهر أغسطس، إلا أن انتاج هذه البلدان تجاوز السقف المتفق عليه بمقدار 26.1 مليون برميل يومياً.
وبجانب هذه التجاوزات من جانب الأوبك فقد قامت البلدان المنتجة من خارج المنظمة بضخ المزيد من النفط الخام في الأسواق العالمية، مما أوجد تخمة نفطية جرت معها الأسعار الى الأسفل.
وإذا ما أضيف إلى ذلك زيادة الانتاج العراقي بعد تمديد العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء بين العراق والأمم المتحدة، فإنه يمكن القول، بأن الأسباب التي أدت إلى التدهور الحالي لأسعار النفط تكمن جذورها في عملية الاخلال بين العرض والطلب والتي سبقت احداث واشنطن ونيويورك. تلك الاحداث التي تعتبر عوامل مساعدة ساهمت في تباطؤ النمو الاقتصادي في العالم، وبالتالي تراجع الطلب على النفط في الأسواق العالمية.
لقد اتفقت منظمة الأوبك في اجتماعها الأخير في شهر نوفمبر الماضي على تخفيض الانتاج بمقدار 5.1 مليون برميل يوميا، إلا أنها اشترطت تعاون الدول المنتجة من خارج المنظمة للالتزام بهذا التخفيض، حيث أبدى العديد من هذه الدول، كروسيا والنرويج والمكسيك عدم تقيدها بهذا الشرط، مما قد يؤدي إلى حرب أسعار بين البلدان المنتجة للنفط من داخل وخارج منظمة الأوبك.
وإذا ما حدث ذلك، فإن أسعار النفط قد تتراجع إلى أقل من عشرة دولارات للبرميل، على غرار ما حصل قبل ثلاثة أعوام، مما يشكل خسارة كبيرة لكافة هذه البلدان.
وبجانب هذه الخلافات الخاصة بتخفيضات الانتاج، فإن هناك عوامل أخرى ستساهم في تحديد اتجاهات أسعار النفط في الأشهر القليلة القادمة، والتي يأتي في مقدمتها العوامل التالية:
تراجع حدة الأزمة في أفغانستان وامكانية تنشيط الأوضاع الاقتصادية، وبالأخص في مجال السياحة والنقل الجوي، والتي تأثرت بشدة من جراء التطورات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر الماضي.
مدى امكانية تمديد العمل باتفاقية النفط مقابل الغذاء بين العراق والأمم المتحدة، والذي يعني امكانية استمرار أو توقف صادرات النفط العراقية.
الاحتمالات الخاصة بتقلبات الطقس أثناء الشتاء، وبالأخص في أوروبا وأمريكا الشمالية، والتي يمكن ان تؤدي إلى ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة.
وفي كل الاحوال فإن على منظمة الأوبك ان تتحمل العبء الاساسي للمحافظة على السعر المستهدف والبالغ 22 28 دولارا للبرميل، حيث يتطلب ذلك وقبل أي شيء آخر التزام كافة الدول الأعضاء في منظمة الأوبك بحصص الانتاج المتفق عليها ضمن سقف المنظمة، خصوصاً وان التطورات المتتالية في أسواق النفط العالمية بينت من أن تراجع الأسعار يبدأ مع بدء دول الأوبك في تجاوز حصص الانتاج، علماً بأن هذه البلدان تعتبر من أكثر البلدان تضرراً من جراء تدهور أسعار النفط.
لذلك فإن الأوضاع الاقتصادية في البلدان المنتجة للنفط في العام القادم 2002 ستتوقف وإلى حد بعيد على مدى نجاح منظمة الأوبك في إدارة الازمة الحالية ومدى تجاوب البلدان المنتجة الأخرى من خارج المنظمة مع توجهات الأوبك الرامية إلى استقرار أسعار النفط حفاظا على استقرار الأوضاع الاقتصادية في العالم.
|
|
|
|
|