| عزيزتـي الجزيرة
أصبحت حوادث الطرق سمة من سمات هذا العصر وتكاد تتفوق على حوادث الغرق والحريق، فحوادث الغرق غالباً ما تنجم عن الانزلاق أو السقوط في الماء.
وأما حوادث الحرائق فناتجة في الغالب عن التدخين في أوقات متأخرة من الليل أو اهمال تركيب أجهزة رصد الدخان في جميع غرف المنزل أو المكاتب، أو عدم حفظ الوسائل القابلة للاشتعال في أوعية مأمونة خارج غرف المنزل.
وأما حوادث الطرق، فغالباً ما تكون ناجمة عن الخلل الفني أو الميكانيكي أو الكهربائي في المركبات السيارة أو شرب المسكرات أو تناول المخدرات أو العقاقير أو الأدوية أو التعب أو الارهاق الجسمي أو النوم أثناء القيادة مما يتسبب في حدوث أفظع الحوادث على الاطلاق بسبب انحراف المركبة إلى اتجاه غير معروف، فتسبب المآسي لأكثر من أسرة وعائلة.
ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة حوادث الطرق في رأيي أننا لم نلق اهتماماً كبيراً إلى الفحص والمعاينة لكل المركبات القادمة من الخارج سواء على أرصفة الموانئ أو على منافذ الحدود، فهناك على سبيل المثال لا الحصر مركبات من أحدث الموديلات التي طرحت في الأسواق، تصبح هذه المركبات الجديدة، وفي فترة وجيزة من المركبات القديمة بسبب اصابتها بالعطب والخلل في الهيكل الخارجي أو في المحرك الآلي، والباعث إلى هذا الخلل السريع في هذه المركبات عدم تقيد الوكلاء المصدرين في الخارج، بالمواصفات أو الشروط المنصوص عليها في شهادات المنشأ أو فاتورة البيع باعتبار أن وكلاء الداخل لا يهتمون أصلاً بهذه المواصفات، وإنما جل اهتمامهم في الغالب يتركز على الاستيراد فحسب. أي المال في مقابل السلعة الجاهزة للتصدير الفوري بصرف النظر عما إذا كانت هذه السلعة لم تستوف شروط البيع حتى لو كانت مستعملة أو أعيد تصديرها بعد أن تهيأ من جميع النواحي كإعادة الطلاء الخارجي، أو استبدال المحرك بمحرك آخر على هيكل قديم أو وضع محرك مصنع في الخارج سريع العطب بسبب رخص الخام الذي صنعت منه كإحلال محرك صنع مثلاً في تايوان أو في كندا محل محرك أمريكي!.
والحل للحد من حوادث الطرق أو حوادث السيارات أو الحوادث البرية بشكل عام يعود في رأيي إلى ما يلي:
أولاً: أن يلزم وكلاء السيارات الزاماً جبرياً بمراعاة المواصفات الخاصة بأجواء هذه البلاد. وذلك وفقاً للمواصفات التي وضعتها هيئة المواصفات والمقاييس مع ضرورة انزال أقصى العقوبات على كل متهاون أو متلاعب أو مستهتر ممن لا يلتزمون بهذه المواصفات والمقاييس التزاماً كاملاً بعدم السماح بدخول أي مركبة صغيرة أم كبيرة لا تحمل دمغة تشير إلى مطابقتها للمواصفات الموضوعة لها كضرورة التأكد بأن «الاديتار» ذا الصفوف الأربعة قد أخذ في الاعتبار لأن هذا النوع من الاديتار يلائم الأجواء الحارة.
ثانياً: ضرورة توفر أجهزة الفحص والمعاينة لكل سيارة على حدة على أرصفة الموانئ البحرية أو في منافذ الحدود البرية مع ضرورة التشدد في عدم السماح لأي مركبة جديدة لا تمر من خلال أجهزة الفحص الأولية بالدخول إلى الأسواق المحلية حتى لو اضطر بإعادة كل الشحنة أيا كانت إلى مصدرها الرئيسي مع ضرورة سن الأنظمة والقوانين أو تعديل القائم منها بحيث تنزل الغرامة اللازمة لكل من المورد والمصدر على حد سواء عند اخلال أحدهما أو كليهما بشروط السلامة.. سلامة المركبة ومستعملها حتى يكون هناك شيء من الاهتمام والعناية كالاهتمام مثلاً بالهيكل العام الذي له نسب محددة من الحديد والرصاص والبلاستيك وفقاً للمركبات التي تصنع في الدول المصدرة لهذه المركبات التي يفترض فيها التقيد بكل دقة بهذه النسب.
ثالثاً: خفض رسوم الفحص الدوري للسيارات: كأن تكون هذه الرسوم رمزية تحدد بعشرة ريالات لمدة عام واحد حتى تشجع مالكي المركبات الصغيرة والكبيرة على الاهتمام بهذا الفحص الذي سيكون بمثاية أحد الطرق التي تدفع السائقين إلى فحص مركباتهم في الأوقات المحددة لها، فكلما كان «الرسم» معقولاً أي رمزياً، كان من أحد الحوافز أو العوامل التي تدفع إلى الفحص بطيب خاطر، والعكس صحيح بالطبع لأنه كلما ارتفع الرسم إلى الحد غير المعقول أبعد السائقين عن الاهتمام بل يكون عاملاً إلى تقاعس الغالبية العظمى في اجراء الفحص المطلوب على المركبات.
رابعاً: الزام أصحاب المركبات الضخمة بأن لا يخترقوا الميادين والطرقات والساحات الرئيسية للمدن والقرى والهجر إلا في أوقات معينة كأوقات القيلولة أو بعد صلاة العشاء مباشرة أو في الصباح الباكر قبل بدء خروج طلاب المدارس بوقت كاف حتى لا تضايق هذه المركبات الضخمة المركبات الصغيرة خلال هذه الأوقات التي تنتشر فيها المركبات الصغيرة في كل اتجاه.
خامساً: التفكير الجدي في استخدام القطارات الخاصة بنقل السلع والخدمات المصنعة وغير المصنعة بين المدن والقرى والهجر باعتبار أن هذه «القطارات» تحمل ألوفاً بل ملايين الاطنان مما يؤدي تدريجياً إلى الحد من استعمال المركبات الضخمة التي كانت ومازالت بل ستظل من أحد المسببات الرئيسية في تزايد حوادث الطرق في هذه الأيام، ولا سيما أن هذه المركبات الضخمة تحترق في الوقت الحاضر الطرق والشوارع واللازقة ليل نهار.
ثم يأتي دور القطارات التي تحمل الركاب بين المدن لتخفيف الضغط على الطرقات، وبالتالي للحد من استخدام المركبات الصغيرة في قطع المسافات الطويلة، وبالذات في المواسم، وأوقات الذروة.
ان الحد من حوادث الطرق، وخصوصاً بين المدن لا يتم إلا إذا أنصب اهتمامنا كاملاً بالشروع فوراً في ربط هذه المدن ببعضها بشبكة من السكك الحديدية التي تحد أولاً من استعمال المركبات الصغيرة المنتشرة على الطرقات في المسافات الطويلة التي تحتاج إلى بقاء «السائق» خلف قرص القيادة لفترة طويلة مما تجعله مهدداً لأي طارئ أو حادث مفاجئ!.
فهل نسمع عما قريب خبر نشر شبكةخطوط السكك الحديدية بين المدن شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً خبراً يقيناً أو واقعاً مشهوداً!؟.
طلال محمد نور عطار - جدة
|
|
|
|
|