| عيد الجزيرة
* جدة علي سعيد العمري :
ذكريات العيد أيام زمان لا تنسى من الآباء والأجداد.
والفرق بين عيد اليوم والأمس يبدو كبيراً حين نتحاور مع بعض آبائنا من كبار السن الذين عاصروا الماضي والحاضر.
«الجزيرة» التقت بعدد من كبار السن ليتحدثوا عن العيد بين اليوم والأمس في القرية وفي البادية وفي المدينة.
سمن وعسل
تحدث بداية عطية أحد مشايخ قبيلة بني عمر الأشاعيب بمنطقة الباحة فقال :
كنا نعاني من شظف العيش وقلته ونعاني من الجوع والمرض.
ولكن إذا جاء العيد فرح به الجميع وتجمع أهل القرية في مصلى العيد وبعد الصلاة يتجه الجميع إلى منزل شيخ القبيلة حيث السمن البري والعسل والعيش والميسور الذي يقدره الله ثم يتبادل الجميع الزيارة في القرية بيتاً بيتاً وسط ألفة ومحبة بين الجميع فيجتمع الكل من الأطفال والشباب والكبار والصغار وتعمهم فرحة العيد ولم يكن لدينا حلوى وشربيت وعصيرات .. وحلوانا وعصيرنا السمن والعسل بخلاف العيد في المدينة وعاداتها غير عادات المدينة.
ألفة وتعاون
ü أما مساعد عبدالله الزهراني فيقول كانت الأعياد في السابق يعمها الأُلفة والتعاون وكلنا نقوم بأداء العرضة فرحاً وابتهاجاً بالعيد وندور على البيوت أثناء العرضة بيتاً بيتاً في القرية حتى ننتهي منها إلى الظهر ثم نبدأ في إكمال فرحنا بعد العصر وهكذا ولكن الآن العيد اختلف كثيراً فطغى الترف والغنى على الناس في المأكل والمشرب والملبس والسكن.
عيد مختلف
ü أما محمد عطية فيقول أنا أسكن بالمدينة أكثر من خمسين عاماً وأتذكر العيد أيام طفولتي في قريتي حيث كان يختلف، فكانت الصلة بين الأقارب والأصدقاء كانت المحبة والاحترام والتقدير وكنا نبدأ في الأعياد بكبار السن ثم بقية البيوت وكان للنساء الدور الأكبر في عمل الطعام للزوار وتنظيف البيت استعداداً للعيد فكنا نأكل في كل بيت السمن والعسل واللبن وعيش البر وكان ألذ شيء لدينا.
ولكن للأسف قد فقدنا ذلك في المدينة فتجد الناس بعد صلاة العيد كلٌ بمنزله وقد غلبه النوم وأثر عليه سهر رمضان حيث كنا لا نعرف السهر في رمضان أيام القرية وأيام زمان وقد فقدنا الأخوة والتقدير والاحترام بين الأقارب والأصدقاء لا أقول فقدناها بالمعنى الكامل ولكنها ليست مثل أيام زمان.
سباق ورمي
واستطلعنا كذلك رأي أهل البادية حيث التقينا الشيخ بشير بن خليف العنزي الذي يقول: العيد السابق فرح كبير وزيارة الأقارب أهم شيء كان الناس في البادية وهم أهل خيام وبدو رحل يخرجون عيدهم أمام خيامهم وأمام المسجد وأمام كل خيمة صحن مليء بالخيرات من السمن والعسل والبر واللبن وكلٌ على ما ييسره الله له ولا أحد ينام ليلة العيد ويوم العيد فالمرأة تطبخ الشراكة والجريش والرز مع السمن البري فتجد الأطفال يتغنون ويطوفون على البيوت والرجال في غاية الفرح والسرور. فالبدو الرحل عيدهم يختلف عن عيد المدينة فخيامهم قليلة ويعايدون بعضهم على بعض بعد صلاة العيد مباشرة ويجعلون أعيادهم أمام الخيام وبعد الزيارة يبدأ سباق الهجن والرمي بالرصاص على النياشين التي يضعونها كعلامة للرمي. وكذلك العرضة وتستمر الأفراح لديهم لمدة ثلاثة أيام يلبسون فيها أجمل ما لديهم من الثياب.
ü أما بندر العنزي فيقول إن العيد في المدينة قد اختلف عن عيد البدو فعيد المدينة أصبح عيد الحلاوى والنوم والسهر في آخر الليل على المنتزهات والملاهي والشواطىء والخروج من المنزل بخلاف أعياد البدو الذين كانوا يجعلون العيد منذ صباح يوم العيد وإلى العشاء لا سهر ولا نصب ولا تعب يحرص فيه الجميع على الزيارة وتبادل المحبة والألفة بينهم وتلك العادات والتقاليد من الآباء والأجداد التي عودتنا على الجود والكرم والاحترام والتقدير والمحبة التي تزداد بين الأقارب والأصدقاء دون حقد أو حسد.
نؤثر الضيف على أنفسنا
يقول سعود بن نافع العنزي:
كانت المعيشة قليلة وكنا نصبر على الجوع والعطش وإذا بقي شيء من الطعام نحتفظ به للضيف ونهتم بالضيف أكثر من أنفسنا بل ان طعام الضيف نحرص عليه على أن يكون هناك شيء من الطعام في مكان خفي وكنا نؤثره على أنفسنا ولو كان بنا خصاصة ونبخل على أسرتنا لنقدم للضيف التمر واللبن وكنا قبل أيام العيد نجهز الإبل من الذلول الحر للسباق ويكون الفرح والتصفيق ويسجل اسم الذلول التي تفوز بالسباق وتشتهر بأنها فازت في عيد كذا وكذا. ومن الأسماء التي يستعملها البدو للإبل حلوة وريمة وغزالة وشعالة. وهناك أيضاً سباق الخيول ويكون بعد سباق الهجن ويستمر السباق والعيد ثلاثة أيام.
وكانت الزيارة يتم تبادلها بين الأقارب البعيدين على الجمال والهجن والخيول وتوضع المرشحة فوق الخيول من أجل ركوبها والخروج على الإبل الأصيلة.
ويوضع على الخيول (الميركة) وتكون قد تزينت بالقماش والجلود والخرز من أجل تجميل الهجن وكلها من صناعة أيدي النساء.
وكان النساء يعملن على تزيين بيوتهن فكانت المرأة يوم العيد تطبخ الرز والجريش والمرقوق والشراك والقرصان وكانت المرأة تحتطب وتجلب الحطب والماء على ظهرها وتزين بيت الشعر وتطحن البر على الرحاه وتمخض الحليب واللبن وتعمل وتصنع الزبدة.
وكانت تغزل الشعر بمساعدة جيرانها من صوف الغنم الأسود ويسمى «نطي السدو» وتبرق بالمغزل وترجه وتمده على النطو بمسافة 30 متراً تقريباً وكان له أسماء مخومس ومروبع ومثولث وأكبرها مسدوس والقطبة هي الصغيرة ويتكون بيت الشعر من ذلك وبينها قواطع.
هذا هو عيدنا عيد البدو الذي فقدناه في المدينة مع الحضارة والقنوات الفضائية وكل عام وانتم بخير.
|
|
|
|
|