| العالم اليوم
في الأحداث المأسوية كالمواجهات الحاصلة بين المسلحين من عناصر منظمتي الجهاد الإسلامي وحماس من جهة وقوات الشرطة الفلسطينية في مخيم جباليا في قطاع غزة... في مثل هذه الأحداث المؤلمة يكفي الكاتب النصيحة يقدمها للإخوة الأشقاء الذين يرتكبون جرماً لايغتفر بحق شعبهم ووطنهم وأمتهم، بالانتحار سياسياً ووطنياً وذاتياً، أم تصبح النصيحة في مثل هذه الظروف نوعاً من العبث الكتابي الذي لامعنى له، خاصة وأن الكاتب البعيد عن موقع المأساة حتى وإن عايشها وجدانياً، يرى لدى كل الأطراف المشاركة في صنع المأساة مبررراتها ودوافعها التي لو كان للعقل نصيب وتحكم لما حدث ما حدث وأخذ الدم الفلسطيني يراق بأيد فلسطينية كان يفترض ان تكون حامية للشعب الفلسطيني وليس أداة قتل وذبح لهذا الشعب الذي لم يتعرض شعب آخر للقهر والظلم والإبادة مثله.
ولو كان للعقل نصيب وتحكم لما واجهت الجماهير سلطة لايزالون يعتبرونها سلطة وطنية وهي كذلك وأنها مثلهم لا حول لها ولا قوة وأنها تتعرض أكثر منهم لضغوط لايعرف إلا الله كم هي قاهرة وظالمة وعنيفة جعلتها تحني رأسها قليلا لتمر عاصفة حرب مكافحة الإرهاب.
وإذا كان الفارق بين الشجاعة والتهور خيطاً دقيقاً لايمكن تمييزه إلا من قبل الرجال الحكماء.. فإنه يصح ايضا القول بأن الفارق بين المقاومة الوطنية وبين الانتحار أيضا خيط دقيق ودقيق جداً يدركه الساسة العقلاء.. وقادة المنظمات الجهادية الفلسطينية خير من يميز هذا الخيط الدقيق الذي تصبح مهمة تمييزه في هذه الفترة الحرجة مهمة مطلوبة أكثر من أي وقت مضي إذ إن الخطأ في تحديده لايقود إلى سقوط مزيد من الضحايا الأبرياء فحسب كما حصل يومي الخميس والجمعة.. بل أيضا يوقع الجميع في الخطيئة.. خطيئة الإقدام على الانتحار.. وقيادة شعب إلى مزيد من متاهات المجهول.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|