أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 23rd December,2001 العدد:10678الطبعةالاولـي الأحد 8 ,شوال 1422

العالم اليوم

عرفات بين سندان المخاطر المحلية ومطرقة الضغوط الخارجية
الوقت لم يحن بعد للحديث عن حرب أهلية فلسطينية
إصرار شديد من قبل جميع الفصائل على تجاوز آثار الاشتباكات الأخيرة
* غزة بقلم عماد الدريملي د ب أ:
لم يحن الوقت بعد للحديث عن حرب أهلية فلسطينية فلسطينية، فالطريق إلى مثل هذه الحرب مرفوض من قبل غالبية ألوان الطيف الفلسطيني، لكن الخطوات الأولى التي توحي بهذا السيناريو لاحت بالفعل خلال اليومين الماضيين عندما وقعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين عناصر من تنظيمات فلسطينية وأفراد الشرطة الفلسطينية في مدينتي غزة جباليا شمال قطاع غزة.، وقد خلفت هذه المواجهات التي استخدمت فيها القنابل اليدوية والعبوات المتفجرة والأسلحة الأتوماتيكية مقتل سبعة فلسطينيين وإصابة نحو 70 آخرين زيادة على تدمير سيارات ومباني تابعة للشرطة الفلسطينية، وجاءت المواجهات أثناء تشييع جثمان فتى فلسطيني قتل ليلة الخميس/الجمعة خلال مصادمات وقعت في أحد أحياء مدينة غزة الشعبية بين مواطنين وأنصار من حركة المقاومة الاسلامية «حماس» وأفراد الشرطة الفلسطينية التي جاءت لاعتقال عبد العزيز الرنتيسي أحد قيادي الحركة.
وهكذا تزايدت المخاطر فجأة وأغلقت كل أبواب التفاهم والحوار التي كانت متاحة بين التيارات الفلسطينية قبيل خطاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي دعا فيه الشعب الفلسطيني وكافة التنظيمات الفلسطينية إلى وقف إطلاق النار، ويرى محللون ومراقبون فلسطينيون إن «سقوط فلسطينيين برصاص إخوانهم الفلسطينيين يكشف عن خلل في العلاقة في كيفية التعامل مع إسرائيل بين السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية التي رفضت الانصياع لقرار الرئيس الفلسطيني لوقف إطلاق النار الذي جاء في أوج الانتفاضة الفلسطينية.
واستمرار تساقط الفلسطينيين الواحد تلو الآخر في الغارات والهجمات الإسرائيلية على المدن والقرى الفلسطينية، غير أن السلطة الفلسطينية ترى في عدم استجابة القوى الفلسطينية لقرارها يدعم الرأي الذي يقول إن السلطة الفلسطينية التي شكلت عام 1994 في انتخابات عامة على أساس اتفاقات اوسلو «كسرت هيبتها وهي عاجزة عن تنفيذ التزاماتها تجاه المجتمع الدولي الذي يريد خلق أجواء التهدئة لمواصلة الحوار والمفاوضات، وتجلى ذلك في استمرار إطلاق النار والعمليات الاستشهادية ضد أهداف إسرائيلية، الأمر الذي كان يحدث ردود فعل إسرائيلية عنيفة داخل المناطق الفلسطينية في الضفة والقطاع، وسط تأييد دولي وخاصة من الولايات المتحدة التي مارست خلال الفترة الماضية ضغوطا على الرئيس الفلسطيني لوقف هذه العمليات.
ووضعت هذه الصورة السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات في معضلة سياسية لا يحسد عليها وقلصت من تحركاته السياسية فهو من جهة يواجه حربا أهلية إذا واصل حملته لقمع الفدائيين، وإذا توقف سيواجه بعزلة دولية أكبر ويخاطر بفقدان تأييد دولي لإقامة دولة فلسطينية الحلم الذي طالما راوده وأوشك على التحقق، واتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات مشددة تجاه تلك القوى عبر حملات اعتقال وإغلاق مؤسسات لاثبات قدرتها على أنها السلطة الوحيدة الأمر الذي لم يرق على ما يبدو للتنظيمات الفلسطينية، ويبرر المسؤولون الفلسطينيون إجراءات السلطة بأنها تأتي «لحماية المصلحة الوطنية العليا في ظل انحياز سافر لإسرائيل من بعض القوى الدولية، وفي ظل معطيات ومتغيرات دولية تفرض نفسها على الواقع الوطني والقومي والاقليمي، الأمر الذي استدعى قيام القيادة باتخاذ المواقف والخطوات التي تعزز قدراتها أمام شراسة ووحشية الهجمة الإسرائيلية» على حد قولها.
غير أن القوى الفلسطينية رأت في هذه الخطوات «استسلام للضغوطات الإسرائيلية والأمريكية».
ويضيف المحللون أن ما حدث في غزة من اشتباكات مؤخرا «أمر مؤسف ومقلق ويحمل في طياته مستقبلا غامضا».
وتبادلت الشرطة الفلسطينية والقوى الفلسطينية المعارضة الاتهامات بشأن المسؤولية عن الأحداث الدامية التي وقعت يوم الجمعة، ففي حين اتهمت فصائل فلسطينية وخاصة حركة حماس الشرطة الفلسطينية بالإفراط في ردها على المتظاهرين الفلسطينيين اكتفت الشرطة الفلسطينية بالرد على هذه الاتهامات بالقول إن «عناصر مندسة» من حركة الجهاد الإسلامي وحماس قامت بإطلاق النار والقنابل اليدوية على مركز للشرطة الفلسطينية وسط جباليا خلال تشييع جثمان فتى قتل في أحداث الجمعة.
من جانبه، أعرب عبد الله الشامي أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامي عن الأسف لما حدث مضيفا أن «أي قطرة دم تسيل بين الفلسطينيين بأيدي فلسطينية تبعث على الحزن والأسى»، وتمنى الشامي أن لا تتكرر مثل هذه الأحداث مناشدا الجميع بأن تشملهم روح الحكمة والعقل والمنطق ليكون الفلسطينيون سلطة وفصائل وتنظيمات صفا واحدا لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي».
ويقول المراقبون إن أحداث جباليا مثلت انتكاسة في جهود الوحدة الوطنية التي تعززت خلال الانتفاضة وكان يمكن تلافي حدوثها بنوع من ضبط النفس والحكمة من قبل الجميع».ويقول قيادي بارز في حركة فتح الذي يقوم مع مجموعة من قيادي الحركة بوساطات للتهدئة «إن الظروف الراهنة لا تسمح بمثل هذه الخلافات» وأنا واثق أننا سنتجاوزها مثلما تجاوزنا من قبل الكثير من الصعاب».
وبدت بوادر الانفراج في هذه الأزمة بعد قرار غير مسبوق اتخذته حركة حماس بوقف العمليات الانتحارية وإطلاق قذائف الهاون ضد الإسرائيليين.
وأعلنت الحركة اليوم الجمعة في بيان رسمي وقف كافة العمليات «الاستشهادية» داخل إسرائيل ووقف إطلاق قذائف الهاون، داعية كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة إلى الالتزام بالقرار.وقالت حماس في بيانها «إننا نعلن وقف العمليات الاستشهادية داخل الأرض المحتلة عام 1948 ووقف إطلاق الهاون إلى حين، ودعت حماس «كافة أبناء الحركة وخاصة كتائب عز الدين القسام إلى الالتزام بهذا (القرار) إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا».
وقد حمل البيان الشعار الرسمي للحركة وتاريخ الجمعة، وأشارت حماس إلى أن القرار جاء «من أجل وحدة شعبنا وحفاظا على سلامة مسيرته الجهادية لنيل حريته واستقلاله ورغم معرفتنا الكاملة بتوجهات العدو الصهيوني المحتل لسحق إرادة شعبنا وفرض الإذلال والمهانة عليه من خلال الممارسات القمعية والسياسات العدوانية واستجابة للكثير من العقلاء الذين يرغبون في تفويت الفرصة على المحتلين لضرب وحدة صفنا».
من جانبها، رحبت القيادة الفلسطينية في بيان لها صدر الجمعة بعد اجتماعها في رام الله بالبيان (الهام) الذي أصدرته حركة حماس».

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved