| مقـالات
تتولى الصحافة الاجتماعية الجانب الإنساني في الحياة الاجتماعية وتنهج إزاء ذلك منهجاً علمياً يعتمد على الملاحظة والاستنتاج، واستقراء الواقع تمهيداً لتفهمه، ومن ثم إصلاحه إن لزم الأمر والعمل على تطويره.
ولقد تطورت الصحافة الاجتماعية في بلدنا باستخدامها الطريقة العلمية في تحليل المشكلات الاجتماعية، حتى استطاع هذا النمط الصحفي المساهمة الإيجابية في النهوض بالمجتمع.
ولقد تم ذلك التطور بفضل اهتمام المشتغلين بالبحوث والدراسات الاجتماعية بالاشتغال بالصحافة من منطلق طرح القضايا الاجتماعية، والنفسية، والتربوية، وتناول أمور المجتمع بصورة عامة لما تلقيه من ضوء على نظم ومعايير علاقات التفاعل في منحاها الفردي والجماعي.
ويتم هذا التناول في عصرنا الحاضر الذي يتسم بالصفة الجمعية الكلية، وفقا لما قامت به أنساق المجتمع ومنظماته من ترسيخ الشعور الجمعي الذي توطدت عراه بين أفراد المجتمع بكافة فئاته وقطاعاته باعتبارهم هم مكونه الأصلي والجوهري، وعلاقة مجتمعنا بالمجتمعات الأخرى التي تشكل المجتمع الإنساني بصفة عامة.
وحقيقة كم نشعر بحكمة قيادتنا وحسن ريادتها بالتآزر بين منظمات المجتمع المختلفة ومكونها البشري مما يجعلنا نشعر بالجمعية أكثر مما نشعر بالفردية، وفي هذا سمو بالضمير الجمعي والوعي الاجتماعي مما يدفع بإمكانات الإصلاح والتطور الاجتماعي.
ولا شك أننا إزاء التغييرات الاجتماعية المعاصرة يزيد حجم ونوعية المشكلات الاجتماعية، وتبرز معها بعض من الظواهر الاجتماعية السلبية.
ولذا نجد أننا في حاجة ماسة للمزيد من المعالجات الاجتماعية فيما يرمي الى الاصلاح الاجتماعي.. ولا يتم هذا الا على أيدي فئة من الصحفيين الاجتماعيين يكون هدفهم الأساسي في كتاباتهم هو النهوض بالنظم الاجتماعية، والارتقاء بأحوال المواطنين ودعم القيم الوطنية.
ونحن الاختصاصيين الاجتماعيين نشعر أن بلدنا العزيز في مسيس الحاجة الى هذا الرصيد من الكُتّاب المستنيرين ذوي الإلمام بالعلوم الإنسانية، والمعارف الاجتماعية، والإرادة القوية لتغذية النهضة العلمية، وتعزيز نشاطها الاجتماعي والنهوض بإمكانات التقدم والتطور المستمر، وإزالة الصعوبات التي تعرقل مسيرة الإنسانية.ولذا بات على الكاتب الاجتماعي أن يعي ويدرك أن الحياة تسير وفق مناهج اجتماعية وأساليب حضارية مما يشارك في تحقيق الذات الوطنية، وتأدية الرسالة الإنسانية ومناشط الحياة الاجتماعية للتوصل الى مباهج الحياة الصحية السليمة.
وهكذا يتسلح الكاتب الاجتماعي بفروع العلم والأخلاق ومناقبها والدين بعقائده وشرائعه. ونحن نعلم أن العلم يتضمن نواحي خيرة تقود الى معرفة الحق، كما أن الأخلاق تؤدي الى التفاعل السوي وسلوك الإنجاز المتوافق، والدين هو حركة دائمة وارتباط قوي يتدفق منه الخير والحق والمؤازرة والتكافل.
ويرجع هذا التوجه الذي يحتذيه الكاتب الاجتماعي الى أن الحياة ذات ألوان متعددة منها: الحياة الاجتماعية التي نعنيها وهي لها روادها وخبراؤها الذين يحاولون تقصي مشاكل الإنسان من جميع نواحيها ومعرفة دوافعها والبحث عن سبل تلبية الحاجات وإرساء قواعد بلوغ حياة أبية كريمة.
والكاتب الاجتماعي يعتبر وسيطا لهذه الحياة فيبلغ منابع الخير فيخبر عنها، ويثير دافعية الأفراد للسعي نحو بلوغها لتحقق لهم السعادة والطموح والمعرفة للسيطرة على أسرار الحياة الاجتماعية لتحقيق امارات مستقبل زاهر كريم.ولذا يعتمد الكاتب الاجتماعي على البحث في نواحٍ عدة من حياة الناس الاجتماعية المختلفة متسلحاً بالأسس العلمية في وصف المشكلات والظواهر الاجتماعية وصفاً دقيقاً وتحليله تحليلاً عميقاً، والاعتماد على البحث العلمي، والتجريب والمقاييس وذلك بغرض الكشف عن العوامل المسببة للظواهر الاجتماعية وطرق تقسيمها وتقنينها بغية الوصول الى مبادىء عامة مستقاة منها.
ولا جدال أن المجتمع المعاصر.. التقني، المعلوماتي، الكوكبي، ذلك الذي يتفاعل مع معطيات متعددة التوجهات والأنماط يعتبر مدرسة تجريبية شاملة تستقى منها الدراسات الاجتماعية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فهو يحتاج من الكاتب الاجتماعي شأن باقي الاختصاصيين الاجتماعيين الى نظرة ثاقبة فاحصة تمكننا من رؤية الحياة الاجتماعية على حقيقتها، وفي نفس الوقت ترى المجتمع في حركة دينامية دائبة.
إن ما نلاحظه من سلوك الناس حولنا، وما نشاهده في واقع مجتمعنا، وما يحدث من تطور في مؤسساتنا، وما تتضمنه مؤلفاتنا وصحفنا كلها أمور تمدنا بمادة ذات قيمة في تفهم الواقع وما يدور في مجتمعنا.
وعلى الكاتب حينئذ أن يبحث في عوامل التطور اللاحق بمجتمعنا وتبعاته الاجتماعية، وإظهار حقيقتها وعناصرها وكيفية التعامل معها، ونوعية وظائفها، وطريقة علاقاتها التي تربطها بعضها ببعض والتي تربطها بغيرها في نفس الوقت، وأخيراً وجوب كشف القواعد والمبادىء والمعايير الخاصة بها في مختلف النواحي، وهكذا تتجلى أهمية الصحافة الاجتماعية والصحفي الاجتماعي.
|
|
|
|
|