*
* تحقيق وسيلة محمود الحلبي:
في الأعياد تتفتح اكمام الازهار، وتهب نسمات طيبة من الاشجار لأنه مهرجان فرح وسرور وانس وحبور فيخاطب الناس يوم مقدمه قائلاً:
أيا جمع الاحبة شرفوني
وصافوني المودة والمحبة
فأفراحي صفت بالأنس لكن
تمام الأنس تشريف الاحبة
والمعروف ان الاعياد أنواع فهناك اعياد دينية واخرى وطنية وثالثة رسمية والعيد ايام مجيدة كتبها الله سبحانه وتعالى بعد الصيام وهي مكافأة للعبد من ربه بالفطر والجود والعطاء يقول الشاعر:
يصوم صديقي الدهر عن كل منكر
وليس لهذا الصوم عيد ولا فطر
ويفطر بالمعروف والجود والندى
وليس لهذا صوم ولا حظر
فأكرم به صائم الفطر معاً
توافى لديه الأكل والأجر والشكر
ويكفي أن نذكر كلمة العيد، لنرى الأرض ترقص طرباً وفرحاً بسماعها والسماء تبتهج للتفوه بها، وقلوب الناس مفعمة بالحب والسعادة للتلفظ بها. إنه زائر كريم، تشارك فيه كل الشعوب الإسلامية في أنحاء المعمورة فغايتهم واحدة وقلوبهم بالفرح مغمورة، ولاشك أن للعيد في كل بلد لونا وطعما ورائحة، تختلف فيه العادات، وتختلط فيه الألوان، والدنيا لقدومه بالورد تزدان وتبقى فرحته مدى الزمان.
العيد في سورية
يزيد العيد سورية جمالاً فوق جمال ويكسوها أجمل الاثواب وكيف لا وهو عقب شهر خير يزور البلاد، وترتفع بمقدمة الرايات وحيث تعلو اصوات المدافع ابتهاجاً فالناس مشغولون وتعلو ثغورهم الابتسامات والابتهالات. ففي ليلة العيد في سورية لا يعرف الناس النوم فالزحام في الشوارع والمخابز والاسواق ورائحة الحلويات تملأ الشوارع والسوريات يصنعن في منازلهن جميع أنواع الحلويات استعداداً للعيد.. أما ساحة المرجة في وسط دمشق فتمتلئ بالناس حيث مركز بيع الحلويات العربية والفواكه المجففة المحلاة، والفستق والبندق والجوز واللوز.
وفي سوق الحميدية لا مكان للمرور فالزحام.. الزحام، الجميع يشتري الجديد من الملابس والاطفال يتربعون في محلات الألعاب والجميع منهمك بالشراء.. نعم« إنها بدلة العيد لابد أن تكون جديدة وجميلة».
وكلمة واحدة نسمعها من الاطفال «بكره العيد» ويغني الاطفال في دمشق فرحين.
بكره العيد ونعيّد ونذبح بقرة السيد
والسيد ماله بقره نذبح بنته الشقره
وإن الناظر إلى الأماكن في سورية ليلة العيد يعتقد أن هناك مهرجاناً عظيماً سيقام وان الزائر الكريم له مكانة في النفوس والجميع ينتظرونه بدون عبوس.
وفي ليلة العيد في سورية تنجلي ظلمة الليل عن أشكال مزخرفة ومتنوعة الشكل واللون والمساحة فتضيء البلاد بنورها الجميل، ونسمات الليل العليل تهدهد الوجوه البريئة، الاطفال يحملون ملابس العيد، والألعاب وشنطة صغيرة لوضع«العيدية» فهي أهم ما يشغل بال الاطفال في العيد.
ويجلجل صوت المآذن معلناً عن وقت صلاة الفجر، فيلبي الجميع النداء فرحين بدعوة الصديق الأمين، فتمتلئ المساجد بالمصلين والجميع يدعون بالنصر المبين للمسلمين، وبعد صلاة الفجر ينتشرون في بقاع الأرض مهنئين بالعيد، وبعد الفراغ من صلاة العيد توزع الصدقات والزكاة على الفقراء والمساكين، ثم يتجه الرجال إلى المقابر لقراءة الفاتحة على الاموات والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة. وبعد ذلك تبدأ الزيارات بين الأهل والأقارب والاصحاب والجيران فصلة الرحم قوية فيدخلون البيوت وحدانا وزرافات. وتقدم لهم النساء في العيد أشهى المأكولات «شيخ المحشي الأوزي الباشا وعساكره» وغيرها من أنواع الطعام الفاخر وأشهى الحلويات العربية والشامية المعروفة بالسمن البلدي. بالاضافة إلى شرب القهوة التركي.
ومن أشهر العادات الأسرية في العيد بسورية أن يجتمع جميع الأبناء في بيت الوالد لتناول طعام الغداء.. ثم تبدأ الزيارات العائلية بعد صلاة العصر وتمتد حتى منتصف الليل.
هكذا العيد في سورية انه احتفال عظيم والتفاف أسري لا مثيل له.
عيد زها وأتى إليكم رافلاً
في حلة العيش الهني السامي
فتمتعوا فيه بصفو مسرةٍ
أبقاكم الله مدى الاعوام
العيد في الخليج
رغم برودة الجو إلا أن فرحته تلهب الحرارة في النفوس حيث الاجتماعات الاسرية وتواصل الاقارب.. والاشتراك في الفرحة الخاصة بالعيد، أما المتنزهات والأماكن الترفيهية الممتلئة بالألعاب فتمتلئ بالعائلات والاطفال لقضاء أجمل الأوقات مبتهجين بقدوم العيد. وتكثر الزيارات العائلية في العيد.. ومن المعروف أنه في العيد ترتاح النساء من الطبخ لذلك تزدهر محلات الوجبات السريعة والمطاعم وتمتلئ بالزبائن لشراء أنواع الأطعمة احتفالاً بالعيد.
أما في المناطق البحرية فتظل الليالي تعكس علامات الفرح حيث تزدان الشواطئ بالاضاءات الملونة استعداداً لليوم التالي حيث تقام الاحتفالات بمناسبةالعيد بفقرات استعراضية مختلفة والعرضة السعودية وتطلق في السماء الألعاب النارية ابتهاجاً ينعكس بمزيد من هذه المشاعر الغامرة بالفرح.
وتقول أم محمد العتيبي: إن العيد في السابق ارتبط في أذهاننا بكثير من الألعاب والرقصات الشعبية أما اليوم فقد اكتفى الناس بالتلفزيون والهاتف ورغم الدور الفعال الذي تقوم به لجان التنشيط السياحي بإقامة الحفلات واحياء ليالي العيد كذلك الأمانات وما تقوم به في العيد من عروض وأهازيج ورقصات من شتى بلدان العالم لاضفاء نوع من البهجة والسرور والتقاء الاخوة من كل البلدان في فرحٍ بالعيد. ويستمر الاحتفال والابتهاج أكثر من ثلاثة أيام يقوم خلالها الناس بتبادل الزيارات والتهاني وفي الوقت الحاضر وفي ظل الازدهار الذي تعيشه مملكتنا فإن مراحل الابتهاج بالعيد قد لا تختلف كثيراً عما كانت عليه في الماضي إلا أن الكثير من الناس يحرص على زرع العادات والتقاليد الأصيلة في نفوس أبنائه وتعليمهم تراث الآباء والأجداد.
أما الاستاذة فاطمة محمد السلوم فتقول:
للعيد فرحة في نفوس الناس منذ الأزل ولم تختلف فرحتنا به بالأمس عن اليوم حيث الالتفاف الأسري والفرحة، والاطفال والهدايا والعيديات والحلويات المتنوعة.. وصفاء القلوب ونقاء النفوس.. ونحن أطفالا كنا ننتظر العيد انتظاراً وعندما نسمع طلقات المدافع نفرح ونغني ولا نستطيع النوم طوال الليل ونحن نحتضن ملابسنا الجديدة ونفكر كيف يكون غداً. ونجمع العيديات يوم العيد والكعك والحلويات أما اليوم فالاطفال يلعبون بالالكترونيات ولا يخرجون مع الناس خوفاً على ملابسهم، والشباب يقضون العيد نائمين، فلا تتحقق لهم الفرحة بالعيد لأنهم لا يحضرون للسلام وصلة الرحم والتواصل الذي يعطي العيد فرحة خاصة به.
الاستاذة نائلة كردي تقول: في السابق العيد كانت له فرحة كبيرة لكن جيل اليوم لا يشعرون بها فكان والدي يجهز ليلة العيد أدوات الذبح ليذبح صبيحة العيد ونبدأ نحن بإعداد الطعام لاستقبال الناس الذين يأتون للسلام والمعايدة ثم ننام بعد العصر ونستيقظ في المساء ليذهب الرجال إلى العرضات والسامري.
ولابد أن أعترف بأن العيد سابقاً كان يتصف بالتسامح وصفاء القلوب والزيارات المتعددة والتي تهدف إلى التواصل وليس من باب المجاملة وأعتقد أن سبب تغير شعورنا بالعيد يعود لتغير الناس أنفسهم فلم يعد حتى الأقارب والاخوان على قلب واحد. وكما قال الشاعر في القدم:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
فالناس تغيرت نفوسهم ففي السابق كنا نجتمع على وليمة صغيرة وغير متكلفة وقلب واحد. أما اليوم فالزيارات واللقاءات أصبحت متباعدة واكتفى الناس فقط بالمعايدة بالهاتف.
على أية حال، العيد هو العيد، فرحة غامرة وتوق جميل وازدهار رائع.. ولكل عيد فرحته الخاصة ونكهته المميزة، وطبيعته المختلفة وكل عيد أعيشه يأتي بفرحة جديدة لم أكن اتوقعها فرحة لا أعرف من أين جاءت ولكنها جاءت.. وأقول للجميع بالعيد.. اغسلوا سواد قلوبكم ببياض العيد فالعيد أبيض وباهر ونقي.
* ليلى الهاشم من الكويت تقول:
في الكويت لا تكتمل فرحتنا إلا بمشاركة الاسرى العيد ونسأل الله أن يعيدهم إلينا سالمين.. والاستعداد للعيد في الكويت يبدأ من الاسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك حيث الذهاب إلى الخياط والأسواق والفرح عند وضع الحنة في الأرجل والأيدي وحديث الذكريات عن الملابس الجديدة والعيدية ونذهب إلى ساحة الصفا حيث الرجال يرقصون الحدوة وتصرف العيدية لشراء الالعاب والحلاوة. أو نذهب إلى الساحات لنلعب بالمراجيح«أولادنا» ويفرحوا بالعيد. فنحن في الكويت أسرة واحدة.. فالعيد مهرجان وعرس في البيت والشوارع وكعك العيد برائحته الزكية من أشهر الروائح ليلة العيد، فعيد الفطر له نهكة متميزة يعني مناسبات الأعراس لأننا نؤجل جميع الأعراس في رمضان إلى عيد الفطر ويصبح العيد عيدين.
وفي أيام العيد نعايد بعضنا البعض ونذهب إلى العائلة الكبيرة ونلبس الذهب ونصفي النفوس فيسود الحب والرضا ونقوم بالرحلات والعزايم.. حقاً العيد له نكهة خاصة وخاصةً أنه ممزوج بفرحة الصائم بإتمام فريضة من فرائض الله ومن ثم الافطار على كل ما لذ وطاب وهو عيد المسلمين أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات.
العيد في لبنان
* إيناس محمد من لبنان تقول:
عندما يقبل العيد لابد أن نهنئ انفسنا فنحن نستقبله كعيدٍ في عيون الاطفال المكللين بالبياض، والصبايا الصغيرات وهن محملات بالبراءة والجمال، الناس يخرجون إلى الشوارع والساحات تقرع الطبول، وتوزع الحلوى.
لن أقول: «بأي حالٍ عدت ياعيد» بل سأقول رغم الوضع العربي الذي نعيشه من الجرح إلى الجرح لابد لنا من الفرح كما يليق بنا، كما يليق بحزننا.. في العيد ندعو لكل هؤلاء الذين يتبادلون التهاني والقبلات وندعو لأنفسنا بصمت وندعو لمن لا يستقبلون العيد كما نستقبله ولمن لم يهنأوا بهذا العيد..
ولكن لابد أن نعترف بأن استقبال العيد «بالمجاملات» وعبارات التهنئة لا تتوقف عند البطاقات التي تسبق المناسبة.. أيام العيد في إطار مجاملات لا حدود لها هي أيضاً بطعم السكر والوجبات الدسمة، احساس يوازي معنى السعادة بالاقبال على تناول الحلويات كما تفترضه شكليات الاحتفالية بالعيد وتفتح الاسواق أبوابها مع كل عيد على واجهات الحلوى بينما نغلق التفكير على قدرة مقاومة الاغراء. كل ما يحدث هو ايقاف اختياري لعقارب الساعة عند زمن معنون باسم المتعة في حدود الاطعمة والحلوى والنوم والفضائيات.. وليل في مدن الملاهي حيث الألعاب الكهربائية التي توقف شكلاً وأداءً وحركة عند السنوات العشرين التي مرت من عمري..
العيد في لبنان جميل وحلو ولكن ظروفنا الاقتصادية والحياتية لم تجعلنا نشعر بالفرح العارم الذي كان أهلنا يشعرون به في السابق.. ولكن من المعروف أننا نسمع قرع الطبول والأهازيج والأضواء والمفرقعات ونصحو باكراً لنرتدي الجديد ونتناول وجبة الأفطار بعد صلاة العيد ثم تبدأ الزيارات العائلية والهدايا والألعاب والعيديات في أيام العيد لا نسمع سوى كلمةواحدة «كل عام وأنتم بخير» ونتمنى أن يكون جميع العرب والمسلمين كل عام وهم بخير.
معاني هدية العيد
الهدية لها دلالاتها في حياتنا الاجتماعية واعتدنا دائماً أن نتهادى في مناسباتنا الاجتماعية في الزواج والولادة والنجاح والأعياد. والهدية الرمزية البسيطة اكثر تأثيراً في النفس من الهدايا المكلفة، وفي العيد تعتبر الهدية رمزاً متعارفاً عليه بين الناس وهي من الرموز المحببة والتي تزيد من التآلف قال صلى الله عليه وسلم «تهادوا تحابوا». وعن هدايا العيد تحدثنا ليلى الهاشم من الكويت الشقيق فتقول:
الهدايا عموماً في مجتمعنا أحياناً تكون نوعا من التباهي شكلاً ومضموناً وهذا يسبب احراجاً لبعض الأسر التي لا تستطيع أن تقدم الهدية بنفس السعر لذا أطالب بالعودة إلى تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة بتقديم هدايا رمزية غير مبالغ فيها.. وعلى العموم الهدايا مطلوبة في المناسبات فالحياة حلوة إذا شعر الانسان بحب من حوله واهتمامهم به.
وتقول ايناس محمد من لبنان: لقد اعتدت ألا أرد الهدية حتى وإن كانت قيمتها قليلة جداً، فالحياة أخذ وعطاء وحب واهتمام وعلينا أن نتبادل الهدايا القيمة في المناسبات مثل الزواج والنجاح والأعياد.. فإذا شعر الانسان بأنه يجد من يتذكره في جميع مناسباته سيدرك معنى الحياة وقيمتها وعلى كل حال فالهدية دليل الود والتقدير والاحترام وتعطينا الاحساس بالسعادة والقوة.
أما نائلة كردي من السعودية فتقول عن الهدية: الورد هو أفضل أنواع الهدايا التي تقدم في المناسبات السعيدة وهي هدية تذكرني بالأهل والصديقات.. وبدوري أحرص دائماً على إحضار الهدايا لأولادي فهي رمز وتعبير عن عواطف ومشاعر مرهفة، وتتوقف على مدى النجاح في اكتشاف هذا الترابط فالكلمة الجميلة أحياناً تكون أفضل من مليون هدية. وبالتالي إن قيمة الهدية تفقد إذا لم يحسن الانسان اختيار الهدية للشخص المناسب.
أما فاطمة السلوم من السعودية فتقول: أحتفظ دائماً بالهدايا المتبادلة بيني وبين زوجي فالهدية عموماً هي تغيير لروتين الحياة وأجمل هدية بالنسبة لي هي الورد ففيها معانٍ كثيرة أهمها الحب والاخلاص.
وتقول أم محمد العتيبي: الهدية في العيد جميلة جداً كم نسعد حين يهدينا أحد الاقرباء.. وكذلك أنا أشتري الهدايا لأولادي لأعبر لهم عن محبتي وخاصة في العيد ووقت النجاح. وعلينا أن نقيل الهدية مهما كان ثمنها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قبلها ولم يرفضها.
وتقول أم عنان من سورية: الهدية هاتف وجداني ساحر يضفي على النفوس الصفاء والنقاء والفرحة... فالهدايا تقرب الناس بعضهم إلى بعض ولابد أن تكون مناسبة وفي وقتها وتقدم للشخص المناسب وعلى العموم أجمل الهدايا العطورات والورد ففيها معانٍ سامية كثيرة.. وفي العيد أقدم باقة من الورود لجميع المسلمين في أنحاء الأرض مع بطاقة كتب عليها «كل عام وأنتم بخير».