| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اجتذبت مشكلة البطالة اهتمام الكثير من المواطنين بمختلف خلفياتهم العلمية. ولقد جسدت صحفنا المحلية تلك المشكلة تجسيداً واقعياً سواء من ناحية صيحات خريجين تتعالى تطلب الوظيفة لوضع حد لبطالة دامت عدة أعوام بعد التخرج أو من ناحية المقالات التي تطرح حلولاً لتلك المشكلات.. ولكننا إلى الآن لم نجد تجاوباً فعلياً من قبل الجهات المختصة فيما يتعلق بالحلول المطروحة.. وبصفتي أحد المواطنين الذين تجتذبهم مشكلة بطالة الخريجين بافرازاتها السلبية على الأسرة السعودية فإنني أضم صوتي إلى الأصوات التي طالبت بتقليل سنوات الخدمة المدنية إلى «25» سنة بدلاً من «40» سنة أو الوصول إلى السن النظامية للتقاعد. لقد سنت قوانين الخدمة المدنية في وقت كانت فيه آلاف الوظائف شاغرة تنتظر من يشغلها لدرجة أن كثيراً من الوظائف التي تتطلب خريجي جامعة قد شغلت بخريجي ثانوية إلا أن الظروف الحالية وكثرة أعداد الخريجين «ذكوراً وإناثاً» تقتضي اعادة تخطيط أنظمة التقاعد بدلاً من استحداث وظائف جديدة ترهق ميزانية الدولة.إن تقليل مدة الخدمة المدنية قد لا يرضي الكثيرين ولكن مشكلة البطالة التي تؤدي إلى اهدار الموارد البشرية تجعل تقليل مدة الخدمة المدنية من أنسب الحلول. إذ أنه ليس من العدالة أن يعاني مواطن بتأهيل جامعي البطالة التي قد تدفعه إلى الانحراف وادمان المخدرات في حين يحتكر مواطن آخر الوظيفة إلى أكثر من «35» سنة فهذا الوطن المعطاء هو وطن الجميع وينبغي أن ينعم بخيره الجميع.
وإذا كانت الوظيفة في القطاع الحكومي تمثل الأمن المادي للموظف فيسعى إلى التمسك بها بالرغم من عدم ملاءمتها لطموحه فإن الوسيلة التي تمكن الموظف من الانتقال إلى وظيفة أخرى مع المحافظة على هذا الأمن الوظيفي هي دمج وظائف الخدمة المدنية بالوظائف التي تعتمد على نظام التأمينات الاجتماعية للتقاعد.
إن بعض القطاعات التي تعتمد على نظام التأمينات الاجتماعية للتقاعد توفر الكثير من الوظائف بمرتبات مغرية وخصوصاً لمن يتقن اللغة الانجليزية تحدثاً وكتابة ومع ذلك فإن الكثير من موظفي الخدمة المدنية ممن يتقن اللغة الانجليزية لا يريد المجازفة بسنوات خدمة قد تصل إلى 10 سنوات بمعنى أدق وضوحاً فإن موظف الخدمة المدنية يضطر إلى احتجاز وظيفة هو في غنى عنها فقط بدافع المحافظة على سنوات الخدمة. ومن هنا تبرز أهمية دمج نظامي الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية كوسيلة لتوفير الوظائف الحكومية للشباب المؤهل جامعياً الذي لا تجتذبه وظائف أسواق الخضرة أو وظائف أسواق الذهب. لا يخفى علينا بأن هناك الكثير من التشابه بين عناصر النظامين.. فما الذي يمنع من دمجهما طالما أنه يوفر الفرصة لشغور بعض الوظائف؟.
من الملاحظ أن صيحات التقاعد المبكر قد انطلقت فقط لتخص المدرسات في قطاع الرئاسة العامة للبنات في حين تجاهلت تلك الصيحات القطاعات الحكومية الأخرى التي تحفل بموظفات من مختلف الشرائح «ممرضات، أخصائيات، اجتماعيات، أخصائيات نفسيات» مثل وزارة الصحة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
ففي هذين القطاعين نجد أن الكثير من الموظفات قد تجاوزت خدمتهن «25» سنة في حين تتكدس أعداد هائلة من خريجات علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم الصحية التطبيقية وخريجات الكليات الصحية بدون وظائف. وإذا كانت الصيحات قد ارتفعت بوجوب أن يكون التقاعد المبكر للمدرسات «15» سنة فلماذا لا يسري هذا النظام على جميع موظفات الخدمة المدنية؟ من الخدمة.. إن الخريجات العاطلات يحتجن إلى الوظيفة في الظروف الراهنة كما يحتاجها الرجل.. فإنه لا يخفى علينا أن الكثير من الشباب السعودي (بسبب محدودية موارده المادية) يسعى إلى الزواج من امرأة موظفة لكي تساعده على أعباء الحياة ومن هنا تتضاءل فرصة الخريجات (العاطلات) في الزواج ويرتفع معدل العنوسة، فتقليل خدمة المرأة «25» سنة يتيح الفرصة للخريجات للحاق بركب الزواج.لقد اتصفت قوانين الخدمة المدنية في بعض الدول الخليجية بالمرونة تتمثل في اتاحة الفرصة لشراء التقاعد لمن يرغب في التقاعد المبكر.. وفي انجلترا عندما تلغى الوظيفة بسبب من الأسباب فإن شاغلي الوظيفة يمنحون تقاعداً كاملاً وإن لم يكونوا قد أكملوا المدة اللازمة للتقاعد. فلماذا تتصف أنظمة التقاعد بالجمود في دولة تخطو خطوات واسعة نحو التقدم؟.
إن تزايد أعداد الخريجين العاطلين ظاهرة تثير القلق نظراً لقلة امكانية استيعابهم في الوظائف التي تشغر نتيجة وصول الموظفين إلى سن النظامية.. ومن هنا تبرز أهمية الخطط التمنوية الهادفة إلى ايجاد فرص العمل لتلك الفئة من المواطنين التي تعتبر احدى دعائم نهضة البلاد.والله الموفق،،،
علي القحطاني
الفايز
|
|
|
|
|